"كسر قواعد الاشتباك".. عنوانٌ تشكل جوبر إحدى محطاته

استطاع الجيش السوري فرض سيطرته على أحياء "القابون وبرزة وتشرين" قرب دمشق ليتبقى حي جوبر بوابة الخطر الذي يهدد العاصمة، ليأتي القرار اليوم بإغلاق هذه البوابة وكسر قواعد الاشتباك مع اللاعبين الإقليميين والدوليين وأولهم واشنطن.

تؤكد المتغيرات في الميدان السوري أن جوبر هي إحدى عناوين كسر قواعد الاشتباك
بقرار رئاسي مفاده بسط السيطرة بالكامل ورفع التهديد عن العاصمة، وإبعاد خطر الإرهاب بشكل نهائي عن دمشق بدأت عملية الجيش السوري الأخيرة في جوبر هذه المرة، مختلفة عن سابقاتها في التكتيك، والخطوات، والمراحل، وطرق الالتفاف.

خطوة تندرج ضمن خطة رئاسية، بحسب المعلومات، تستكمل رسالة من الرئيس السوري بشار الأسد.. يقول فيها للقاصي والداني "هنا دمشق".

خطة بدأها بنزوله منفرداً إلى الشارع وزيارته معرض "صنع في سوريا"، استتبعها بتحذيرات شديدة اللهجة للمسؤولين وتوجيهات بخطوات لوضع حدٍ لكل مخالف ومتجاوز، من خلال إرسال الشكاوى إلى عناوين حددتها الدولة، وفي حال عدم الاستجابة للشكاوى من المعنيين يرسلها المشتكي إلى مكتب الرئيس مباشرة.

هذا في المعطى الداخلي، لكن في الوقت نفسه لا يمكن فصل العملية العسكرية في جوبر عن مجريات الأحداث كافة.

عين على جوبر

يقع حي جوبر شمال شرق دمشق، بين باب توما والقصاع والتجارة غربا والقابون شمالا وعين ترما وزملكا شرقاً وعين ترما والدويلعة جنوباً، وهو أقرب الأحياء الى ساحة العباسيين، ويبعد حوالي سبعة كيلو مترات من القصر الجمهوري الرئاسي، وتبلغ مساحته حوالي 3 كيلو مترات مربعة.

كما يعتبر الحي بوابة الغوطة الشرقية إلى مدينة دمشق وهي شريان اقتصادي لها، بما فيها من تعدد مجالات العمل من مهنٍ شعبيةٍ وحرفية وتجارية وصناعات صغيرة.

ويبلغ عدد سكان الحي بشكل تقريبي /300.000/نسمة حسب تعداد عام 2008.

شهد الحي أول حراك مسلح له في نهاية شهر آب/أغسطس عام 2011 وحاول الحراك المسلح المتستر بمظاهرة للأهالي كان يقوم بها من كان بالحي التوجه إلى ساحة الأمويين ولكن فشلوا بذلك نتيجة قلة عددهم.

سيطرت المجموعات المسلحة (فيلق الرحمن، جبهة النصرة) لاحقاً على الحي في منتصف 2013، وتحول بعد ذلك إلى جبهة تمتد على القسم الأهم من الطريق الدائري الجنوبي باعتباره إحدى الجبهات المتقدمة باتجاه العاصمة.

يسيطر الجيش السوري على "برج 8 آذار" الذي يعتلي قمة موازية لساحات القتال، حيث يتمركز عليه القناصون لرصد المنطقة بأكملها.

في منتصف آذار من هذا العام شنت جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها في حي جوبر هجوماً عبر محور "معمل كراش" القريب من الطريق الدولي بسيارتين مفخختين تم تفجيرهما في نقطتني مختلفتين، وسرعان ما أتبعت التفجيرات، بهجمة كبيرة للمسلحين عبر المحور المذكور، بدأ بعده مباشرة الاشتباك مع عناصر الجيش السوري المرابطين في هذه النقطة.

وكان هدف الهجوم وصل حي جوبر بالقابون والسيطرة على عقدة القابون التي تشكل نقطة استراتيجية محورية في التحكم بمدينة دمشق والسيطرة عليها بالإضافة إلى ساحة العباسيين التي كانت "غرفة الموك" تضعهما في عين الاعتبار لفرض شروط ضاغطة على الدولة السورية لكسب أوراق تفاوضية وتهديد العاصمة دمشق بالوصول عبر بساتين العدوي إلى قلب مدينة دمشق، الأمر الذي كان يشكل خطراً كبيراً على دمشق.

قوات الجيش صمدت بشكل مستميت ولم تسمح للمسلحين بإحداث أي خرق بالتزامن مع المصالحات الوطنية التي خرقتها المجموعات المسلحة في برزة والقابون وكانت ترفضها وتقوم بعمليات القنص وبإطلاق القذائف والعبوات الناسفة.

في شهر تموز من هذا العام استطاع الجيش السوري فرض سيطرته على أحياء "القابون وبرزة وتشرين" ليتبقى حي جوبر بوابة الخطر - وإن كان بشكل بسيط - الذي يهدد العاصمة.

 

في السياق الإقليمي والدولي لا يمكن فصل العملية الواسعة الأخيرة في جوبر عن  صيرورة الأحداث في المنطقة.. فصلية الصوراريخ البالستية الإيرانية التي قطعت آلاف الأميال لتضرب الإرهاب في دير الزور "منطقة أم المعارك المقبلة".

وجهت الرسائل بقوة إلى الماكينة الأميركية المستترة، التي تتحكم فعلياً بدوائر القرار الأميركي، وترى في وصل طريق بحر قزوين، إيران، العراق، سوريا كارثة الكوارث، فكان وصل الحدود السورية العراقية مقتل مشروعها، عندما لم تتمكن من منع الجيش السوري وحلفائه من اللقاء بإخوانه العراقيين في الجانب المقابل للحدود، رغم الضربات الجوية الأميريكية التي استهدفت قواته كلما اقترب من التنف.

أضف على ذلك وقف التنسيق الجوي الروسي مع أميركا بعد إسقاط الأميركي لطائرة السوخوي 22 بطيارها السوري في الرصافة في الرقة، وتشديده العقوبات على موسكو التي لم تستجب بعدها طائراتها الثلاث فوق بحر البلطيق للمراقبين الجويين مما جعل مقاتلات الناتو ترافقها.

كل هذه المتغيرات مع انتظار ما قد تشهده جبهة الجنوب، تقوم في أحد عِبرها على مبدأ (احذروا الحليم إذا غضب)، وتؤكد أن جوبر في معناها الإقليمي والدولي هي إحدى عناوين "كسر قواعد الاشتباك".