نساء إيران.. المختلفات المتشابهات

وكأنها تظاهرة، تعج القاعة بهن، في وقت متأخر من المساء ينتظرننا، لابأس، فايرانهن لها الأولوية. من كل فئات العمر مجتمعات، في الشكل والرداء والقوميات مختلفات، وفي الطموح لرفع بلادهن إلى الأعالي متشابهات.

أكثر من 60 في االمئة من رواد الجامعات في إيران هن شابات
تتناثر اقتراحاتنا جميعاً على الطاولة البيضاوية التي نجلس حولها ، لتتضافر مشكلة نواة لأفكار. برصانة الواثقة تشرح لنا المسؤولة في الرابطة الثقافية السيدة صديقة حجازي جانباً من حقوق المرأة في الدستور الإيراني، وبغضب ارتسم على ملامح وجهها الجريء تشكو المخرجة الإيرانية نرجس ابيار أسئلة وُجهت إليها في مهرجانات خارجية تشكك بمكانة المرأة في بلادها ولا تتحدث إلا عن قمع يُمارس عليها.

أومئ لها برأسي مستذكرة تلك النتائج التي زودني بها محرك البحث غوغل حول "المرأة الايرانية "، صورة نمطية مؤطرة لا تعكس ما أراه الآن أمامي من نظرات متقدة وخبرات تشاركننا فيها أكثر من عشرين إمرأة، في العلوم، والإقتصاد، والسياسة، والإعلام، وحقوق "الأقليات". تتحدث السيدة الآشورية فأسترجع وجه السيدة الكردية الإيرانية الباسم التي التقيناها في البدء وكم كانت فخورة بأنها خطت القرآن الكريم بأناملها بأجمل الخطوط.

بحماسة تسألني مديرة شؤون الأسرة في التلفزيون الإيراني عن أطفال سورية، فأشرح عن معاناتهم الجسدية والنفسية جراء حرب تحرق البشر والحجر وتغتال الطفولة في كل لحظة. تهديني الكاتبة الإيرانية سيدة أعظم حسيني نسخة عن كتابها، وفي الطريق إلى العشاء تشرح لي تلك الشابة الفتية التي تقدم النشرات الاخبارية عشقها للاعلام وشغفها للنجاح في هذا المجال.

وإن كان سقراط يقول إن عبقرية المرأة تكمن في قلبها، فإن ما يقارب 1300 طالبة ماجستير ودكتوراة يلتحقن بجامعة الزهراء للبنات سنوياً يثبتن أن عبقرية المرأة تكمن أيضا في فكرها وتتجلى في علمها. في إيران أكثر من 60 في االمئة من رواد الجامعات هن شابات، بفرح شغوف إلى المزيد تحدثثنا القائمات على الجامعة عن مذكرات تفاهم غير مكتوبة مابين جامعة الزهراء وجامعة الكويت حيث توفد طالبات من إيران إلى الكويت لدرس اللغة العربية وكذلك إلى سلطنة عُمان.

أما عن أسباب حضور المرأة  بقوة في شتى المجالات والتي رصدتها عيناي منذ اللحظات الأولى لوصولنا عندما إستقبلتنا المترجمة المتقنة لعملها منى خواسته وخبيرة شؤون قسم الدول العربية في رابطة الثقافة آمنة اسلامي في مطار طهران، وحتى انتهاء الرحلة تقول: (من أكرمهن كان كريماً، ومن أهانهن  كان لئيماً ) هو حديث الرسول محمد الأكرم إنطلقت منه بالإجابة مسؤولة في بلدية مشهد، مشهد الرضا التي سأكتب عنها في المقال الأخير الذي أروي فيه مشاهداتي عن ايران عبر ميادييننا.