مهزلة الكيان.. "يحسبون كلّ صيحة عليهم"
"عنصرٌ مِنْ حزب الله قُتل في دمشق، والشمال كلّه مشلول". بهذه العبارات، لخّصَ ليبرمان مهزلة أمنيَّةً جديدة عاشها كيان الاحتلال الإسرائيلي.
في أعقاب الحدث الأمني الذي عاشه الشمال الفلسطيني على الحدود الجنوبية مع لبنان، صرّح أفيغدور ليبرمان قائلاً: "نصرُ اللهِ أثبت مع الأسف أن كلمته كلمة، والعين بالعين، والسن بالسن..."، وقال أيضاً: "عنصرٌ مِنْ حزب الله قُتل في دمشق، والشمال كلّه مشلول".
بهذه العبارات، لخّصَ ليبرمان مهزلة أمنيَّةً جديدة عاشها كيان الاحتلال الإسرائيلي عصرَ ذلك اليوم، تلخّصت بخوفٍ وتوتّرٍ وهستيريا جعلت الجيش الإسرائيليّ يتوهم دخولَ خلية من المقاومة إلى مزارع شبعا، وتنفيذ عملية قصف لدبابة ميركافا بصاروخ كورنيت مضادّ للدروع، الأمر الذي نفاه حزب الله لاحقاً، بعد أن ترك "إسرائيل" تعيش حالةً من "رعبِ الشّمال"، ليبشّرها بأنّه لم يشتبك مع جيشها، ولم يطلق النار، بل إنَّ النار كانت من طرف واحد، وربما قصف متبادل إسرائيلي من هضبة الجولان على مزارع شبعا.
الحزب في بيانه المتأخر قال بوضوح إنّ الرد آت حتماً، وعلى "إسرائيل" أن تبقى منتظرة لتنال العقاب، مضيفاً إلى ثأرِ الشهيد علي كامل محسن ثأرَ قصف قرية الهبارية، الذي اعتبره عملاً عدوانياً لن يتم السكوت عنه.. وإنَّ غداً لناظره قريب.
وفي هذا السياق، نستخلص أوليّاً النتائج التالية:
1- "إسرائيل" تعيش خوفاً لم تعهده في تاريخها. وأقتبس هنا كلمة جاءت على لسان رئيس بلدية كفرشوبا، نقلها عن جلال الدين الرومي، وهي بحقّ تفسر حالة هذا العدو اليوم. يقول الرومي: "كالذي يَتربَّصُ أنْ يُصفَع".
2- "إسرائيل" التي كانت تقصف 40 قرية لبنانية لمجرد سقوط صاروخ أو قذيفة، أصبحت اليوم تقصف - إذا فرضنا وجود عملية للمقاومة - الأحراج المحيطة بمنطقة العملية، ثم تكتفي بذلك، وتطلب من الطرف المقابل الاكتفاء!
3- الداخل الإسرائيلي أصبح يعيش خوفاً يوازي خوف قادته السياسيين والأمنيين، وكلام ليبرمان يؤكد أنّ الكلمة الفصل التي تتحكّم بوعي الإسرائيليين تعود إلى نصر الله.
4 - حزب الله أثبت أنه أستاذ في الحرب النفسية، إذ تعمّدَ السكوت عن إصدار بيان مبكر ينفي فيه قيامه بعمل عسكري، الأمر الذي سمح له بتسليط كمّ هائل من الرعب واللاوضوح على الكيان برمّتِه، وزاده شرعيةً لردٍّ قاسٍ تدخل فيه معادلة الاعتداء على لبنان عبر قصف الهبارية، ليحصل الإجماع داخل لبنان على أحقية الردّ.
5 - حزب الله حافظ عبر بيانه على المعادلة الرادعة التي أرساها أمينه العام، بأنّ كل كادر أو جندي له يرتقي شهيداً في سوريا، ستتحمّل "إسرائيل" المسؤولية الكاملة، وأنّ الرد حتمي.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خرج في بيان تأخّرَ حوالى نصف ساعة، وهو مرتبك ومتوتر، واكتفى خلاله بكلمتين اعتاد الجميع سماعهما، معتبراً أنَّ بيان حزب الله تهديد حقيقي لهم، متوعداً بردّ كبير على أي عملية، الأمر الَّذي لن يمرّ مرور الكرام على المعارضة الدّاخلية التي تنتظر أيّ عثرة لاستثمارها ضد نتنياهو، ناهيك بالمجتمع المُربك الذي أصبح ينتظر بيانَ السيد نصر الله، بدلاً من بيانات وعنتريات قادتِه ومسؤوليه.
انتهى الزمن الذي تفعل فيه "إسرائيل" ما تشاء، وأصبحنا نعيش في زمن يختلط فيه الخوف والاشتباك الوهمي مع التغطية الإعلامية المغلوطة. كلّ ذلك تحت شعار "على إجر ونص.. قِفْ".