حلف البترودولار مع عقلية المكر الصهيونية

حالة الذلّ والهوان العربية الحالية لن تستمرّ إلى الأبد، لأنّ الشّعوب قد تتعرَّض لحروب وتمرّ بمحن قاسية وتُبتلى بحكّام خونة طغاة، لكنَّها لا تموت.

  • الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
    الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

ترامب يخبر العالم بأخبار التطبيع بين "إسرائيل" ودولتي الإمارات والبحرين، وكوشنر يخبر بأجواء العلاقات الحميمة بين الرياض والصهاينة، ولا تملك الدولتان الخليجيتان الجرأة على إعلان اتفاقيات التطبيع قبل أن يعلنها الرئيس المهووس بحمى الانتخابات القادمة وحملاتها.

عندما انطلق قطار التطبيع والخيانة منذ العام 1979، وإثر زيارة الرئيس السادات إلى "إسرائيل"، وإلقائه الخطاب في الكنيست الإسرائيلي، قامت الدنيا ولم تقعد ضد السادات ومصر، إلى درجة نقل مقر جامعة الدول العربية من مقرّها الدائم في القاهرة إلى تونس.

اليوم، لم تهتز شعرة في "بدن" الأمة العربية الممثّلة في جامعة الدول العربية لما آلت إليه الأمور، وانقلبت الأخيرة مئة وثمانين درجة، من تأييد دائم لفلسطين وقضيتها المركزية إلى "لكمة تحت الحزام"، ستتبعها لكمات.

إن واقع الحال والمواقف التي اتخذتها الجامعة على مدى العقدين الماضيين تجاه قضايا عربية، تشير كلّها إلى انقلاب دورها من دور عربي إلى دور ممهّد وخادم للمخطّطات الأميركية الصهيونية. ومن الواضح أنّ حكام العرب ألعوبة بيد الصهاينة، ولا يملكون أيّ قرار من أنفسهم. كلّ ما لديهم هو المال الّذي لا يستفيدون منه من دون إذن أسيادهم.

الأوامر الجديدة للحكّام العرب بعد التطبيع، وخصوصاً ابن سلمان وابن زايد، هي بناء قواعد عسكرية تجسّسية بأموالهم وعلى أراضي بلادهم في الخليج. هذه القواعد ستُمنح للصهاينة ليستخدموها ضد إيران. وبموجب ذلك، سیصبح الصهيوني جاراً لها على بُعد عشرات الكيلومترات مِن السّاحل الإيراني. وإذا احتاج الأمر، تفتح الأجواء لطائراته العسكريّة!

يتباهى وزير الخارجيّة الأميركي بومبيو باتّفاق السّلام الإماراتي الإسرائيلي الأخير، ويقول إنّ المنطقة تتغيّر بسرعةٍ، وإنّه ناقش في كل محطّة توقّف فيها أثناء جولته التي شملت عواصم خليجيّة، إلى جانب السودان، كيفيّة الاتّحاد لمواجهة التّهديدات الإيرانيّة للمنطقة. ومن الواضح، بمجرد حدوث أدنى اشتباك، أنَّ الدول العربية الواقعة على سواحل الخليج ستصبح منطقة حربية. وفي هذه الحالة، ستكون أكبر الخاسرين.

باعتراف غربي، تمتلك إيران حالیاً القدرة على تدمير جميع القواعد العسكرية الأميركية والصهيونية المحتملة في المنطقة وتعطيلها بشكل كامل بضغطة زر. قد يعتقد الصّهاينة أنَّهم إذا هاجموا إيران من القواعد العسكرية الموجودة في تلك الدول العربية، فإنها ستردّ على المواقع نفسها، ولن يقع ضرر في الأراضي المحتلّة. 

هم يقارنون أنفسهم بالولايات المتحدة الأميركية، فعند استشهاد الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، هاجمت إيران القواعد الأميركية في العراق فقط. في الواقع، هذا ليس أكثر من حلم! سوف تردّ إيران على أيّ اعتداء بكلّ قوتها، وقد حفروا قبورهم بهذه الخطة.

إنّ حالة الذلّ والهوان العربية الحالية لن تستمرّ إلى الأبد، لأنّ الشّعوب قد تتعرَّض لحروب ودمار، وقد تمرّ بمحن قاسية، وتُبتلى بحكّام خونة طغاة، لكنَّها لا تموت، وستتجاوز محنها وتستردّ عافيتها.