المصالحة - عشر حقائق-تحديات في المشهد...!
في المشهد الفلسطيني الماثل، تتواصل الأسئلة الملحّة على الأجندة السياسية والاستراتيجية الفلسطينية اليوم ونحن على أعتاب العام 2018 أكثر من أيّ وقت مضى، خاصة بعد التطوّرات السياسية الدرامية المتعلّقة بالمصالحة الوطنية الفلسطينية، وآفاقها الحقيقية، في ظلّ سلسلة تجارب المصالحة السابقة، وفي ضوء الملفات الكبيرة المتفجّرة على الصعيد الفلسطيني الداخلي، ومنها على نحو حصري ما يتعلّق بقوات حماس وبأجهزتها الأمنية المختلفة، وما يتعلّق بأسلحتها.
هل يا ترى سيتم تجاوز هذه الملفات وغيرها لصالح تكريس المصالحة والوحدة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني...؟!.
وهل سيرتقي الجميع في نهاية الأمر فوق الذات والأجندات الفصائلية للصالح العام الفلسطيني....؟!.
ولصالح التصدّي الوطني المشترك للتحدّيات الماثلة في الأفق...."؟!
خاصة وأن إسرائيل-نتنياهو" باتت سافِرة بلا قناع، منذ سنوات، ومُجمعة على مواصلة ليس فقط أنشطة الاستيطان والتهويد وشطْب القضية الفلسطينية، بل والحروب المفتوحة على أنواعها ضد شعبنا في مختلف الأماكن الفلسطينية.
ما يعيد الأمور إلى حقيقتها وإلى مربعها الأول، حيث هناك حقائق كبيرة في المشهد الفلسطيني اليوم، تشكّل تحديات حقيقية في وجه المصالحة الفلسطينية، ومن المرجّح أن تستمر في الأفق المنظور، وربما على مدى سنوات قادمة يتوقّع أن تتحوّل خلالها الخريطة السياسية الإسرائيلية نحو المزيد والمزيد من التطرّف اليميني المتشدّد، والانزياح أكثر فأكثر لصالح"أصحاب أرض إسرائيل الكاملة، أو الكبرى أيضاً"، بل ربما تكون مساحة الحقائق-التحديات- الماثلة لاحصر لها، وهي متكاثرة يوماً عن يوم، غير أن أبرزها وأخطرها التالية:
الحقيقة الأولى- أن الاحتلال لم يقبل بأية مصالحة-وحدة فلسطينية سابقاً، ولن يقبل بهذه المصالحة أيضاً وسيواصل العبث في الداخل الفلسطيني، على الرغم من بعض التقارير التي تتحدّث عن صمت الاحتلال مؤقتاً إرضاء لمصر....؟!
الحقيقة الثانية- ليس وارداً في استراتيجيات الدولة الصهيونية لا تكتيكياً ولا استراتيجياً أيّ اعتبار أو احترام أوالتزام بأيّ تفاهم أو اتفاق يتعلّق بالقضية الفلسطينية....!
الحقيقة الثالثة- أن الاحتلال يواصل إقصاء الفلسطينيين رئاسة وحكومة وشريكاً وشعباً له قضية ووجود وحقوق راسخة.
الحقيقة الرابعة- أن تلك المخطّطات والخرائط الاحتلالية لا تشتمل عملياً - كما يريد الاحتلال - إلا على هياكل سلطة تبقى بمستوى الإدارة الذاتية من دون صلاحيات حقيقية على الأرض أوعلى أيّ من الملفات السيادية. الحقيقة الخامسة- أن الدولة الفلسطينية الموعودة، دولة"خريطة الطريق" أو"حل الدولتين" ما تزال على الورق فقط، مع وقف التنفيذ، وهذا يُبقي التحدّي الوطني الفلسطيني الأكبر بدلالاته التحررية والاستقلالية-السيادية.
الحقيقة السادسة الأخطر- أن مشروع الاحتلال الاقتلاعي الإحلالي التهويدي يجري تطبيقه على الأرض الفلسطينية على مدار الساعة من دون الالتفات إلى الفلسطينيين والعرب، أو إلى المجتمع الدولي، والاحتلال يسابق الزمن في بناء وتكريس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي في القدس وأنحاء الضفة، وغدت خرائط الاستيطان والجيش هي التي ترسم مستقبل الضفة والدولة المنتظرة...؟!، وبعبارة تلخّص المشهد : الاحتلال يختطف ويُهوّد الوطن كله من أقصاه إلى أقصاه، فما الرّد والعمل الفلسطيني...؟!
الحقيقة السابعة- أن ما يُسمّى بخيار المفاوضات والسلام قد سقط تماماً، ولا يعوّل عليه في تحقيق التطلّعات الوطنية الفلسطينية، ما يعني عملياً أن حكومة الوفاق أو الوحدة الوطنية الفلسطينية ستكون أمام استحقاق كبير: الخلاص من الاحتلال بوسائل أخرى....؟!.
الحقيقة الثامنة: أن الجبهة الأممية الإعلامية -القانونية –القضائية- الأخلاقية ضد"إسرائيل" غدت تشكّل وفق مؤشّرات عديدة الجبهة الرئيسية للفلسطينيين في الأفق، فكل الساحة الفلسطينية ترى أن هذه الجبهة هي الأهم مستقبلاً، فهل تتبنّى الحكومة -القيادة الفلسطينية قراراً حقيقياً يعكس إرادة فلسطينية جادّة بفتح ملفات الاحتلال وجرائمه أمام المؤسسات والهيئات والمحاكم الدولية...؟!
الحقيقة التاسعة - المشهد الفلسطيني مقبل وفق مختلف التقارير على مرحلة صعبة، تتعلق بما أطلق عليه"صفقة القرن" التي طرحها الرئيس الأميركي ترامب بالوكالة عن"إسرائيل"حسب بعض المصادر الإعلامية الإسرائيلية، ولا تعطي هذه الصفقة للفلسطينيين أرضاً أو سيادة ، أو دولة مستقلة: فكيف إذن ستواجه حكومة المصالحة والوفاق هذا التحدّي الكبير الذي تقف وراءه أميركا وإسرائيل ومصر ودول أخرى....!؟
الحقيقة العاشرة: تعتبر المؤسسة الإسرائيلية بإجماعها أن الصراع مع الفلسطينيين صراع وجود، والاحتلال يتربّص وأصابعه تلعب في كل مكان، وبلدوزر الإرهاب والتهويد يهدر بلا توقّف، ومبضع الاحتلال يعمل في الجسم الفلسطيني على مدار الساعة...!
فهل تشكّل هذه الحقائق-التحديات المُرعبة قاسماً وجامعاً بين كافة القوى والفصائل الفلسطينية، لتقف وراء خطة استراتيجية وأجندة سياسية واحدة في مواجهة الاحتلال ومشاريعه التي تستهدف إخراج الفلسطينيين من كافة الحسابات والأجندات الدولية كما أعلن وزير حربهم ليبرمان منذ وقت قريب....؟!