اعتراف بالإجرام المستباح.. من يُحاسِب؟
في العام 2003 قدم كولن باول دراسة مستفيضة مع أدلة دامغة مدعومة بخرائط دقيقة عُرِضٓت عبر شاشة عملاقة في مجلس الامن الدولي للدلالة على مواقع أسلحة ألدمار ألشامل في العراق بهدف تغطية قرار شن الحرب على العراق واحتلاله ومن ثم تفكيكيه وتفتيته.
المأساة نفسها تتكرر اليوم في تقرير "تشيلكوت" حول دور بريطانيا وتحديداً دور رئيس وزراء بريطانيا انذاك طوني بلير الذي اعترف انه كان يتبع القرار الامريكي للغايات والمصالح المشتركة وللفوز بالجائزة الكبرى في قرار الحرب على العراق.لا نعلم كيف ان طوني بلير الذي اعترف بكذبه على العالم كيف يمكن ان يكون هو نفسه الذي كُلّف من قبل الطبقة العربية الحاكمة ومن الامم المتحدة رئاسة اللجنة الرباعية المكلفة إيجاد حل للملف الفلسطيني الاسرائيلي وكيف يمكن لشخص مثل طوني بلير ان يكتسب ققة ومصداقية لدى المحافل الدولية والعربية على حد سواء. طوني بلير اعترف وبكل وقاحة انه كذب على العالم بشأن قرار الحرب على العراق التي تسببت في تفكيك بنية دولة عربية وهدر دماء شعبها مسهمة في قتل وتشريد مئات الاف من العراقيين وافتعال نزف دائم لاكثر من ثلاثة عشر عاماً ولم يزل مستمراً حتى يومنا هذا، فكيف يمكن الوثوق بشخص مثل طوني بلير لتولي رئاسة اللجنة الرباعية المكلفة بحث مستقبل الفلسطينيين؟اللافت ان الاعتراف من قبل اصحاب القرار انفسهم بالكذب وتضليل الرأي العام العالمي قد تم فعلاً ولكن لم يتجرأ احد من هؤلاء بالبوح علانية لماذا كذب واعتمد اسلوب التضليل على العالم واخذ القرار بشن الحرب وهم يعلمون مسبقاً ان قراراً من هذا النوع سيؤدي الى تدمير كيان وبنية الدولة وتفتيت وتقسيم الوطن عربي وسرقة ثرواته وآثاره وطمس حضارته فهل من يجرؤ على قول الحقيقة كاملة ام أنها ستظل نصف حقيقة واعتراف بالكذب فقط؟
اذ لا يعقل ان يلجأ اصحاب القرار الى الكذب والتضليل وشن حرب دون اهداف، ونحن بدورنا نريد معرفة الاسباب والاهداف من وراء قرار شن الحرب على العراق مع اننا نعلمها علم اليقين لكننا نريدهم هم انفسهم ان يعترفوا للعالم ماذا اقترفت ايديهم وعقولهم بحق شعوبنا العربية. ما حصل في في الامم المتحدة 2004 هو اعتراف واضح من قبل كولن باول باعتماده الكذب وما حصل منذ يومين مع طوني بلير واعلانه انه اعتمد الاسلوب عينه اي الكذب وانه يتحمل كامل المسؤوليه عن قرار شن الحرب على العراق يمر امامنا مرور الكرام دون حسيب ولا رقيب ولا حتى قيام المحامين العراقيين انفسهم وحتى المحامين العرب بمبادرة لرفع دعاوى قضائية دولية في المحاكم الدولية تقضي بمحاسبة اصحاب قرار الحرب على العراق و جلبهم للمحاكمة وتوجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة شعب ومحاكمتهم مع كل من تسبب في قتل الشعوب وتمزيق وخراب الاوطان وتوجيه تهمة الجريمة النكراء وارتكاب فعل السرقة والنهب لثروات بلادنا العربية.
اما معظم الاعلام العربي حدث ولا حرج. فانه يعرض تلك التقارير الخاصة باعترافات مجرمي الحرب بكل ما للكلمة من معنى ويمر الامر مروراً عابراً من دون تسليط الضوء على كل جوانب المؤامرات التي تحاك ضد اوطاننا العربية ولم تزل.
بالامس كولن باول واليوم طوني بلير وغدا نيكولا ساركوزي ليعترف امام العالم باي ذنب ذبحت ليبيا، وبعده لوران فابيوس فرانسوا هولاند وانجيلا ميركل ديفيد كاميرون وباراك اوباما وجون كيري ورجب اردوغان واحمد داوود اوغلو وجامعة الدول العربية وربما نرى ايضاً مسؤولين عرب يعترفون بخطأ قرار المؤامرة المستمرة لاكثر من خمس سنوات متواصلة على سوريا العربية الابية وبأي ذنب عُوقِبت ولم تزل.عن اية ديمقراطية يتحدثون؟ وبأي عدل اجتماعي ينادون؟ وباية مساواة يطالبون؟
انهم كاذبون منافقون، لا هم لهم سوى خدمة الكيان الصهيوني وطمس القضية الفلسطينية وتأمين امن اسرائيل والحصول على الثروات والمغانم وسرقة الشعوب المقهورة، والتي إرتُكِب بحقها افظع الجرائم البشرية على وجه الارض.ما اشبه الامس باليوم. الم تقم القوات الاتحادية في امريكا بقتل مئات الاف من الهنود الحمر، سكان ارض امريكا الاصليين وعملت على طمس تاريخهم وحضارتهم من اجل نهب اراضيهم ونهب ثرواتهم وضمها للقوات الاتحادية؟ نحن بحاجة لانتفاضة عارمة ضد طبقة كاذبة فاسدة اوغلت في تغطية الاجرام الامريكي الغربي بحق اوطاننا وشعوبنا ومجتمعاتنا العربية.
نحن بحاجة لوقف هذا الاجرام المستباح من قبل طبقة حاكمة جل اهتمامها هو البقاء في السلطة وتجميع الثروات وتغطية هدر الدم العربي وارتكاب الجرائم المغطاة بما سُمّي الشرعية الدولية.نحن بحاجة الى زعماء لا تتهاون بهدر دمنا وقتل شعبنا العربي بل نريد قيادة عربية تحاسب كل من اتخذ ونفذ قراراً بالحرب على دولنا العربية وحولّها بكل بساطة الى اشلاء جعرافية ومجتمع مفكك ووطن مفتت وشعب مهجر تبتلعه البحار ليعود صاحب قرار الحرب ويعترف انه كذب على العالم ولكن كما يقال "بعد خراب البصره".من اجل ان ينصفنا التاريخ يوماً وحتى لا نكون شهود زور وُجب علينا ان ندفع باتجاه محاسبة هؤلاء المجرمين ومحاكمتهم امام المحاكم الدولية لوقف مسلسل استباحة اوطاننا العربية وإن لم نفعل فإننا ودون ادنى شك سنواجه ولعقود قادمة اجراماً مستباحاً ومرخصاً ضد اوطاننا العربية.