نعم، أنا مع التطبيع، أين المُشكلة؟

أين المُشكلة في فتح قلوبنا لبشر يشبهوننا؟ مَن أَلصَقَ تُهمة العداوة بهم؟ أوَليست حياة واحدة نعيشها؟ لِمَ الحقد؟ وما الضير في التطبيع الذي سيأتي مُحمّلاً بسلام نشتاق أن ننعم به؟

إسرائيل عدوة..
إسرائيل عدوّة، سمعتُ المذيعَ على التلفاز يقول ذلك بكل ما أوتي من قوة، قالها لي استاذي أيضاً، حينما ارتكبت إسرائيل خطأً واستشهد "بعضُ الفلسطينيين"، أمي قالت لي أن إسرائيل عدوّتنا حينما استُشهد أخوها، صوت المرأة التي صرخت من الشاشة ذات فاجعة وقالت بصوت قلبها " الله يهدّك يا إسرائيل" ما زال يطنّ في أذني، لكن لماذا؟ أوَليس من المُفترض بعد سلسلة من النقاش والتفاوض أن يأتي السلام مُحمّلاً ببيادر المحبة؟

في حرب إسرائيل على لبنان عام ٢٠٠٦ كُنتُ في الخامسة عشر من عمري، يوم قامت إسرائيل بضرب جسر في قريتي، بكيت حينها، بكيت لأن إسرائيل اغتصبت مني حق التنزّه، لم أبكِ لأنهم  زعموا أنها عدوّة ، حقدت عليها لأن التنزّه من حقّي، لكن، أوليس ظلماً أن اعتبرها عدوّة من أجل جسر صغير؟ بلى.أبي أيضاً منعني من الخروج يوماً لكنني لم أعتبره عدوّاً!.

في فلسطين يزعمون دائماً أن جندياً إسرائيلياً قتل طفلاً وهدم بيتاً، يقولون أيضاً إن "الدرّة"  قتلوه في أحضان والده!  مَن يُصدِّق؟ أنه إنسان، والإنسانية لا تُصفِّق للقاتل، لو كان الأمر صحيحاً لانتفضت شعوب العالم ومحت إسرائيل من الوجود. الفلسطينيون يكذبون إذاً، لماذا يلعبون دور الضحية دوماً في حضرة الشاشات والمنابر؟

صديقي الفلسطيني قال ذات مناسبة من على منبر الجامعة إن"القدس لنا"، وإن الجهاد ضدّ الإسرائيلي مُقدّس"، قال أيضاً "إن من لا يسعون لاسترجاع أرضهم هم عملاء وخوَنة"،غريب، ليذهبوا إلى أرض أخرى، بلاد الله واسعة، لماذا لا يرحلون إلى مناطق بعيدة تُنسيهم أرض ولدوا بها؟

توفي رئيس الكيان الإسرائيلي شيمون بيريز مؤخراً، وذهب الرئيس الفلسطيني مُقدّماً قربان التعازي، لا ضير في ذلك، السياسة فن اللعب على جِراح الشعوب. استشهد الآلاف من الفلسطينين لكن مِن بقوا لم يرحلوا.. هم على قيد الحياة وعليهم التمرّس في دوامة النسيان كي ينجوا.. الحياة لا تنتظر عابراً يبكي.. ولا تُصفّق السياسات الخارجية إلا للأقوى. كفانا مُكابرة على الواقع والأحداث، بات مُفترضاً بنا كأمّة عربية الاعتراف بإسرائيل ودولتها. كفانا وقوفاً على الأطلال. الماضي لا يُسمن ولا يُغني عن بقاء مُفترض.

لا تستغربوا كل ما سبق.. بهذه البساطة والسلاسة يريد لنا بعض الناس أن ننسى. أن نعضّ على الجرح ونتجاهله. تقول الأرقام إن ملايين العائلات في فلسطين تُدفن ويُمحى سجلها العائلي يومياً،  لأن العائلة رحلت بأكملها.

عزاؤنا يا سادتي أن الأشجار لا تنطق، والحجارة للأسف دونما لسان.. عزاؤنا يا سادتي أن الخناجر لا تخرج من الغمد وحدها، لو كانت تفعل.. لنهضت بإنسانية فقدها الكثيرون شاهرة أسنانها لتقول.. إسرائيل عدّوة الشجر والحجر.. والبشر.