لكم دينكم وللشامِ إسلامها

هذا هو الإسلام الذي أعرفه، وهؤلاء هم المسلمون الذين جاورتهم سَكَناً وزاملتهم دِراسةً وصادقتهم في الحياة.

  • لكم دينكم وللشامِ إسلامها
    أنا من الشام التي جعلت الجميع يرتفعون بأخلاقهم وكبريائهم وليس بالحجارة

حديث صحيح للرسول "ص" يقول: "إِذَا فسدَ أهلُ الشامِ فَلا خيرَ فِيكُمْ، ولا تزالُ طائفةٌ من أُمّتي منصورين، لا يضرُّهم مَنْ خَذَلَهم حَتَّى تقومَ الساعةُ".

إذا كان إسلامكم هو "جئناكم بالذبح" وقطع الرقاب والحرق، فأنا من بلاد الشام وإسلامها الذي فَهِمته من الآية 107 في سورة الأنبياء "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ".

إذا كنتم قد وضعتم في المناطق التي سيطرتم عليها بالرعب حرف "ن" على أبواب النصارى، للعودة إلى زمنٍ بعيدٍ أُجبر المسيحيون فيه بتعليقِ شياطين من خشبٍ على أبوابهم، فأنا من بلاد نذكرُ عن رسول الإسلام "ص" عندما سأل عن جاره اليهودي الذي كان يرمي القاذورات أمام بيت الرسول، وزاره لمّا مرض.

إذا جئتم إلى الشام، تريدون أن تعودوا بنا إلى زمن قديم تَمّ إجبار المسيحيين بلبس نِعالٍ بلونين مختلفين الأول أصفر أو أحمر والثاني أسود، ولبس "الغيار والزنار" والقلانس، ومَنعَهم من ركوب الخيل ومن التوجّه إلى الأسواق يوم الجمعة، من مبدأ أن على النصارى ألا يتشبَّهوا بالمسلمين في ثيابهم وسروجهم ونِعالهم، فأنا من الشام التي خرّجت الأطباء الذين كانوا مؤتمنين على الخلفاء المسلمين والوزراء والحاشية والشعب.

إذا كان الإسلام الذي تريدون نقله يمنع "النصارى" من أن ترتفع أبنيتهم فوق أبنية المسلمين، فأنا من الشام التي جعلت الجميع يرتفعون بأخلاقهم وكبريائهم وليس بالحجارة.

إذا كانت جاهليتكم تعني أن نضع نحن المسيحيون قلّادات ضخمة في رقابنا وندفع "الجزية" ورؤوسنا مذلولة، فبلاد الشام وأهلها - مسلمون ومسيحيون - جعلتنا نشمخُ في العلا.

إذا كان إسلامكم لكم فقط، ورحمتكم لكم فقط، وصحتكم والدعاء لكم فقط، فأنا تعلّمتُ من خليفة المسلمين هارون الرشيد كيف قام بالدعاء في الحج، لطبيبه المسيحي السرياني جبرائيل بن بختيشوع. هذا هو الإسلام الذي أعرفه، وهؤلاء هم المسلمون الذين جاورتهم سَكَناً وزاملتهم دِراسةً وصادقتهم في الحياة، ودافعتُ معهم عن الأرض وبوصلتنا فلسطين و"اللواء"، والقِيم، وبوصلتنا "الإنسان".

لن تجد أيها "الجاهلي" مسيحياً شامياً لم يتنسّم روح الإسلام، ولن تجد مسلماً لم تنعشه سورة "مريم" في القرآن.

ورمضان الشام هو رمضان الجميع، رمضان الإحسان والعطف، رمضان الطاعات، ورمضان المحبة، ورمضان السلام.

إسلامكم الذي تنادون به، هو إسلام الذبح والقتل والرعب والخوف. أما الإسلام الذي أعرفه والذي فهمته، هو إسلام السلام في الحديث الشريف "أَوَلا أدُلّكم على شيءٍ إذا فَعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم".

إسلامُ السلام، هو ما قام به مفتي سوريا الشيخ د. أحمد حسون، عندما كلّفني بإرسال رسائل سلام لأكثر من مائتي شخصية مسيحية في العالم، وليس من "إسلامكم" ما نسمعه ونراه من ذبحٍ وقتلٍ وحرقٍ وصلبٍ وقطعِ رؤوسٍ.

رمضان الشام، وفطر الشام، وفصح وميلاد الشام، وأضحى الشام، أتَوا وسيأتون في كلِّ موسمٍ للجميع، مسلمين ومسيحيين.

ورمضان، الذي عرفته من العلماء المسلمين مثل إبن عربي وعبد القادر الجزائري ومحسن الأمين وغيرهم الذين عاشوا وماتوا في الشام، هو رمضان الذي أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتقٌ من النار، هو رمضانُ المحبةِ والإخاءِ بالنسبة للجميع.

فكل عامٍ وأنتم "الإنسانيون المسلمون" ونحنُ "الإنسانيون المسلمون والمسيحيون" بخير.

اللهم اشهد إني بلّغت