بعد تصريحات قيس سعيد.. من يتحكّم بعلاقات تونس الخارجيَّة؟
أثارت تصريحات رئيس الجمهورية التونسيّة قيس سعيد، خلال الحوار الذي بُثّ الأسبوع الماضي على القناة التونسيّة الأولى حول موقف تونس من "صفقة القرن"، العديد من التّساؤلات، ولا سيّما تلك المتعلّقة بعدم رضا الرئيس عن مضامين بيان وزارة الخارجيَّة.
إنَّ رئيس الجمهورية في تونس، وفقاً لدستور العام 2014، هو المسؤول الأوّل في البلاد عن العلاقات الخارجية والدبلوماسية الوطنية، وبالتالي كان يجب ألّا ينتظر بياناً من وزارة الخارجيَّة، وأن يسارع إلى إصدار موقف رسميّ من "صفقة القرن" ما دام ذلك متاحاً تقنياً ودستورياً.
كانت إعادة العلاقات مع سوريا على رأس الوعود أو الالتزامات التي قطعها سعيد على نفسه خلال حملته الانتخابية، ولكن، وبعد مرور أكثر من 100 يوم على تقلّده مهامه كرئيس للبلاد، لم نلحظ أيَّ تحرك رسميّ تونسي في هذا الاتجاه، وخصوصاً أنّ الملفّ يعدّ حيوياً لتونس وأحد مقوّمات أمنها القومي، ويعتبر أساساً في ما يتعلّق بالإرهابيين التونسيين المقاتلين في سوريا.
أيضاً، رافق الزيارة التي قام بها رئيس الدولة التركية، رجب طيب إردوغان، إلى تونس العديد من التساؤلات التي أثارها في الأساس تضارب التصريحات من هذا الجانب أو ذاك حول مضامينها والالتزامات التي تعهَّد بها الطرفان خلالها.
وكالعادة، جاء توضيح رئاسة الجمهورية متأخّراً ليزيد غموض هذه الزيارة التي تناولت الشّأن الليبيّ بكلّ ثقله، والّذي يمسّ أمن تونس القومي وحدودها بشكل مباشر.
كذلك، إنّ تغييب تونس، الجار الأقرب إلى ليبيا، عن مؤتمر برلين الَّذي خُصّص للبحث عن حلول للملفّ الليبيّ، واكتفاء الموقف الرسمي في البلاد برفض المشاركة بذريعة الدعوة المتأخّرة، يطرحان التّساؤل حول قدرة الدبلوماسية التونسية على تمثيل البلاد وعلى فرض صوتها في الملتقيات الدوليّة، وأهمها تلك التي تمسّها بشكل مباشر.
ومنذ يومين، رصد أغلب وسائل الإعلام في العالم تحركات بحرية تركية عسكرية في اتجاه سواحل ليبيا، تخلّلها إنزال عددٍ من الجنود والعتاد في مكان غير بعيد عن حدود تونس الجنوبية الشرقية، لكن لم ينبس الموقف الرسميّ التونسي ببنت شفة، رغم التأكيد الإعلاميّ للرئيس على رفض أيّ تدخّل أجنبي في ليبيا.
كلّها تساؤلات يثيرها الغموض الّذي يلفّ الدبلوماسية التونسية وعلاقاتها الخارجيَّة التي منح الدّستور رئيس الجمهورية مسؤولية إدارتها بما يخدم البلاد.