دونالد ترامب نهاية مرحلة لكن علينا ألاّ نتوقع شيئاً من بايدن
لا يُستبعد أن ينهج الرئيس المنتخب جو بايدن سياسة سلفه وصديقه باراك أوباما فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط و شمال أفريقيا.
أُسدل الستار على الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد سباق ماراتوني امتدّ لخمسة أيام، بين المرشح الديمقراطي جو بايدن و الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، وانتهى بفوز المرشح جو بايدن، و بالتالي سيشهد العالم نهاية مرحلة و بداية أخرى.
من خلال قراءتنا لردود الأفعال في الداخل الأميركي وخارجه، يتبيّن أن هناك إجماع على أن مرحلة ترامب انتهت بكل عناوينها ومفرداتها، وأن المجتمع الأميركي بدأ التأسيس لحقبة جديدة، بدليل مسارعة العديد من السياسيين الأميركيين من كلا الحزبين وعدد من القادة السياسيين الغربيين إلى تهنئة الرئيس الجديد، بصرف النظر عن مآلات المنازعات القضائية التي من المحتمل أن يخوضها في الأيام القادمة فريق ترامب القانوني للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية لدى المحكمة العليا بدعوى التزوير.
الرئيس دونالد ترامب كان حالة نشاز في تاريخ السياسة الأميركية، ليس بخطاباته الشعبوية فحسب بل بعجرفته، وغروره، وتعاليه، وعنصريته البغيضة التي لم تستثن أي عرق أو لون أو دين. فضلاً عن بذاءة بعض خطاباته في حق خصومه و منتقديه.
وحتى لا نخوض في تفاصيل أكثر عن مساوئ الرجل وخطاياه، يكفي أن نذكّر بأنه أول رئيس اعترف بالقدس الشريف عاصمة "لإسرائيل" وهو تصرف لم يتجرأ أي من أسلافه على فعله، وهو من هندس عملية التطبيع مع بعض الدول العربية، إن بالترغيب او بالتهديد، فضلاً عن "صفقة القرن" المخجلة التي روّج لها. لكن السؤال الأهم الذي يبقى، ماذا يُنتظرمن بايدن فعله على صعيد السياسة الخارجية الأميركية فيما يتعلق بالعالم الإسلامي؟
من المعلوم أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية لا تتغيّر بتغيّر الرؤساء، ما يتغيّر فقط هو الاستراتيجية والوسيلة لكن الهدف يبقى على حاله، لأن عملية اتخاذ القرار على مستوى السياسة الخارجية في أميركا لا تقف محدداتها عند شخص الرئيس فقط، بمعنى آخر أن هذا الأخير لا ينفرد بقرارات السياسية الخارجية، و إنما هناك عدة عوامل تؤثر في اتجاهاتها و تحدد مساراتها.
وتبعاً لذلك، لا يُتوقّع أن يُحدث بايدن تغييراً كبيراً على صعيد السياسية الخارجية لبلاده خصوصاً تجاه القضايا الإسلامية وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، و حروب اليمن، وسوريا، وليبيا. لأن الرجل كان حاضراً في العديد من هذه الملفات ومطّلعا عليها، من خلال عمله السابق كنائب للرئيس الأميركي الأسبق بارك أوباما.
الربيع العربي الذي ساهمت في نشره الولايات المتحدة الأميركية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم يكن سوى وبالاً على شعوب المنطقة، أدخلَها في حروب داخلية طاحنة أتت على الأخضر واليابس وحوّلها الى دول فاشلة، حتى يتسنى لها – أي أميركا - إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة، بما يكفل الأمن و الاستقرار "لإسرائيل".
لذا، لا يُستبعد أن ينهج الرئيس المنتخب جو بايدن سياسة سلفه وصديقه باراك أوباما فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. ويكمل ما بدأه هذا الأخير.
ورغم إيمان جو بايدن بإمكانية حل الدولتين فيما يخص القضية الفلسطينية، إلا أنه لا يستطيع حلحلة الملف بسبب الموقف الإسرائيلي الرافض لأي تسوية سلمية تسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم الفلسطينية و عاصمتها القدس الشريف، كما أنه لا يمكنه التراجع عن فكرة نقل السفارة الى القدس فهذه الأخيرة أصبحت أمراً واقعاً لا محيد عنه.
ومهما يكن، فخسارة دونالد ترامب كانت أمراً متوقّعاً بالنظر الى العديد من الأخطاء الفادحة التي طبعت أداءه السياسي، و لكن خسارته لا تعني أن نجاح بايدن من شأنه أن يجعل الأمور تسير الى الأحسن، فالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميريكية لا تتغيّر وإن تغيّرت فستكون طفيفة إلا أنها لا تمسّ الجوهر.