الدبلوماسية المغربية بين جسر الخليج وأفريقيا
الخليج ليس هو إفريقيا، فهذه الأخيرة لا يوجد فيها أعداء للوحدة الترابية إلا قلّة قليلة، أما دول الخليج والشرق الأوسط فهي تمثّل العالم بأسره وتمثّل الدول الإقتصادية والإعلامية الكبرى، عكس القارة الإفريقية، التي ليس لها أية قوة اقتصادية أو اقتراحية تؤثّر في الخريطة العالمية.
العلاقات المغربية الخليجية علاقة دين وهوية راسخة في تاريخ المنطقة
تُعتبر العلاقات المغربية-الخليجية، علاقة دين وهوية راسخة في تاريخ المنطقة منذ القِدم، الأمر الذي سبق وأن دفع بدول مجلس التعاون الخليجي إلى توجيه طلب إلى المغرب من أجل الانضمام إلى المجلس، باعتباره قوة إقتصادية قاريّة في القارة الإفريقية ودولة استراتيجية، نظراً لموقعه الجغرافي خاصة بعد عودة المملكة المغربية إلى الإتحاد الإفريقي. فالعلاقات الدولية تُعتبر جد متشابكة ومعقدة في ظل الأزمات الدولية من حروب ومجاعة وحصار...التي تدخل من ضمنها الأزمة الخليجية والتي دفعت ثلّة من الدول "السعودية، الإمارات، البحرين، مصر، جزر مالديف، ليبيا، موريتانيا..." إلى مقاطعة قطر ومحاصرتها إقتصادياً وإعلامياً، وذلك من خلال حجب المواقع التابعة لقناة الجزيرة القطرية، وإغلاق المنافذ الجوية والبرية والبحرية أمام المتجهين نحو قطر أو المسافرين منها نحو الدول المقاطِعة لها، وذلك بمباركة الولايات المتحدة الأميركية بدعوى أن قطر تدعم الإرهاب، في حين تبقى هذه الأخيرة بريئة من التّهم الموجّهة إليها، حسب قول أميرها وبعض فُقهاء الأمّة، أمام مدّ وجزر للأزمة الخليجية، وجد المغرب نفسه هو كذلك محاصراً بين مياه العاصفة، هل يُلبّي دعوة آل سعود ويقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وهي التي قدّمت له هبة 136 مليون دولار سنة 2014 و 1,33مليار دولار كدعم لمخطط المغرب الأخضر...الخ من الهبات التي استلمها المغرب من قطر ؟ أم يلبّي نداء السعودية التي قدّمت له كذلك الكثير من الدعم المالي لإنجاز مشاريع تنموية، وتعتبر هي كذلك حليف جد مهم للمغرب؟ لكن هذا الأخير رغم وقوفه وسط الأزمة محاولاً إيجاد حل يُناسب كل الأطراف، وكان في صالحه ذلك، ورغم كل تلك الوساطة وبيان وزارة الخارجية، فلم يكن في صالحه إرسال مساعدات لقطر رغم أن هذه المساعدات تدخل في إطار ما هو إنساني أخوي، والذي تنهجه المملكة المغربية مع كل الدول.
الخليج ليس هو إفريقيا، فهذه الأخيرة لا يوجد فيها أعداء للوحدة الترابية إلا قلّة قليلة، أما دول الخليج والشرق الأوسط فهي تمثّل العالم بأسره وتمثّل الدول الإقتصادية والإعلامية الكبرى، عكس القارة الإفريقية، التي ليس لها أية قوة اقتصادية أو اقتراحية تؤثّر في الخريطة العالمية، فإذا تدخّل المغرب في الأزمة الخليجية فسينهزم دبلوماسياً وستنقلب عليه الطاولة بما يضرّ مصالحه، وهذا ما أعلنت عنه قناة "أبوظبي" التي قامت مباشرة بعد وصول المساعدات المغربية إلى قطر ببثّ خريطة المغرب من دون صحرائه. فإذا خسر المغرب السعودية فإنه سيخسر الولايات المتحدة الأميركية، وإذا خسر قطر فإنه سيخسر تركيا، في ظلّ صمت الدبلوماسية البرلمانية المغربية التي اختارت الصمت، ولم تحرّك ساكناً إتجاه الأزمة الخليجية تاركة القلم في يد الدبلوماسية الرسمية، في الوقت الذي سارع فيه حوالى 31 برلمانياً جزائرياً إلى الإعلان عن مبادرة من أجل دعم قطر، فالخليج ليس هو إفريقيا، فلكل جسر دبلوماسيّته الخاصة به.