عشية الانقلاب الناعم: هل حلّقت الطائرات الإسرائيلية في السماء السعودية؟
إعلان الملك سلمان بن عبد العزيز في 22 /06/2017 نقل السلطة المستقبلية من ابن أخيه محمّد بن نايف إلى ابنه محمّد بن سلمان صوّرته الرواية الرسمية السعودية سلساً وبتفاهم تام بين أعضاء العائلة الحاكِمة. بيد أنه تباعاً بدأت تطفو إلى السطح حيثيات تكون حدثت خلف الكواليس وهي أكثر إثارة ومبعث للتساؤلات.
تناقلت عدّة مواقع إخبارية ما فحواه إن إسرائيل وبغرض حماية انتقال ولاية العهد من دون أية عوائق تكون قد "أرسلت 18 طائرة مقاتلة من نوع F16I،F16CD ،F15CD، وطائرات C130 مخصّصة للتشويش الالكتروني وذلك بطلب من محمّد بن سلمان لمنع أي تحرّك ممكن من ابن عمّه محمّد بن نايف " الخبر أوردته وكالة فارس نيوز وتناقلته مواقع إخبارية عدّة. وكتبت جريدة تايمز أوف إسرائيل أن 'متحدّثاً باسم الجيش الإسرائيلي قال إن الجيش لا يعقّب على التقارير الإعلامية الآتية من الخارج". وكانت العديد من وسائل إعلام العدو الصهيوني كهآرتس قد اعتبرت التغيير في السعودية يخدم المصالح الإسرائيلية.
ليس غريباً على المتابعين أن طبخة سياسية في السعودية كانت تتبلور منذ مدة غير يسيرة بدءاً من سلسلة المراسيم الملكية التي أقرّت تغييرات كبيرة في المناصب الأمنية في أبريل 2015، أبريل2017 وأخيرا17/06/2017 أي أيام قليلة قبل تغيير وليّ العهد محمّد بن نايف. تجدر الإشارة إلى أن هذا الأخير كان أبدى معارضة للحرب في اليمن والتي يعتبر محمّد بن سلمان مهندسها وأكثر المتحمّسين لها.
كما ويتضح لمُراقب المنطقة تلاقي أهداف النظام السعودي مع أهداف إسرائيل في عدّة قضايا، يدعم ذلك ما يرد تكراراً من أنباء صحفية عن تقارب مخابراتي أمني متزايد بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، فإسرائيل والسعودية تقفان في نفس الخط من الأزمة السورية حيث تزوّد إسرائيل المحاربين قرب حدودها بالأموال كما بالأغذية، الوقود والعناية الطبية، وهو أمر لطالما أفادت به تقارير إعلامية عديدة طوال عمر الأزمة السورية. وبالمثل تلتقي الدولتان في نفس الموقف المُتشدّد من إيران وحزب الله.
وبأخذه بعين الاعتبار، لم يستغرب المتابعون كشف الأمير خالد بن فرحان بن عبد العزيز الأمير السعودي المنشقّ منذ 2013 ونقلاً عن مصدر من داخل العائلة الملكية العهد –في ما أوردته عدّة مواقع الكترونية- إن الشروط الأميركية للموافقة على توليّ محمّد بن سلمان ولاية العهد هي "الطاعة التامّة للسياسة الأميركية والإسرائيلية والموافقة على أيّ مما تطلبه منه حكومتا تلك الدولتين". ثلاثة شروط أخرى حسب المصدر ذاته لمساعدة الولايات المتحدة وليّ العهد الجديد على توليّ الحُكم قبل وفاة والده وهي ''العمل سياسياً ومالياً بالاشتراك مع الإمارات العربية المتّحدة على توطين سكان غزّة الفلسطينية في شمال سيناء كوطن بديل، التعهّد بنقل السيادة على جزيرتيّ تيران و صنافير من مصر إلى السعودية، التخلّص من حماس وكل كيان أو شخصية تساندها". ويمكن ملاحظة أهمية الشرط في ضمّ الجزيرتين المصريّتين إلى السيادة السعودية فذلك مؤداه المباشر تحويل خليج العقبة من أراضٍ مصرية إلى مياه دولية وبالتالي يكون من حق السفن الإسرائيلية المرور بحريّة عبرها من وإلى ميناء إيلات.
من المُسلّم لدى كل عارِف بأسُس سياسة الشرق الأوسط حاجة العائلة الحاكمة السعودية إلى الموافقة الأميركية على أيّ تغيير سياسي وإن كان داخلياً محضاً، وذلك بحُكم التاريخ الطويل للتداخُل الأميركي السعودي انطلاقاً من اتفاقية الحماية المعروفة باتفاقية كوينسي. ولكن هناك سبب آخر يجعل ضرورة البحث عن الموافقة الأميركية ضرورة مضاعفة، فمحمّد بن نايف الرجل القوي في المملكة ووزير الداخلية لطالما ربطته و تربطه علاقات وثيقة بالولايات المتحدة.
إلا العنصر الأكثر لفتاً في تصريحات الأمير خالد هو ما تعلّق بوجود انقسام في العائلة المالِكة حول هذه التغييرات، وربطه ذلك بحملة التغييرات الكبيرة التي بدأت سنة 2015- غير المفهومة آنذاك للرأي العام- والتي طالت العديد من المناصب العليا في الدولة وتم تفسيرها للرأي العام بتشبيب الدولة. وكان آخر تلك التغييرات (قبل التغيير الكبير) المرسومان الملكيان في إبريل من هذه السنة حيث عيّن الملك ابنيه عبد العزيز بن سلمان وخالد بن سلمان وزيرين للطاقة وسفيراً لدى الولايات المتحدة.
عملية الانتقال غير السلس تؤكّدها أنباء وضع وليّ العهد السابق قيد الإقامة الجبرية في قصره في جدّة واستبدال حرسه الخاص بآخرين عيّنهم وليّ العهد الجديد، وفق ما أوردته نيويورك تايمز ونفته السلطات السعودية لتعود وتؤكّده جريدة الغارديان.