الفلسطينيون بين مشروع "نيوم" و"طريق موسى وإبراهيم"
من خفايا مشروع "نيوم"، ووفقاً لموقع "هاف بوست عربي"، فإن دبلوماسياً غربياً مطّلعاً على الملف، أكّد أن هذا المشروع بعيدٌ عن الجانب الاقتصادي.
البدايات تأنّي مع ما يسمى بـ"مشروع نيوم" المرتبط بـ"الهيكل". إنه مشروع مؤامرة يتحرك في طيّ السكوت والخفاء عن العامة. أُعلن أن الكشوف الأثرية تؤكد وجود "مشروع نيوم" فوق منطقة أثرية يهودية ذات أبعاد صهيونية مثل جبل "اللوز"، الذي عاش فيه نبي الله يعقوب في تبوك، ويُعتقد أنه المكان الذي نزلت فيه الصحائف العشر على موسى عليه السلام قبل ذهابه إلى طور سيناء وقبل نزول التوراة، ولذلك جاءت تسميته بهذا الإسم نسبة إلى القوانين بالإنجليزية "LAWS".
بخطوات سريعة، سبق أن حضر باحث الآثار المعروف رون وايت، ليخرج بنتيجة جديدة مفادها أن خروج "بني إسرائيل" من مصر هرباً من فرعون لم يكن عن طريق سيناء التي كانت بمتناول يد فرعون، بل كان خروجهم عن طريق وادي "وطير" المؤدي إلى البحر وينتهي بشاطئ نويبع حيث حدث عبور البحر، واستشهد وايت، بالكثير من الأدلة منها أعمدة بناها نبي الله سليمان لتحديد مكان العبور وتقع على الجانبين المصري والسعودي.
على الجانب الآخر، تطورت الأحداث لتتبلور في آذار/مارس 2018 عقب زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى مصر، والإعلان عن تعهد القاهرة بـ1000 كيلو متر من سيناء لصالح مشروع مدينة "نيوم" العملاق، الذي أعلنت عنه المملكة سابقاً، ليفتح باب الكثير من التكهنات حول المشروع وخلفياته السياسية.
بنظرة على مشروع "نيوم" والكلمة تعني المملكة الجديدة، يمكن وصفه بـ"أرض الأحلام" فهو عبارة عن منطقة اقتصادية "ذكية" واسعة، تشمل أجزاء من بلدان ثلاث، (السعودية ومصر والأردن). المشروع يتحرك في 9 محاور اقتصادية متخصصة تُعنى بمستقبل الطاقة والمياه، والتنقل، والتقنيات الحيوية، والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع المتطور، والإعلام والإنتاج الإعلامي، والترفيه، والمعيشة.
من خفايا مشروع "نيوم"، ووفقاً لموقع "هاف بوست عربي"، فإن دبلوماسياً غربياً مطّلعاً على الملف، أكّد أن هذا المشروع بعيدٌ عن الجانب الاقتصادي، رغم أهميته، إلا أن الشقّ السياسي له لا يقل أهمية. وأضاف أن الزيارة السرية التي قام بها صهر الرئيس الأميركي ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، إلى السعودية في تشرين الأول/أكتوبر 2017، والتي كشفت عنها قناة "CNN"، لم تكن في حقيقة الأمر إلاّ لوضع اللمسات النهائية لهذا المشروع (الاقتصادي – السياسي)، مع كل من ولي العهد السعودي بن سلمان والنظام المصري.
لقد أوضح أن الفكرة باختصار هي أن "نيوم" ستكون نهاية الأزمة الإقليمية التاريخية بين العرب و"إسرائيل"، إذ سيبدأ المشروع من جنوب سيناء في مصر أولاً، ليمتدّ شمالاً ويشمل شبة جزيرة سيناء كاملةً، وبذلك يكون المثلث العملاق (الممتد في مصر والأردن والسعودية) "منطقة اقتصادية حرة". وقال "سيسمح هذا بهدوء وبساطة للفلسطينين بالتحرك والعمل، بل والعيش في الدول الـ3".
لكن السؤال المحيّر الذي يُطرح حتى الآن "ما هو بيت الخبرة الذي سيتولى التخطيط والتنفيذ هنا؟". حتى الآن هذا الخبر غير معلن، والبعض يشير إلى أن إخفاءه هو لتجنب الإشارة إلى أي اسم إسرائيلي قد يسبّب إحراجاً للجميع.
وسط ذلك وبالمحصّلة، يبدو اليوم أننا بين ثلاثة عصور، عصر "موسى" الافتراضي، وعصر ماسونية سان سيمون، وكتاب بيريز (عضو الاشتراكية الدولية) الشرق الأوسط الجديد، وهو ربط الجغرافيا في (حوض البحر الأحمر – وادي عربة - سيناء – السويس)، بتاريخ "ماسوني كوزموبوليتي" للمدن في هذا الحوض، بحيث تكون بديلاً عن الدولة العربية ومجالاً حيوياً للمستعمر في تبدّياته المتلاحقة بين المتروبولات الرأسمالية وبين امتدادها الصهيوني.
هكذا صارت المدن الاستثمارية في الحوض المذكور وما تبقّى من دول عربية على طريقَي "إبراهيم وموسى" الافتراضيين، محطاتٌ متناثرة لمدينة المدن الماسونية "إسرائيل" وهي تلعن بابل. وعليه، تبقى هي أحد المشاريع نحو توطين الفلسطينيين منذ نكبة أيار/مايو 1948، تطورت بعد سيناريوهات التطبيع الأخيرة وصولًا لــ"نيوم" السعودي الذي ضمّ شمال الحجاز مع الخطّ البحري (البحر الأحمر) وجنوب الأردن، كما يتقاطع مع ما يُعرف في العقل اليهودي، بطريق موسى إلى جانب طريق آخر، طريق إبراهيم الذي تسبّب بتحطيم العراق ومحاولة تحطيم سوريا في الإطار نفسه.
واقع الحال أن مراقبين كثر ذهبوا إلى التأكيد على أن المشروع هو البذرة الأولى "لصفقة القرن" التي يتم الحديث عنها دون الكشف عن بنودها، كاشفين عن الدور الإسرائيلي المنتظر كمسؤول تقني للمشروع، فضلاً عما ينتظر الفلسطينيين من مآلاته كالتوطين في مشروع الأحلام.. فهل تصل محطة اللاجئين الفلسطينيين إلى مشروع "نيوم" و"طريق موسى وإبراهيم"؟