إرهاب المذاهب
اليوم فرّقنا التشدّد والغلوّ المذهبي وهناك من علماء الأمّة الإسلامية في كل الفِرق، ولا استثني أية فرقة، تُغالي إلى حد الغَثَيان، تُغالي برجال الدين وببعض العلماء والفقهاء، تُغالي بالآراء ومع الأسف تُهمل القرآن.
الوهابيّة مثلاً، امتازوا بين الفِرق الإسلامية في قضية الإسراف في التكفير والتفجير، أما الشيعة فقد امتازوا بالخُرافات أيضاً، مثلهم مثل الصوفية. كما أن الأشاعرة الماتوريدية امتازوا ببعض الشطحات. إذاً الفرق الاسلامية بمسطرة واحدة، كلهم يحتاجون اليوم إلى نقض حقيقي من الداخل.
إنها كارثة عظيمة في الإسلام، أن نصبّ اهتمامنا على المُجاملات وننسى أنفسنا. الدولة البويهية والصفوية أدخلت على التشيّع في أمور لا تنسجم مع القرآن ولا تنسجم مع سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله سلّم.
وأيضاً الفِرق الإسلامية، كالفرقة السلفية الوهّابية، انتسبت، وحاولت أن تسرق مُسمّى أهل السنّة والجماعة الذين هم بعيدون كل البعد عن هذا، بل هم أهل فرقة، ومحمّد بن عبد الوهاب كان رأساً من رؤوس الفتنة في العالم الإسلامي والعربي، وكل إرهابي يتّخذ من محمّد بن عبد الوهاب شعاراً له للذبح وشعاراً للتكفير. هذه هي أخلاقهم السُباب والشتائم والتفجير والتكفير للأسف الشديد. اليوم لا نحتاج إلى اصطدامات مع أيّة فرقة من الفِرق الإسلامية ولا نحتاج إلى مُسمّيات. نحن نحتاج إلى ثورة حقيقية، ثورة غيرَة على الدين وعلى الأمّة الإسلامية.
الغيرَة على مُقدّساتنا وِفق ما جاء به القرآن الكريم وما جاء به حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، من مدرسة آل البيت أو مدرسة آل الحديث أو أية مدرسة كانت، ولكن بشروط جديدة تنسجم مع روح القرآن وتنسجم مع الفطرة والعقل، مع فكرة التعايُش التي هي أصل من أصول القرآن الكريم. التعايُش بين الفِرق الإسلامية وبين الديانات السماوية.
اليوم فرّقنا التشدّد والغلوّ المذهبي وهناك من علماء الأمّة الإسلامية في كل الفِرق، ولا استثني أية فرقة، تُغالي إلى حد الغَثَيان، تُغالي برجال الدين وببعض العلماء والفقهاء، تُغالي بالآراء ومع الأسف تُهمل القرآن. القرآن الكريم لا يزجر الإنسان ولا يُقيم عليه الحجّة، ومَن لا يستقيم بالقرآن يكون قد أدخل بنفسه إلى مَتاهة وعِبادة هوى. أنا دائماً أقول: اللّهم أخرجنا من عبادة المذاهب إلى عبادة ربّ المذاهب.
الأمّة الإسلامية في خطر ولا نحتاج أن نتمذهَب أو نكون مع فِرقة من الفِرَق. نحمي الأقلّيات ونحمي المُخالِف ونُقرّ بالخِلاف. كلُ إنسان على خير، إذا أردنا التعايُش فعلاً علينا أن نتحلّى بالشجاعة الحقيقية ونفهم ما لنا وما علينا. نحن نحتاج إلى مُراجعة فكرية وقراءة جديدة ونقدٍ لنصوصنا، نحتاج إلى قراءة جديدة لتُراثٍ دام أكثر من 1455 سنة. ما روِيَ عن النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام أن التُراث غير معصوم. وما كُتِبَ عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم غير معصوم، وما كُتِبَ عن أئمّة أهل البيت أيضاً غير معصوم.
