الميادين متواضعة .... شامخة
حينما بهتت ألوان الفضاء و استسلم الافق للون واحد و أُلبس المشهد المركب لبوس الواقع فأقصيت الآراء و شُيطنت الرموز و غُيب نبض الشارع و طُمست القضية الرمز. لزُم ان تشرق الميادين لتعيد بنورها بهاء ألوان الإختلاف دون تخلف و توجه البوصلة نحو فلسطين كل فلسطين و تنقل الواقع دون تزييف و تنميق كما هو تماماً، و تنحاز للانسان في كل مكان.
قبل البدء بتأسيسها، أعلن رئيس مجلس الإدارة رؤية القناة و أهدافها و حدد مشروعها و بوصلتها، يومها تقدم آلاف الراغبين بالانضمام إليها على امتداد العالم العربي.
كان دافعهم الرئيسي إيمانهم بمشروع القناة و مبادئها، يجمعهم الحلم بوطن عربي موحد محصن ضد التقسيم و التشرذم .
كان خصوم الميادين حينها كما حلفاؤها يرفعون سقف المأمول منها عالياً و إن باختلاف غايات الخصم و تمنيات الحليف مما جعل التحدي مضاعفاً.
كان المنطق التنافسي الإداري يميل ألى عدم المغامرة بتوظيف شباب لم يختبر ساحة الإعلام بعد و الاكتفاء فقط بمحترفين و اصحاب الخبرات لكن منطق المؤسسة المشروع و القضية انحاز إلى الشباب الخريجين الجدد ذوي الخبرات المحدودة و وجد بهم أملاً بمستقبل إعلامي نظيف، شبابٌ لم تؤطره مدارس الصحافة المعلبة و المشبوهة و لم تلوثه مناهج قنوات التحريض و التقسيم و لذلك فاقت نسبة هؤلاء الشباب في الميادين 60%.
بعد أشهر قليلة انطلقت القناة بالرغم من كل التحديات و العراقيل التي واجهتها سياسياً و أمنياً ناهيكم عن التكهنات و الاشاعات حول اّنية مشروعها و ضعف موازنتها بالاضافة إلى مضايقات ممنهجة مورست على صحافيي القناة عامةً. والحقيقة تقتضي الاعتراف بأنه آنذاك كانت الامكانات شحيحة و الخبرة قليلة و الأهداف متواضعة لكن الحلم كان كبيراً جداً.
ولدت الميادين راشدة دون أن تتنعم بطيش الصبا. فقدرها عند جمهورها حتم عليها الارتقاء إلى أعلى درجات المهنية و الموضوعية و لكن مشهد الواقع كما هو بتوقيت القدس قد أربك مخططات العابثين فتربصوا بها و دفع صحافيوها الثمن فمنهم الشهيد ومنهم الجريح و منهم المعتقل .
لم يكن هدف الميادين الركون في زوايا الفضاء و لا أن تحتل المراتب الأولى بين الفضائيات، و لم تنجر إلى التسويق لأفكار فريق هنا أو محور هناك بل كان هدفها الثابت تصويب المسار و توجيه البوصلة إلى ركنها السليم لتغطي الأحداث كما هي و ليس كما أُريد لها ان تكون و لذلك اتخذت من بيروت مقراً لها و انشأت مكاتب رئيسية في العالم العربي كفلسطين و سوريا و العراق و اليمن و مصر و تونس و الجزائر و موريتانيا الخ.
و لأن الحضور الإقليمي و الدولي مؤثر في عالمنا فانتشرت مكاتبها في روسيا و أميركا و إيران و أوروبا و توزع مراسلوها حول العالم.لا زالت الميادين متواضعة و لكنها شامخة، هناك أهداف قيد الانجاز و لكن ما تحقق كان مميزاً و مؤثراً.لا زال هناك من يحاول إخماد شعلة الميادين و لكن نورها المشع سيبقى متألقاً و لن تطفأ شعلتها مهما كاد الكائدون.