القيادة ونتائج مؤتمر التعاون

إذا كانت القدس توحّدنا، ففلسطين كل فلسطين يجب أن توحّدنا أكثر وتوحّد شعبنا وكل القوى الحيّة والفاعِلة. وهذا يستدعي تصحيح الخطأ التاريخي بسحب الاعتراف بالعدو وتصحيح بنود الميثاق الوطني والتراجع عن اتفاق أوسلو وما تمخّض عنه. ولفْظ كل مَن يتمسّك به. كما يستدعي ترتيب البيت الفلسطيني.

البيان الختامي لقمة التعاون يعلن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ويدعو العالم للاعتراف بها كدولة

مؤتمر وزراء الخارجية العرب ومؤتمر منظمّة التعاون الإسلامي، لم يتمخَّض عنهما سوى الرفض اللفظي. فلم تقطع أية دولة علاقتها بالكيان الذي تُقيم معه علاقة. ولم تُغلَق سفارة أميركية واحدة، بل أكّدت البيانات الختامية على حق الكيان الصهيوني في القدس الغربية والاعتراف الصريح والضمني بوجوده على مساحة 78% من مساحة فلسطين أي الأراضي المحتلة منذ عام 1948. قد يتذرّع البعض أن قيادة منظمّة التحرير قد اعترفت بهذا الكيان وأنها تُطالب بحل الدولتين، وبالتالي يُردّدون الشعار التقليدي نقبل بما يقبل به الفلسطينيون.                                       

هذا التصريح يقتضي من قيادة الشعب الفلسطيني أن تُحيله إلى فرصة للنهوض واستثمار إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، واستثمار التعاطُف الشعبي في مختلف بلدان العالم والخروج من أسْر ضغوط بعض الدول الأجنبية والعربية، واتّخاذ قرارات تاريخية أهمها سحب الاعتراف بالعدو والتخلّص من اتفاق أوسلو.

التصريح قد أعطى المُبرِّر للخروج من وَهْم العملية السلمية. فهو بكل ما يحمل من مخاطر على الوجود الفلسطيني ومستقبله، سواء على صعيد الأهل في فلسطين المحتلة أو في الشتات، يؤكّد ألا سلام ممكن بين الاغتصاب وحقوق الشعوب. كما يؤكّد أن من يَهن يسهل الهوان عليه. فرغم أن هذا التصريح ليس الأول من نوعه، حيث أن معظم الرؤساء الأميركيين صرّحوا به سابقاً. كما أن الكونغرس اتّخذ قراراً به منذ سنوات. ولكن تم تأجيل تنفيذه لاعتبارات مُعيّنة. فجاء ترامب ليؤكّد عليه وينقله إلى حيِّز الوجود كهدية. وعليه إذا كانت القدس توحّدنا، ففلسطين كل فلسطين يجب أن توحّدنا أكثر وتوحّد شعبنا وكل القوى الحيّة والفاعِلة. وهذا يستدعي تصحيح الخطأ التاريخي بسحب الاعتراف بالعدو وتصحيح بنود الميثاق الوطني والتراجع عن اتفاق أوسلو وما تمخّض عنه. ولفْظ كل مَن يتمسّك به. كما يستدعي ترتيب البيت الفلسطيني.

فمن يُطالب الآخرين بعدم الاعتراف بالعدو، أولى به أن يسحب اعترافه ليكون لصوته صدى. أن تكون المواجهات مع العدو ذات أفق، بحجم العطاء والتضحية. الأجدر بالقيادة الفلسطينية أن تولي العمل المنظّم والدؤوب أولوية على التصريحات النارية. وأولوية على التنافُس الفصائلي. وأن تدرك أن شعباً قادر لديها على تغيير مجرى التاريخ وأن هذا الكيان الغاصِب أوهن من بيت العنكبوت.