لا أحد بريء من الدّم السوري

استعانت مُختلف الأطراف بالقوى الخارجية علماً أن كل قوّة لها مصالحها الخاصّة، وهي لا تُشارك في الحرب إلا لتحقيق مصالحها. وبذلك تحوّلت سوريا إلى صر اع مصالح على أجساد شعبنا العربي السوري المنكوب.

لقد توقف زمن الإعلام عند الوضع في سوريا
يدّعي كل طرف من أطراف الصراع الدموي الدائر في سوريا أنه لا يُصيب المدنيين بأذى، وفقط الأطراف الأخرى التي تستهدف المدنيين وتقتلهم وتهدم بيوتهم وتحرق مزارعهم. كل طرف يقول مُباشرة وضمناً إن قنابله تميّز بين المدنيين وغير المدنيين فتُصيب العسكريين فقط، وهذا الطرف نفسه يقول إن الآخرين يتعمّدون قتل المدنيين وتهجيرهم وإبادتهم. هذا ليس لسان حال المُتقاتلين المُباشرين فقط، وإنما كلام كل طرف آخر في الصراع، والأطراف كثيرة.

هناك دول عربية مُتورِّطة بالدّم السوري وهي التي تُقدّم المال والسلاح والإعلام، وتُحرِّض ليل نهار من أجل تدمير سوريا، وهناك دول إسلامية مُتورّطة أيضاً، ولا تنفكّ عن ضخّ ما يلزم من عتاد وجنود إلى أرض المعركة لتبقى حامية الوطيس. وهناك وسائل إعلام مُجرمة تستمر في أعمال الدعاية على حساب المهنية الإعلامية. لقد توقّف زمن الإعلام عند الوضع في سوريا وتحوّلت وسائل الإعلام إلى وسائل دعائية مُغرِضة وكاذبة، والثمن يدفعه الشعب السوري دماء وأحزاناً وآلاماً وتهجيراً وجوعاً.

هناك مَن يدّعي إنه يدافع عن حريّة الشعب السوري، وتحت هذا الشِعار يواصل القصف والتدمير والقتل، وهناك مَن يتحدّث عن استقرار سوريا وأحوال شعبها، فلا يجد طريقاً نحو ذلك سوى سفك الدماء. المُعارضة السورية بفصائلها كافة ليست بريئة من دماء الأطفال والنساء، والنظام السوري ليس بريئاً، ولا القوى الكثيرة والمُتعدّدة التي تدعم كل الأطراف. لقد خرَّبوا سوريا ودمَّروها وباعوا نساءها في سوق النِخاسة، خاصة سوق نِخاسة العرب.

استعانت مُختلف الأطراف بالقوى الخارجية علماً أن كل قوّة لها مصالحها الخاصّة، وهي لا تُشارك في الحرب إلا لتحقيق مصالحها. وبذلك تحوّلت سوريا إلى صر اع مصالح على أجساد شعبنا العربي السوري المنكوب. أحد أركان المُعارضة السورية يقول إن المُعارضة لم تستنجد بالخارج. هذا كَذِب. المُعارضة طلبت منذ البداية إقامة منطقة حظر جوّي من قِبَل الدول الغربية وقوى 14 آذار اللبنانية، وهناك مَن طلب العون من الصهاينة مثل بسمة قضماني وكمال اللبواني وهيثم الملاّح. بالنسبة إلى الملاّح، كنت دائماً أدافع عنه كلما اعتقله النظام، ولو كنتُ أعلم أنه سيطلب عوناً من الصهاينة يوماً لطلبتُ من النظام حجزه أبدياً.

أما وسائل الإعلام بخاصّة العربية منها فعليها أن تتّقي الله في شعب سوريا. أنتم أيّها الإعلامّيون لكم وظيفة نقل الحقيقة إلى الناس وليس التدليس على الناس وخِداعهم والكَذب عليهم، وعليكم أن تتوقَّفوا عن ضخّ الكراهية والبغضاء والأحقاد بين السوريين. أنتم أيّها المُنحازون تقومون بعمل ٍقذرٍ ومخزٍ، وواضح أن الإعلام الغربي أكثر موضوعية منكم وأكثر حِرصاً على سوريا وشعبها.

الحلّ في سوريا

هناك حلّ لما هو دائر في سوريا من قِتال وهو كالتالي:
أولاً: خروج كل القوى غير السورية من سوريا، وتوقّف كل دول العالم عن تقديم الدّعم لأطراف الصراع، والعمل على استقبال المُساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي.

ثانياً: تطبيق مُعادلة معاوية وعلي لكن من دون خِداع عمرو بن العاص. يُعرِب الأسد وحكومته عن الاستعداد للتّنحي مع بقاء المؤسّسة العسكرية والأمنية السورية، وتُعرِب المُعارضة عن وقف القتال وإلقاء السلاح مع وجود ضمانات دولية.

ثالثاً: يوافق الطرفان النظام والمُعارضة قبل التنّحي وقبل إلقاء السلاح على لجنة عربية من المثقّفين والمُفكّرين العرب من خارج الأنظمة السياسية العربية تقوم على تشكيل نظام سياسي مؤقّت وهيكلية إدارية لإدارة الشؤون اليومية والمدنية للشعب السوري.

رابعاً- تُهيّئ اللجنة الأجواء لإعداد دستور سوري جديد، ولإجراء انتخابات سياسية خلال سنة من بدء عمل اللجنة تشمل مجلس الشعب والرئيس.

خامساً- يتم فتح باب الترشيح للانتخابات لكل السوريين بمن فيهم الدكتور بشّار الأسد.

نحن لسنا بحاجة لدي مستورا ولا أوباما. نحن قادرون على حلّ مشاكلنا إذا أخلصنا النوايا تجاه أمّتنا وشعوبنا. فهل يوافق الطرفان والنظام على حلّ عربي خالص من دون إدخال الخارج إلى عُقر ديارنا؟ وإذا طلب النظام والمُعارضة أسماء لعضوية اللجنة، فالقوائم موجودة، والتوافق بالتأكيد ممكن إذا كان الهدف وقف نزيف الدماء.