ريغان و"المجاهدون" الأفغان

بشأن لقاء الرئيس الأميركي ريغان مع قيادات "المجاهدين" الأفغان في العام 1985، يخبرنا الأرشيف أنَّ الشَّخص الذي تولّى الترجمة بين رونالد ريغان ووفد "المجاهدين" كان رجلاً أفغانياً اسمه زالماي خليل زاد!

  • لا يحقّ لأميركا الادّعاء بأنَّها المكافح الأول للإرهاب في العالم، كما تحاول أن تروّج لنفسها اليوم
    لا يحقّ لأميركا الادّعاء بأنَّها المكافح الأول للإرهاب في العالم، كما تحاول أن تروّج لنفسها اليوم

نقرأ في الأخبار كلّ شهر أو شهرين أن أميركا شنَّت غارة أو قصفت هدفاً تابعاً لجماعات "داعش" و"القاعدة" في سوريا أو العراق. وفي تلك العمليات المحدودة والمتفرقة، تتقمّص ثوبَ المُكافح الصلب للإرهاب والإرهابيين في العالم، ولكن هل هي حقاً كذلك؟ هل تعد مكافحاً مبدئياً للإرهاب؟ التاريخ الحديث يجيبنا ويخبرنا: لا.

لا يحقّ لأميركا الادّعاء بأنَّها المكافح الأول للإرهاب في العالم، كما تحاول أن تروّج لنفسها اليوم. لم تكن يوماً مبدئية في تعاملها مع الإرهاب، بل كانت تتعامل دوماً معه ومع الإرهابيين من منطلق نفعي براغماتي انتهازي، تستغلّه وتستعمله وتستفيد منه حين يصبّ في مصلحتها وفي مواجهة أعدائها، وتحاربه حين يضرّ بها. إنَّ الإرهاب بالنسبة إلى أميركا، كما كلّ شيء، مسألة تجارة وحسابات ربح وخسارة.

ولا بدَّ في هذا المقام من تذكّر سيرة الرئيس الأميركي المهووس بالحروب (والمحبوب جداً بين الأميركيين) رونالد ريغان، فهو الذي سخّر إمكانيات أميركا العسكرية والاستخباراتية والمالية الهائلة لدعم "كل أنواع المجاهدين" في أفغانستان، بهدف إلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفياتي وكسر شوكته. وقد بلغ حماسه تجاه "المجاهدين" ذروته حين استقبل قياداتهم في البيت الأبيض في العام 1985، وفرش لهم السجاد الأحمر، وأطلق عبارته الرومانسية بحقّهم، والتي يشبِّههم فيها أخلاقياً بالآباء المؤسسين لأميركا!

ولأنَّ الأرشيف لا يمكن محوه، فستبقى عبارته تلك وصمة في جبين أميركا لا يمحوها الدهر. لقد صار يونس خالص وبرهان الدين رباني وحقاني ورفاقهم، بالنسبة إلى ريغان، مثل "الآباء المؤسسين"، وهم الَّذين فرّخوا بعد فترة "طالبان" وابن لادن و"القاعدة" و"داعش" التي تقصفها أميركا اليوم.

وقد قال عنهم حرفياً: "These gentlemen are the moral equivalents of America’s founding fathers"، ويا لها من عبارة!

وبشأن لقاء الرئيس الأميركي ريغان مع قيادات "المجاهدين" الأفغان في العام 1985، يخبرنا الأرشيف أنَّ الشَّخص الذي تولّى الترجمة بين رونالد ريغان ووفد "المجاهدين" كان رجلاً أفغانياً اسمه زالماي خليل زاد!

لندقّق جيداً في الصّورة. نعم، هو زالماي خليل زاد ذاته، سفير جورج بوش في العراق بعد الغزو. نعم، إنَّه زالماي خليل زاد الذي أدى دوراً خبيثاً في التلاعب بشؤون العراق بعد الاحتلال.

  • لندقّق جيداً في الصّورة. نعم، هو زالماي خليل زاد ذاته
    لندقّق جيداً في الصّورة. نعم، هو زالماي خليل زاد ذاته

هذا الرجل عريقٌ في الخدمة ومحبوبٌ جداً في أوساط جماعة الأمن القومي والبنتاغون والخارجيّة.