التصعيد الإسرائيلي وخطر المواجهة
إن الحرب في سوريا قلبت جميع قواعد الصراع في المنطقة فقد سمحت هذه الحرب بتعزيز القوّة التي يتمتّع بها الإيرانيون، فشكّلوا لأنفسهم مجموعات مُقاتلة على الأرض تأتمر بأوامرهم وأسّسوا قواعد عسكرية دائمة متطوّرة على الحدود القريبة مع إسرائيل. كما سمحت الحرب السورية بتقوية القدرة العسكرية لحزب الله وتسلّمه لعشرات الآلاف من الصواريخ عبر سوريا، وأخيراً الحرب السورية غيّرت نوعاً ما من العلاقة بين إسرائيل وروسيا (الصديقتين). ويبدو أن هذه العلاقة في اتجاه التغيير من الصداقة إلى احتمالية المواجهة ولو غير المباشرة، وخصوصاً بعد تصريح ليبرمان الذي هدّد بقصف الصواريخ الروسية في سوريا إذا استُخدمت ضد سلاح الجو الإسرائيلي.
تشتعل منطقة الشرق الأوسط بنار التهديدات بين الإيرانيين والإسرائيليين واحتمالية مواجهة قوية ومُدمّرة على الأراضي السورية خلال هذا الصيف. وهو ما أكّده وزير الحرب الإسرائيلي "أفيغدور ليبرمان" حين رسم لإيران على ما يبدو أنه خط أحمر حين قال: "لا نريد الحرب مع أحد، لكننا لن نسمح بمنصّات إيرانية في سوريا مهما كان الثمن، وإذا هاجمت إيران تل أبيب، فإن إسرائيل ستضرب طهران، وستدمّر كل موقع عسكري إيراني يهدّد إسرائيل في سوريا، مهما كان الثمن".
يدرك المسؤولون الإسرائيليون تماماً أن إيران لن تسكت عن الضربة الجويّة لمطار التيفور في سوريا حيث راح ضحيّة هذه الضربة سبعة من الخبراء الإيرانيين، وكانت التصريحات الإيرانية على لسان "الجِنرال علي شمخاني، أمين عام المجلس الأعلى للأمن القَوميّ الإيرانيّ" واضحة حين قال: إن الرد على هذه الضربة لا رجعة فيه. إن تصريح ليبرمان ليس تهديداً بالحرب وإنما هو مجرّد ردع، أي في حال هاجمت القوات الإيرانية تل أبيب سترد إسرائيل بضرب طهران. وهذا يعني أن انتقام إيران بضرب أية مدينة غير تل أبيب لن يقود المنطقة لحرب اقليمية بل ستكون الردود مُقتصرِة على الساحة السورية.
إن استثناء تل أبيب من الحروب المستقبلية يبدو أنه لمصلحة اقتصادية بحتة. فجميع الشركات والبورصات العالمية تعمل هناك في تل أبيب، وإسرائيل تفهم جيداً أن أية ضربة عسكرية مُحتمَلة لتل أبيب ستؤدي بالتالي لانهيار الاقتصاد الإسرائيلي لسنوات عديدة، ونحن رأينا جميعاً هلَع المواطنين الإسرائيليين إلى الملاجئ في الحروب السابقة التي قامت ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، على الرغم من أن هذه الفصائل لم تكن تمتلك المعدّات والصواريخ المتطوّرة. فبالطبع المسألة اليوم مختلفة عند الحديث عن حروب مستقبلية سواء مع الإيرانيين الذين بنوا لأنفسهم قواعد عسكرية قريبة على الحدود مع إسرائيل، وسواء السوريين الموعودين بأسلحة متطوّرة وصواريخ "أس 300" روسيّة في القريب العاجِل، وسواء حزب الله الذي حصل على عشرات آلاف الصواريخ من سوريا.
إن الحرب في سوريا قلبت جميع قواعد الصراع في المنطقة فقد سمحت هذه الحرب بتعزيز القوّة التي يتمتّع بها الإيرانيون، فشكّلوا لأنفسهم مجموعات مُقاتلة على الأرض تأتمر بأوامرهم وأسّسوا قواعد عسكرية دائمة متطوّرة على الحدود القريبة مع إسرائيل. كما سمحت الحرب السورية بتقوية القدرة العسكرية لحزب الله وتسلّمه لعشرات الآلاف من الصواريخ عبر سوريا، وأخيراً الحرب السورية غيّرت نوعاً ما من العلاقة بين إسرائيل وروسيا (الصديقتين). ويبدو أن هذه العلاقة في اتجاه التغيير من الصداقة إلى احتمالية المواجهة ولو غير المباشرة، وخصوصاً بعد تصريح ليبرمان الذي هدّد بقصف الصواريخ الروسية في سوريا إذا استُخدمت ضد سلاح الجو الإسرائيلي.
المثير للاهتمام بحق في هذه التهديدات هو أن الصحف العربية (السعودية) أصبحت منصّة للإسرائيليين لنقل تهديداتهم. فتهديدات ليبرمان جاءت عبر صحيفة "إيلاف" السعودية فيما وصفه مراقبون بأنه التطبيع الإعلامي مع إسرائيل. حيث لم تكن المرة الأولى لهذه الصحيفة التي تقوم بها بنشر مقابلات وتصريحات حصرية لمسؤولين إسرائيليين. فقبل مقابلة ليبرمان قامت الصحيفة بإجراء مقابلة مُماثلة مع رئيس هيئة الأركان "غادي أيزنكوت". وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية فإن القيادة الإسرائيلية استخدمت "إيلاف" أكثر من مرة لتوصيل المواقف الإسرائيلية حول مختلف القضايا في المنطقة، وكلها بمبادرة من الصحيفة وليس من إسرائيل.
وأضافت إن موقع إيلاف ناقش في كانون الثاني/ يناير 2016، الوزير الإسرائيلي عن حزب الليكود، زئيف ألكين، حول موضوع إمكانية العمل مع الدول العربية، وتعزيز التعاون مع إسرائيل.
وفي أيار/ 2017 الماضي، قدّم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، مُداخلة للصحيفة حول مستقبل تنظيم داعش في غزّة.
وقبل عامين، تحدّث مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق، دوري غولد، للصحيفة وكشف عن ضربة إسرائيلية لقافلة لحزب الله اللبناني في سوريا، كانت تحمل صواريخ.
وقبلها تحدّث السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة، مايكل أورين، للصحيفة من دون أن يذكر إسمه وقتها، وعلّق على اغتيال القيادي في حزب الله سمير القنطار.
فهل أصبحت الصحف العربية منصّة لإسرائيل وهل هي بداية إعلان العرب للتطبيع معها، وخصوصاً بعد مُطالبة ليبرمان لأصدقائه العرب بإظهار علاقاتهم مع إسرائيل للعلَن بحسب نفس المقابلة؟