هل ينهار سد الفرات أم داعش يناور؟

يُعدّ سدّ الفرات أحد أكبر السدود المائية في الشرق الأوسط..السدّ الذي يقع في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة السورية، يحتجز أمامه بحيرة بطول 81 كيلومتراً وعرض 8 كيلومترات وبسعة تخزينية تبلغ 14 مليار متر مكعب، ويتكوّن من قسمين، أحدهما ترابي بطول 4.5 كيلومتر ومصمم ليتحمل كافة العوامل الطبيعية والصناعية، والآخر هو المحطة الكهربائية.

الخطر الحقيقي هو خطر بعيد المدى يتمثل في تضرر المحطة الكهربائية وكلفة إصلاحها

راجت الأنباء خلال الساعات الأخيرة حول قيام تنظيم داعش في الرقة ببث تحذيرات عن خروج محطة سد الفرات عن العمل ومخاوف من انهيار السد نتيجة المعارك الدائرة في مدينة الطبقة، الأمر الذي يهدد حياة الملايين في المنطقة الممتدة من الرقة حتى دير الزور وصولاً إلى العراق في حال اندفاع مياه البحيرة للمناطق خلف السد.
وإذ أكدت مصادر محلية بث التنظيم لهذه التحذيرات، فإنه يتوجب التفريق ما بين خروج السد عن الخدمة وبين انهياره، وهما أمران منفصلان تماماً إذ لا يعني توقفه عن العمل انهياره وتسرب المياه منه.
مصادر من سد الفرات أكدت أن لا خطورة من انهيار السد نتيجة لزيادة منسوب المياه في البحيرة، فالمنسوب يرتفع بمعدل 4 سنتمترات يومياً في حال كانت المياه الواصلة ما بين 300 إلى 400 متر مكعب في الثانية، وأضافت المصادر أن مسألة انهيار السد بشكل فوري أمر شبه مستحيل، إن كان بسبب ارتفاع المنسوب أو بسبب التعرض للقصف، إلا في حالة العمل المقصود كتفجير ضخم داخلي بغرض إحداث فجوة في جسم السد.
أما الخطورة الحقيقية في هذه الحال، فهي قدرة المحطة الكهربائية على العمل.

 بحسب المصادر فإن السد مجهز ببوابات أمامية تتحكم بالمياه الداخلة إليه تدعى البوابات القوسية، بطول 13 متراً للبوابة الواحدة، وآليات التحكم بها موجودة على ظهر السد، وهنا تكمن الخطورة في حال تعرض هذه الآليات للقصف المباشر، وهو ما تنفي المصادر حدوثه حتى الآن.
أما في حال توقف البوابات القوسية عن العمل، فتوجد داخل السد بوابات المفيض ومهمتها إفراغ المياه في حال حصول تسرب إلى الداخل، إضافة إلى وجود مضخات للتجفيف.
 غمر هذه المضخات بالمياه قد يؤدي إلى احتراقها وتضرر داخلي في أجهزة السد، مما سيتطلب زمناً طويلاً من عمليات الإصلاح وتجفيف داخل المحطة.
إلا أن المصادر تشير إلى وجود آلية احتياطية إضافية، وهي عبارة عن آلية ميكانيكية داخلية تقوم بتفريغ المياه وتسمى أبواب النجاة، بطول متر واحد وعرض 50 سنتمتراً، تعيد الماء إلى المجموعة رقم 8 على المنسوب رقم 232 لتخرج المياه خارج السد على مبدأ الأواني المستطرقة.

وبذلك تؤكد المصادر عدم إمكانية انهيار السد ضمن الظروف الموجودة حالياً، وأن الخطر الحقيقي هو خطر بعيد المدى يتمثل في تضرر المحطة الكهربائية وكلفة إصلاحها.
 مناورة داعش الأخيرة ارتدت عليه، التنظيم الذي حاول صد تقدم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" باتجاه مدينة الطبقة عبر ترويج هذه الدعاية، وجد نفسه أمام خطر فراغ المدينة من المدنيين أو من تبقى منهم، وهم الذين يعوّل على وجودهم كورقة مساومة، ودرعاً بشريةً لعناصره، ما حذا به إلى نصب حواجز تجبر السكان الهاربين على العودة إلى داخل المدينة.
عناصر التنظيم أصبحوا شبه محاصرين داخل المدينة، فبعد أن قطعت "قسد" طريق الرقة حلب، سيطرت اليوم على مزرعة العجراوي الاستراتيجية المحاذية لمطار الطبقة العسكري، قاطعةً بذلك طريق الرقة السلمية، مع ورود أنباء أولية عن سيطرة عناصرها على أجزاء من المطار.
أضف إلى ذلك تمركز "قسد" على المدخل الشمالي لسد الفرات، وبذلك يصبح عناصر داعش داخل المدينة في حصار مطبق إلا من طريق واحدة، هي طريق الطبقة مروراً بالمنصورة شرقاً وصولاً إلى الرقة، الطريق المرشحة لتكون هدف "قسد" التالي، إذ لا تبعد عنها سوى 8 كيلومترات فقط.