اعتقال سلمان العودة: لماذا تذكرت "المكان اللائق" الذي يوجد فيه الطريفي؟
كثيرون تساءلوا وقتها: لماذا تدخّل سلمان العودة بالذات في الموضوع؟ ومَن "كلّفه" بلعب ذلك الدور الذي وضعه في موقف مُحرِج مع متابعيه، حتى أن البعض استغرب "للتأخّر" في "مناقشة تلك الأمور"؟ وما هي هذه الأمور التي لا تُناقَش إلا بذلك الأسلوب البوليسي البحت؟ شخصياً كتبت مقالاً قبل فترة تساءلت فيه: إلى متى سيظلّ مصير عبد العزيز الطريفي طيّ الكتمان؟ ولماذا يلتزم العودة الصمت طوال هذه الفترة لطالما أنه أقرّ بوجود تواصل بينهما؟
"إنه في مكان لائق لمناقشة بعض الأمور" ..
تذكّرت هذه الكلمات التي كتبها الداعية سلمان العودة مُعلّقاً على خبر اعتقال عبد العزيز الطريفي قبل عام وأكثر، في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حيث أكّد أنه تلقّى رسالة منه وتكفّل بإيصالها لكل "المتوجّسين" من ذلك الخبر المُنتشر بقوة آنذاك على السوشال ميديا "من دون تأكيد" عن إلقاء القبض على الطريفي.
يا سبحان الله وبعد مرور عام وأربعة أشهر تقريباً يتكرّر نفس الموقف مع العودة بالذات، والذي سار على الطريق إياه وقدّر له أن يحلّ ضيفاً على "المكان اللائق" ذاته هو الآخر ليلحق بزميله الذي لا أثر له ولا أخبار جديدة عن مصيره.
كثيرون تساءلوا وقتها: لماذا تدخّل سلمان العودة بالذات في الموضوع؟ ومَن "كلّفه" بلعب ذلك الدور الذي وضعه في موقف مُحرِج مع متابعيه، حتى أن البعض استغرب "للتأخّر" في "مناقشة تلك الأمور"؟ وما هي هذه الأمور التي لا تُناقَش إلا بذلك الأسلوب البوليسي البحت؟
شخصياً كتبت مقالاً قبل فترة تساءلت فيه: إلى متى سيظلّ مصير عبد العزيز الطريفي طيّ الكتمان؟ ولماذا يلتزم العودة الصمت طوال هذه الفترة لطالما أنه أقرّ بوجود تواصل بينهما؟
حقيقة تبادر هذا الأمر إلى ذهني فور اطّلاعي على ما حلّ بالداعية سلمان العودة، وهنا لا مناص من الربط مع موضوع مهم جداً يكمن في علاقة رجال الدين بالأنظمة، وكيف يضحّون بمصداقيتهم من أجل "مكاسب" لا تدوم والأمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى في هذا المجال. ونفس الكلام ينطبق على الإعلاميين كذلك، ولنا في نموذج جمال خاشقجي "المِثال الحيّ" على أن الاصطفاف في هذا الخندق الضيّق وتمجيد الطُغاة نهايته تبقى "معلومة" ومُشينة بالمُجمَل.
قبل أن نخطّ "الشعارات العريضة" حزناً وتعاطفاً على ما يحدث في المملكة العربية السعودية هذه الأيام، والحملة التي تطال الدُعاة بالذات ونضعهم في خانة "الأبطال" الرافضين للظلم، علينا أن نتذكّر جيّداً "أدوارهم" مع نفس النظام وكيف كانوا يُجمّلون ويُزيّنون فظاعاته، وللأمانة لا يصحّ اعتبار بعض "الكلمات" المنطقية على مواقع التواصل الاجتماعي على أنها "تمرّد" و "ثورة" في وجه "أولياء نعمتهم".
ويمكن أن يتّضح الفارِق الشاسِع حقاً بين نموذج الداعية عبد العزيز الطريفي مثلاً الذي كان يكتب تغريدات نارية، ونذكر منها آخر ما خطّه على صفحته والتي كانت كما يلي "يظنّ بعض الحُكام أن تنازله عن بعض دينه إرضاء للكفّار سيوقف ضغوطهم وكلما نزل درجة دفعوه أخرى، الثبات واحد والضغط واحد فغايتهم حتى تتبع ملّتهم".
وما نشرته الأسماء التي جرى اعتقالها مؤخراً لن يصل على أية حال لنفس الدرجة من الجُرأة والشجاعة في وضع النقط على الحروف.
مع العِلم أن ما يحدث في السعودية يُنذر بأيام ٍحالِكة السواد في ظلّ حال "الهيجان" التي تُميّز النظام، الذي يقوده وليّ العهد الساعي لتثبيت أركان حُكمه غير مُميّز بين داعية ولا إعلامي ولا حتى أمير.
فهل تأخّر هؤلاء في إدراك هذه الحقيقة المُرّة، التي جعلت منهم الآن مُعتقَلين شأنهم شأن أيّ مواطن سعودي يُطالب بحقوقهم المشروعة في العيش والكرامة؟