بين القدس والنقَب... قصة الاستيلاء على الأراضي

أعداد عمليات الهدم التي تنفذها حكومة نتنياهو وشراهته لسياسات التطهير العرقي تزداد مع كل خطاب أو فسحة تتيح له الإفصاح عن نيّته هدم المزيد من منازل وممتلكات الفلسطينيين. أكثر من 30 عملية هدم نفّذتها آلة الهدم الإسرائيلية بحق منازل لشهداء ارتقوا خلال انتفاضة القدس بالإضافة إلى عمليات هدم منازل أسرى قابعين في سجون الاحتلال. هي سياسة عِقاب، ظنّت حكومة نتنياهو إنها ستشكّل رادعاً يلجم ويُقيّد مُنفّذي العمليات الفدائية، إلا أن النتائج كانت مُغايرة على الأرض.

حكومة نتنياهو تنتهج سياسة التطهير العرقي في هدم بيوت الفلسطينيين
عمليات الهدم والتهجير التي نفّذتها حكومة نتنياهو بحقّ الفلسطينيين في العام 2016 سجّلت أعلى معدلات منذ العام 2009، إذ شهدت عمليات الهدم ارتفاعاً بنسبة 54% خلال الأعوام الثلاثة الماضية وفق تقارير نشرتها "وزارة الأمن الداخلي في إسرائيل". وبلغ هدم المنازل 1089 منزلاً حتى نهاية العام الماضي في الضفة الغربية وحدها.

تزايد أعداد عمليات الهدم ما زال مستمراً ولم يتوقّف، وشراهة نتنياهو لسياسات التطهير العرقي تزداد مع كل خطاب أو فسحة تتيح له الإفصاح عن نيّته هدم المزيد من منازل وممتلكات الفلسطينيين، كيف لا، ولا يزال مؤشر عمليات الهدم يتزايد يوماً بعد يوم.

فالعام الجاري (2017) لم يكن فيه الفلسطينيون أسلم أو أوفر حظاً من الذي سبقه، إذ بلغ عدد المنشآت التي هدمتها سلطات الاحتلال خلال الشهر الأول من هذا العام 143 منشأة، مقارنة بـ 86 منشأة خلال الوقت نفسه من العام الماضي.

سياسات حكومة نتنياهو لم تقف عند هذا الحد من الهمجية وانتهاك الحقوق، فقد ذهبت إلى أكثر من ذلك بإجبارها الفلسطينيين على هدم منازلهم بأيديهم أو تغريمهم بكلفة الهدم، إذ تم هدم 718 منشأة بأيدي أصحابها في 2014.

صمود النقَب والأغوار بين فكّي الوحش..

الحكومة الإسرائيلية تهدم مئات البيوت في في النقب
الحال في الأغوار والنقب ليست أفضل مما هي عليه في الضفة الغربية ومناطق شرق القدس. وحش الهدم الإسرائيلي يلاحق الفلسطينيين أينما كانوا، فللقرى في تلك المناطق تاريخ طويل من عمليات "الكرّ والفرّ" أو بمعنى آخر عمليات الهدم والبناء بين الأهالي والوحش "الإسرائيلي".

من الأغوار الشمالية في الخليل إلى أمّ الحيران والعراقيب والعديد من القرى الفلسطينية في النقَب المحتل، يحاول البدو الفلسطينييون في تلك المناطق الصمود في وجه سياسات الهدم التي تنغّص عليهم حياتهم.

لا يُخفى على أحد، الـ109 مرات التي هُدِمَت فيها على التوالي قرية العراقيب ، لتصبح أكثر قرية تعرّضت لعمليات هدم كاملة في التاريخ، إلا أن قاطنيها يُعيدون بناءها في كل مرة.

ولا ننسى قرية أم الحيران في النقَب المحتل أيضاً، والتي طالتها مخالب آلة الهدم الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، والمواجهات التي اندلعت في البلدة جرّاء تصدّي أهاليها لآليات الاحتلال والتي على إثرها استشهد مواطن من البلدة هو الشهيد يعقوب أبو القيعان.

وفي الأغوار مئات المنشآت هُدِمَت في قرى ومناطق عدّة، نذكر منها الجفتلك، عين البيضاء، العقبة، ويرزا والميتة.

انتفاضة القدس وعِقاب الهدم...

عقاب الشهداء الفلسطينيين هدم منازلهم
أكثر من 30 عملية هدم نفّذتها آلة الهدم "الإسرائيلية" بحق منازل لشهداء ارتقوا خلال انتفاضة القدس، بالإضافة إلى عمليات هدم منازل أسرى قابعين في سجون الاحتلال.

هي سياسة عِقاب، ظنّت حكومة نتنياهو إنها ستشكّل رادعاً يلجم ويُقيّد مُنفّذي العمليات الفدائية، إلا أن النتائج كانت مُغايرة على الأرض، إذ لم تفلح تلك السياسة الهمجية بردع أيٍ من العمليات التي ما تلبث أن تهدأ، حتى تعود لتُلهب شرارة الانتفاضة من جديد.

أكثر من 275 شهيداً أرتقوا منذ اندلاع انتفاضة القدس في بداية تشرين الأول/ أكتبور عام2015، والانتفاضة لا تزال مستمرة، لا تردعها سياسات حكومة نتنياهو الهمجية والمخالفة لكافة المواثيق والقوانين الدولية والتي لا تحفظ حتى أبسط الحقوق من اتفاقيات حقوق الإنسان في العالم.

أصحاب الأرض... لا أرض لهم

سياسة الهدم التي تنتهجها حكومة نتنياهو ووحش الهدم الإسرائيلي، ينفّذون مخططاتهم بذرائع عدم الترخيص والبناء غير القانوني، مُتناسين أن الفلسطينيين الذين تُهدَم منازلهم، توارثوا الأرض عن عائلاتهم في عقود طويلة مضت، وضاربين عرض الحائط المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنصّ على أنه " لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسّفاً"، مستندين في ذلك إلى نص المادة (119)، الفقرة (1) من قانون الطوارئ البريطاني سنة 1945، على رغم من معرفتها المُسبقة بأن هذا القانون تم إلغاؤه لحظة انتهاء فترة الانتداب على فلسطين.

 

هو ليس الانتهاك الوحيد الذي ترتكبه "الحكومة الإسرائيلية" للقوانين والمواثيق الدولية، فهي بسياساتها العنصرية والتي هدفها الأول والأخير هو "التطهير العرقي" واستحواذ "إسرائيل" على أكبر قدر ممكن من الأرض من خلال التهجير والهدم وبناء المستوطنات. "فإسرائيل" بهذه السياسات تنتهك أيضاً المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والتي تحرم تدمير الممتلكات أياً كانت ثابتة أو منقولة.

وبهذا يبقى الرادع الوحيد لوحش الهدم "الإسرائيلي" صمود المواطن الفلسطيني في أرضه، ومواجهته لكافة سياسات التهجير والهدم والتطهير العنصري التي تمارسها "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني.