على صفيح الأجندات تغلي جبهة الجنوب

تحاول أطراف إقليمية ودولية أن تغني على ليلاها عبر إدارة جبهة الجنوب والجولان لتخدم مصالحها وأجنداتها، لكنّ درعا، التي تعتبر نقطة وصل بين مناطق الجنوب من وسط سوريا الى امتداد الحدود مع الأردن، ونقطة وصلٍ بين القنيطرة والجولان والعاصمة في الجنوب السوري، تختلف فيها حسابات دمشق التي لن تقبل بتمدد المسلحين منها باتجاه ريف العاصمة الجنوبي، كما يستحيل أن تسمح سورية بإقامة حزام أمني يحمي ظهر إسرائيل في الجولان الذي سيبقى سورياً شاء نتنياهو أم لم يشأ.

إعترف نتنياهو علانيةً وللمرة الأولى بتعاونه ودعمه لمجموعات مسلحةٍ في الجولان
على وقع أجنداتٍ تختلف تفاصيلها وتتقاطع بعض خطوطها العريضة، يغلي مثلث (الجولان – درعا – الأردن) في الجبهة الجنوبية. الاقتتال الدائر ما بين أكثرَ من خمسين فصيلاً وبين "جيشِ خالد بن الوليد"، المبايع لداعش، لا يمكن حصره في إطار الاقتتال على النفوذ المناطقي أو رغبة التنظيمِ في توسيع جغرافيا دولته المزعومة. 
في المشهد الميداني: توسّع "جيش خالد بن الوليد" إثر شنِ عناصرِه هجوماً مباغتاً على نقاطٍ عديدة في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي الخاضعِ لسيطرة مجموعاتٍ مسلحة، بهدفِ فك الحصار الّذي ظلّ مفروضاً على منطقة الحوض لأكثرَ من تسعة أشهر، مستفيداً من انشغال الفصائل المسلحة بمعركةٍ ضد الجيش السوري في حي المنشيّة. 
تعليقُ رؤوس أكثرَ من 45 مسلحاً على أعمدة الكهرباء في درعا، تعدّت أغراضُه تظهيرَ التوحش الداعشي المعتاد، إلى إخضاعِ الفصائل المسلحة في الجنوب والجولان من ناحية، وفتحِ باب استقطاب عناصرَ، من الأردن، ينخرطون في التنظيم من ناحيةٍ أخرى. 
لم يكن النزاع محصوراً في أطراف محلية يوماً، فهو ظلّ، على الدوام، يحمل في طياته أبعاداً جيوبوليتكية عند الأطراف الإقليميين والدوليين الفاعلين فيه، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. تزداد مخاوف عمّان مع اقتراب داعش وملاصقته لحدود الأراضي الأردنية، خصوصاً مع وجود تياراتٍ متشددة ومربعاتٍ أمنية فيع قد تساعد التنظيم على إيجاد موطئ قدمٍ له في الأردن، الأمر الّذي قد يؤدّي إلى تكرار مسلسل الفوضى مستهلّاً بتفجيرات قد تطال أراضيه. 
 ومع فشل الأردن باحتواء تمدد هذا التنظيم، اعتماداً على 52 فصيلاً مسلحاً تديرهم غرفة العمليات المشتركة (الموك)، منذ سنوات، والتي باتت أيامها معدودة نتيجة ظروف عدة، تكثّف المملكة الهاشمية محاولاتِ استنساخِ التجربة التركية والترويج لمشروعِ مناطقَ آمنةٍ في الجنوب السوري من خلال تسوية مع روسيا التي تربط قبولها لطرح فكرة المناطق الآمنة ككل بموافقة دمشق. 
 كلام وزير الخارجية الروسيّ سيرغي لافروف، خلال المؤتمر الصحافي المشترك الّذي جمعه مع نظيره الأرميني إدوارد نالبانديان، كان واضحاً في هذا الإطار، حيث قال: إن موسكو تنتظر توضيحات إضافية في هذا المجال، وتنطلق من أن مبادرة واشنطن حول إقامة مثل هذه المناطق الآمنة في سوريا يجب أن تأخذ في عين الاعتبار المعطيات الواقعية على الأرض في سوريا التي توجد فيها جهاتٌ كثيرة، مؤكداً ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية بهذا الشأن. 
وبحسب المعطيات يحتاج الأردن، فعليّاً، إلى أن ينحو باتجاه التنسيق مع الجيش السوري لإغلاق الحدود بطرق منظّمة، لأن طبيعة ما يجري في الجنوب السوريّ، حالياً، قد يستدعي تدخّل الجيش بهدف تطويق تمدّد داعش ضمن الجغرافية السورية، الأمر الّذي ربّما يؤدي الى انكفاء التنظيم من الأراضي السورية نحو العمق الأردنيّ بصورةٍ قد تتسبب بفقدان المملكة السيطرة على حدودها وحصول ما تتوخّاه دمشق وتخافه الأردن من تمدد داعشي داخل الأردن.
إسرائيليّاً، إعترف رئيس وزراء دولة الاحتلال، بينيامين نتنياهو، علانيةً وللمرة الأولى، اعترف بتعاونه ودعمه لمجموعات مسلحةٍ في الجولان. حيث بثت بعض وسائل الإعلامِ الإسرائيلية، المرئيّة منها والإلكترونية، مقطع فيديو يتضمن كلاماً لوزير الأمن الإسرائيلي السابق موشيه يعالون، يؤكد فيه الأخير وجودَ تعاون وتنسيقٍ أمنيين بين إسرائيل وبين ما سمّاه "منظمات المعارضة" في الجولان . 
في واقع الأمر لم يتوقّف الإسرائيلي منذ بداية الحرب عن التدخل ميدانياً في سوريا، تارةً عبر أذرعه المسلحة، وتارةً أخرى بطريقة مباشرة عندما تستدعيه الضرورة، على غرار استهدافه مواقعَ في مطار المزة بعد أن أعاد الجيش السوريّ فرض سيطرته على حلب، حيث فُرضت معادلة عسكرية وسياسية جديدة قلبت كثيراً من حسابات خصوم دمشق. 

