الأزمة الخليجية... حصار أم مُقاطعة

فمفهوم الحصار يعني القيام ووضع دورية على سواحل الدولة المحاصرة عن طريق السفن الحربية، والطائرات، لمنعها من تلقّي السلع التي تحتاج إليها لشنّ الحرب ضدّها أو استيراد المواد الغذائية. والحصار سبق وأن مارسته الأمم المتحدة على السودان والعراق وليبيا.

ميناء حمد يستقبل أضخم السفن بالعالم
لا يمكن أن ننكر بأن الأزمة التي راح ضحيتها مجلس التعاون الخليجي هباء منثوراً، إذا لم يتم حل الأزمة عن طريق المساعي الحميدة والمصالحة التي تقوم بها كل من دولة الكويت والولايات المتحدة الأميركية ودول مجاورة أخرى، سيجعل المنطقة تعاني اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً، إن لم نقل إنسانياً.
فالأزمة التي تفجّرت منذ 23 آذار/مارس 2017، أي منذ مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية على إثر مشاركته في القمّة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، بتاريخ 20 و21 آذار/مارس 2017، إن لم نقل 23 آذار/مارس كانت هي النقطة التي أفاضت الكأس الخليجي، فمنطقة الخليج سبق لها وأن عرفت أزمات عبر التاريخ منها بالأساس حادثة الخفوس التي وقعت بين قطر من جهة والسعودية من جهة أخرى، وذلك سنة 1992، بالإضافة إلى أزمة عام 2014، لكن أزمة 2017 دخلت معتركاً جد معقد، بعد أن أعلنت ثلّة من الدول مقاطعة "محاصرة" قطر اقتصادياً وسياسياً وفرض مطالب تعتبر جد صعبة على الطرف القطري، الأمر الذي يدفعنا هنا إلى التساؤل، هل قطر تعيش على واقع الحصار أم المقاطعة؟. وهذا ما سأحاول مناقشته في هذه المقالة . 

فمفهوم الحصار يعني القيام ووضع دورية على سواحل الدولة المحاصرة  عن طريق السفن الحربية، والطائرات، لمنعها من تلقّي  السلع التي تحتاج إليها لشنّ الحرب ضدّها أو استيراد المواد الغذائية. والحصار سبق وأن مارسته الأمم المتحدة على السودان والعراق وليبيا.
وللدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن تأثير كبير على الحصار، وقد أشارت المنظمة إلى مجموعة من الأساليب التي تدخل ضمن الحصار وذلك في المادة 41 من ميثاقها، وإذا رجعنا إلى الأزمة الخليجية فنجد بأن دولة قطر التي تتوفّر على مشتقات النفط وأكبر مصدر للغاز الطبيعي بالمنطقة وتوفّرها على أكبر ميناء بالمنطقة الخليجية ولا هو ميناء "حمد" والذي تم تدشينه في السنوات الأخيرة والذي يستقبل أضخم السفن بالعالم، كما أن وتيرة العمل به ازدادت في ظل الأزمة الخليجية ، إذ يؤمن حوالى 40 مساراً بحرياً مع كل الموانئ العالمية، الأمر الذي يدفعني إلى القول بأن قطر لا تعيش على واقع المحاصرة من طرف الدول "السعودية، مصر، الإمارات، موريتانيا، جزر مالديف"، وإنما تعيش على واقع المقاطعة لا غير ، فالمقاطعة تعني قطع العلاقات الدبلوماسية ومنع التصدير والاستيراد إلى الدولة العدو وسحب السفراء منها.
وهذا ما قامت بها الدول الخمس المقاطعة لقطر، التي رغم الأزمة الخليجية التي تعصف بالمنطقة، لازالت تصدّر السلع والغاز الطبيعي  في كل دول قارات العالم ، أبرزها اليابان، وكوريا الجنوبية، والهند، والصين، وبريطانيا، وفرنسا،  وبلجيكا، وإيطاليا، والكويت...، إذ تصدّر الى أسيا 60 % وإلى بريطانيا 30% وإلى اليابان حوالى 15%  ...كما أنها تتوفّر عل أسطول بحري ضخم في ما يتعلق بنقل الغاز الطبيعي، ومادامت دولة قطر تتعامل مع كل دول العالم ، فلا يمكن الحديث عن الحصار، فالحصار هو الذي تعيشه دولة قابعة في الفقر والحصار من طرف الدول الكبرى . 

فالدول التي تقاطع قطر "تحاصر"، فهي تمارس المقاطعة السياسية من خلال سحب سفرائها من قطر وحجب الإعلام القطري وعلى رأسه قناة الجزيرة.
 وفي الوقت نفسه تمارس المقاطعة الاقتصادية عن طريق التوقّف عن استيراد السلع القطرية أو التصدير إليها سلع الدول الخمس المقاطعة لها، فأساليب المقاطعة تتنوّع كما تتنوّع أساليب وآليات الحصار، لكن من الناحية التطبيقية تختلف من حيث الجهة المعلنة عن تلك الآلية ومدى قوّتها وضغطها  على المنتظم الدولي لفرض الحصار، ومعها تختلف المفاهيم.