سجناء البحرين بين تفشّي كورونا وتكتّم السلطات
مركز البحرين لحقوق الإنسان حذّر من وقوع كارثة في السّجن، ما لم تنظر السلطات في أمر الإفراج عن السجناء السياسيين.
يعود ملف السجناء السياسيين في البحرين إلى الواجهة، بعد تأكّد إصابة عدد منهم بفيروس كورونا، وهو أمر يجعل السلطات البحرينية في حرج، سواء أمام أهالي هؤلاء السجناء أو أمام الجهات الحقوقية الدولية، وخصوصاً البرلمان الأوروبي، ناهيك بالإعلام الخارجي الذي انتشرت أخبار الإصابات في تغطياته الخبرية.
يُعتبر سجن "جو" المركزي الذي يقع غرب المنامة وتديره وزارة الداخلية "محطَّ الإصابات"، وهو سجن قديم تمت توسعته في السنوات الأخيرة بعد اندلاع التحركات الشعبية في العام 2011 للمطالبة بإصلاحات سياسية في البلاد.
وتكتَّمت السلطات على عدد الإصابات، لكن الأرقام المنتشرة حالياً في منصات مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى أن الأعداد بلغت أكثر من 46 إصابة. إذا صحَّ هذا العدد، فإنه يشكّل قلقاً حقيقياً لذوي السجناء وأهاليهم، وخصوصاً أن تقارير الجهات الحقوقية كثيراً ما تنتقد الإجراءات المعمول بها في السجون البحرينية، من حيث تدني الرعاية الصحية اللازمة، وانعدام التباعد الجسدي في عنابر تكتظّ بالسجناء، وتراجع الإجراءات الاحترازية، وزيادة أعداد السجناء الذين يتجاوزون 3 آلاف سجين سياسي.
الداخلية البحرينية اتّهمت "جهات خارجية وقنوات إعلامية مضلّلة بتقديم تقارير منحازة، بقصد التشكيك في الإنجازات الوطنية"، مؤكّدة أنها تتعامل مع هذا الموضوع بشفافية تامة. وقد صرَّحت عن اكتشاف إصابة 3 سجناء بفيروس كورونا، بخلاف تصريحات وزارة الصحة.
مركز البحرين لحقوق الإنسان حذّر من وقوع كارثة في السّجن، ما لم تنظر السلطات في أمر الإفراج عن السجناء السياسيين، كما أنَّ المفوضية السامية لحقوق الإنسان قالت إن الإفراج عنهم بات أكثر إلحاحاً في ظل تفشي وباء كورونا.
من جانب آخر، ما زالت السلطات غير جادة في تطبيق قانون "العقوبات البديلة" على السجناء السياسيين، فكثيراً ما يستفيد السجناء الجنائيون من هذا القانون. أما السياسيون، فإنَّ الإفراج عنهم وفق هذا القانون يأتي بعد بقاء أشهر فقط من انتهاء محكوميتهم، وهي مدد طويلة، على الرغم أنّ السلطات قدَّمت العقوبة البديلة أمام المجتمع الدولي بوصفها تدابير إصلاحية في التعامل مع ملف السجناء، وهي نصيحة قُدِّمت إلى حكومة البحرين من أصدقائهم البريطانيين، لتحسين صورتها الحقوقية.
يأمل البحرينيون، وفي مقدّمتهم عوائل السّجناء، أن تتعامل السّلطات بشكل استثنائي، ولدواعٍ إنسانيةٍ، مع هذا الملف، وأن تقوم بإفراجات موسعة عن السجناء، ولا سيَّما أنَّ السلطات ستكون مسؤولة قانونياً وأخلاقياً في الحفاظ على حقّهم في الحياة.
أهالي السجناء يطلقون نداءاتهم في مواقع التواصل الاجتماعيّ، ويؤكّدون أنّ إدارة سجن "جو" لا تردّ على اتصالاتهم، وهو ما يزيد لديهم مساحة الخوف على سلامة أبنائهم.
يُشار إلى أنَّ رئيس الوزراء الجديد الأمير سلمان بن حمد، وهو ولي العهد أيضاً، صرَّح في لقاء له مع رؤساء الصحف المحلية في شهر شباط/فبراير الماضي أنَّ البحرين ذاهبة إلى "التوسع في قانون العقوبات البديلة وتطبيق نظام السجون المفتوحة حماية للنسيج الاجتماعي وفق ضوابط"، لكن واقع الحال يختلف كثيراً، فما زال ملف السجناء السياسيون شائكاً، ولم يجد بعد معالجات حقيقية يمكن أن تخفّف من وطأته داخلياً وخارجياً.
على كلّ حال، على السلطات البحرينية أن تذهب إلى" تبييض السجون" إذا أرادت أن تخفّف من الاحتقان السياسي القائم الذي قارب 10 سنوات، فلا مهرب من ملف السجناء السياسيين إلا بمواجهته بقرارات جريئة ومغايرة عن المعالجات السابقة التي خلَّفت أوضاعاً صعبة على كلّ المستويات.