الدور الإسرائيلي في إدارة الصراع في المناطق الجنوبية

عن هذا الدور تقول المعلومات : 
1 - إن إسرائيل لعبت دوراً كبيراً في إدارة الصراع في المناطق الجنوبية وخصوصاً في المناطق المحاذية للشريط الحدودي على امتداد 80 كم من جبل الشيخ حتى (مثلث الأردن – سورية – فلسطين المحتلة). 
2 - أثرت بشكل مباشر على سير المعارك العسكرية في المناطق المتاخمة لحدود الجولان السوري المحتل . 
3 - استحدثت غرفة عمليات في الجولان المحتل تحت اسم (مظلة النار) مهمتها تقديم الدعم الاستخباري المباشر، والناري غير المباشر، من خلال استهداف عدد من مرابضِ المدفعية للجيش السوري. 
4 - في شهر أيار/مايو عام 2016 أنشأت وحدة ارتباط بغرض التنسيق الدائم مع المجموعات المسلحة وتسهيل إدخال جرحاها الى فلسطين المحتلة وإنشاء قناة اتصالٍ مع السكان المحليين وتوطيد العلاقة مع ذوي المسلحين، لكيّ الوعي وخلق وعي جديد عند هؤلاء .   
في الخلاصة، تحاول أطراف إقليمية ودولية أن تغني على ليلاها عبر إدارة جبهة الجنوب والجولان لتخدم مصالحها وأجنداتها، لكنّ درعا، التي تعتبر نقطة وصل بين مناطق الجنوب من وسط سوريا الى امتداد الحدود مع الأردن، ونقطة وصلٍ بين القنيطرة والجولان والعاصمة في الجنوب السوري، تختلف فيها حسابات دمشق التي لن تقبل بتمدد المسلحين منها باتجاه ريف العاصمة الجنوبي، كما يستحيل أن تسمح سورية بإقامة حزام أمني يحمي ظهر إسرائيل في الجولان الذي سيبقى سورياً شاء نتنياهو أم لم يشأ.