قطر بين خيارات الصعب والأصعب؟

تتفاقم الأزمة السياسية والإعلامية بين قطر وباقي دول الخليج ولاسيما السعودية والإمارات، وسائل إعلام سعودية وإماراتية استمرت في تصديرها الإعلامي لجهة " شيطنة " قطر لدرجة الوصف الذي ارتقى لمستوى تكذيب النيات القطرية، لم تنفع كل طروحات قطر، وتحديداً ما جاء على لسان وزير خارجيتها بأن ثمة اختراقاً قد حصل في وكالة الأنباء القطرية.

قطر على مفترق طريق وخيارين أحلاهما مر
تتفاقم الأزمة السياسية والإعلامية بين قطر وباقي دول الخليج ولاسيما السعودية والإمارات، وسائل إعلام سعودية وإماراتية استمرت في تصديرها الإعلامي لجهة " شيطنة " قطر لدرجة الوصف الذي ارتقى لمستوى تكذيب النيات القطرية، لم تنفع كل طروحات قطر، وتحديداً ما جاء على لسان وزير خارجيتها بأن ثمة اختراقاً قد حصل في وكالة الأنباء القطرية، وجميع ما نُسب للأمير كان مفبركاً، قطر أدركت حجم المُعد ومستوى الاستهداف، فمضت في تعزيز رؤية ما قيل عن الأمير تميم لجهة توصيفه لإيران بالدولة المهمة والوازنة في المنطقة، فجاء اتصاله مع الرئيس روحاني وتأكيده على متانة العلاقات بين البلدين، وأنه يريد تطويرها أكثر، وأن السبيل الوحيد للتعاطي مع الجمهورية الإسلامية هو الحوار، جاء لينسف كل مخرجات قمّة الرياض مع ترامب التي ركّزت على " إلصاق " تهمة رعاية الإرهاب وتمويله بإيران، ولتشتعل الأجواء أكثر فأكثر. 

تزامناً مع مايتم تصديره إعلامياً ونقصد على المستوى الخليجي، من صورة تؤكّد فيها هذه الوسائل على الدور القيادي والريادي للعربية السعودية، وأنها الوحيدة التي " تليق " بها صفة القائد للعالمين العربي والإسلامي، يمكن في اعتقادنا توصيف م اتريده المملكة من حملتها على قطر انطلاقاً من نقطتين رئيستين : 
الأولى هي أن المملكة " تكتم " في داخلها غيظاً امتد لأكثر من سنتين خلال مجريات الحرب في سوريا، ولاسيما في البدايات حتى منتصف العام 2013، لجهة تصدّر قطر للملف السوري، وقيادتها للمهمات العسكرية في الميدان، ورسم وتفصيل كل صغيرة وكبيرة فيه تجاوزت فيه قطر حجمها وثقلها السياسي، بكثير لدرجة " همّشت " فيها العربية السعودية، عن الإحاطة وتحمّل دورها الإقليمي في المنطقة، فيأتي التصعيد السعودي عبر البوابة الأميركية لإعادة قطر لحجمها، لا بل ربما نسفه كلياً انتقاماً من سلوكها " وتطاولها " خلال فترة بعينها. 

النقطة الثانية تتعلّق بفرض العربية السعودية لحال من تكريس " الزعامة " وبلغة المال الفاعل والقادر على جعل البلاد أول محطة لرئيس أكبر دولة في العالم، لجهة توجيه رسائل لجميع الدول العربية والإسلامية على قاعدة ( هذا مصير كل من تسوّل له نفسه) التمرّد وشق عصا الطاعة عن المملكة. 

تحوّل قطر " للاستقامة "باتجاه تلقف مسارات التقارب مع طهران، وتالياً التقارب بالضرورة مع حلفاء طهران، يجعل من الثمن الذي ستدفعه قطر ليس بالقليل وهو بطبيعة الحال يبدأ بتصحيح كافة المسارات السياسية منها والعسكرية، وتحديداً في الجبهة السورية، ما يعني بالضرورة قطع كافة علاقاتها وارتباطاتها وتخلّيها بالمطلق عن الجماعات المسلّحة التي تدعمها والمحسوبة عليها في سوريا.

ما يبدو أصعب في اعتقادنا هو التسليم القطري بالإيردات السعودية الذي لن يكون أقل من مستوى " الإذعان وطأطأة الرأس "، فيما تمضي السعودية في رسمه وتشكيله في إطار العداء لإيران، يبدو هذا الخيار أصعب لأنه لن يقي قطر بطبيعة الحال من العقاب الذي لن يبدأ فقط بما قيل عن نيّة لنقل قاعدة العيديد الأميركية إلى الإمارات، ولن ينتهي بتهميش ممنهج للدور القطري في المنطقة.

لا نعرف ماذا سيحمل الأمير القطري في جعبته خلال زيارته المرتقبة للكويت التي تسعى لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، الكويت وبالرغم من سلوكها " المعتدل " حيال إيران، إلا أنها لم ( بداً) إلا من دعم الخطوات السعودية على طريق العداء والمواجهة مع الجمهورية الإسلامية. 

قطر على مفترق طريق، وخيارين أحلاهما مر، ولا نعرف ماذا سيختار الأمير " الشاب "، إذ تبدو إمارته في مهبّ ريح عاتية، فلا الانحناء لها يمنع الكسر، ولا مواجهتها باليسير السهل.