ومَن نقل عن أهل البيت ليسوا معصومين، فمَن نقل رواية عن الإمام موسى الكاظم مثلاً أو الإمام علي عليه السلام ، بغضّ النظر إذا كان نقلاً صحيحاً أم لا ، فنحن لا نستطيع أن نعرف مدى صحّته أو بُطلانه. إذاً العصمة بالعلِم، المعرفة واحترام العقل، العصمة أن يخرج الإنسان من عباءة التمذهُب والتنطُع والغلوّ. إذا أردنا أن نتكلّم بصراحة وشفافية وأردنا لهذه الأمّة أن تنهض علينا أن نحوّل غيرتنا.فبدل أن تكون غِيرة على المذهب، تكون غِيرة على الإسلام وعلى سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. غِيرتنا على أيّ إنسان يمسّ بمُقدّساتنا ووحدتنا التي أمرَنا فيها القرآن الكريم.
الوحدة الإسلامية صمّام أمان والمحافظة على المخالف والتعايش السلمي سنّة قرآنية مؤكّدة. يجب على الإنسان أن يتخلّص من عقدة المذهبية والغلوّ. فالإنسان ومذهبه وأفكاره ليست أفكاراً معصومة لأن كل شيء يحتاج إلى نقضٍ ومُراجعة. علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا ونُراجع أنفسنا بكل شيء نفعله بحياتنا، ولا نتعامل مع ردّات الفِعل، سواء كان ذلك سياسياً أو ثقافياً، مذهبياً أو فكرياً. ردّات الفعل هذه دمّرت المذاهب، فاليوم ما يُكتَب وما يُنسَب إلى الشيعة من بعض الخُزعبلات وما يُنسَب إلى السنّة من بعض الترّهات والخُزعبلات أيضاً، ما هي إلا دسائس من أعداء الإسلام وأعداء للفِرَق الإسلامية. فقد دسّوا على الشيعة ودسّوا على السنّة ودسّوا على الأباضية والفِرَق الإسلامية. لذلك الإنسان الجاهل هو الذي يقع في فخّ الغلوّ المذهبي والطائفي. الإنسان العاقِل هو مَن يرجع ويضبط النص بكتاب الله والفطرة والسنّة الصحيحة المُتواتِرة عن سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. هذا هو المعيار وهذا هو العقل والتوازن القرآني.
يا عِباد الله، إخواني، عليكم بكتاب الله، فالله العصمة والنور والهدي وكل شيء، ومُخرِج الأمّة العربية والسلامية من هذا الانحطاط الفكري والثقافي والمذهبي والسياسي. مَخرجنا أن لا نلتفّ إلى أحزاب ولا إلى مذاهب، بل نلتفّ إلى وحدة الأمّة الإسلامية ونفعل المُشتركات في كتاب الله ونتحلّى بالغِيرة على مُقدّساتنا العربية والإسلامية.
اليهود أو الصهاينة والإدارة الأميركية أو الصهيوأميركية تستغّل الفِرَق الإسلامية، كما استغلّت التشيّع البريطاني، ياسر حبيب وجماعة ياسر حبيب والخرّافين من الشيرازية لضرب التشيّع. أيضاً هذه هي الداعشية الشيعية وأيضاً السلفية الوهّابية كل هذه الفِرق، كل هذه الأفكار، كل هذه الأدوات هي أدوات بريطانية، صهيوأمريكية تُدمّر الأمّة الإسلامية.
إن المُمارسات والتصرّفات والخُرافات من بعض المذاهب الإسلامية، ما هي إلا شيء يُدّمر الفكر الإسلامي ويُدمّر روح المحبّة وروح الإسلام. فلنرفَع أصواتنا بكلمة الحُب والسلام ، فلنرفَع أصواتنا للوحدة الإسلامية. لا فرق بين سنّي أو شيعي، فالسنّي يُدافع عن الشيعي والعكس صحيح. إن كل إنسان يحترم عقيدته ويؤمن بعقيدته التي تنسجم مع القرآن الكريم وتأمره بأن يُدافع عن الأقلّيات وأن لا يصطدم مع الآخر، بل يفعل المُشتركات وينبذ كل شيء يُفرّق المُسلمين.
فلنرجع إلى كتاب الله، إلى هَدي المُصطفى عليه السلام، نرجع إلى أخلاق أهل البيت عليهم السلام المُنسجِمة مع كتاب الله. إن كل فعل يصطدم مع كتاب الله ويصطدم مع أهل البيت، هو مكذوب، وهو مكذوب على أهل البيت عليهم السلام، ومكذوب على حضرة النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام، ومكذوب على أيّ إنسان يبتعد عن الهَدي المصطفوي المُحمّدي الأصيل. الذي ما هو ألا قبس من نور القرآن الكريم.