"الملك" نتنياهو في قفص الاتّهام
حظوظ نتنياهو ضيِّقة وضئيلة للخروج من الأزمة في ظلّ هذه الظروف، ولكن يبقى رهانه أن يصنع المعجزة ويذهب إلى انتخاباتٍ ثالثةٍ يحظى بأغلبيةٍ يُشكِّل من خلالها الحكومة.
توجيه لوائح اتّهام ضدّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عدَّة قضايا أخطرها قضية 4000 أو ما تُعرَف بقضية موقع واللا العبري والذي يتّهم فيها نتنياهو أنه قدَّم رشوة لمالِك الموقع وصاحِب شركة بيزك للاتصالات شاؤول ألوفيتش، مقابل تغطية جيّدة تخدم مصالح نتنياهو على موقع واللا العبري، كسابقةٍ في تاريخ الكيان الصهيوني، لا يمكن قراءتها من منظورٍ قضائي فقط، حيث القانون لا يفرض على نتنياهو تقديم استقالته ولا يمنعه من مُزاوَلة مهامه إلا بعد صدور قرارٍ قضائي نهائي من المحكمة، الأمر الذي يحتاج حسب النظام القضائي الإسرائيلي إلى ثلاث درجات من التقاضي بمعنى على الأقل مدة خمس سنوات كما حدث في سوابق مُماثِلة.
لكن المستوى الأهم في القراءة هو التوقيت حيث النظام السياسي الإسرائيلي منذ سنة تقريباً يعاني من الشَلَل الوزاري وحال عدم الاستقرار سيطرت على المشهد، وبعد قيام انتخابات لمرتين مازالت الأزمة قائمة، لذا من الواضح أن المُستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبلت في هذه المرحلة الأخيرة قبل الذهاب إلى انتخاباتٍ ثالثة، يقول بطريقته القانونية إن نتنياهو السبب الرئيس في خلق هذه الحال في إسرائيل، ويعفي من ذلك كلاً من "بيني غانتس" وأفيغدور ليبرمان من تهمة إفشال تشكيل حكومة وحدة صهيونية، بل على العكس يزيد من نزاهتهما أمام ناخبيهما وجمهورهما أنهما رفضا الجلوس مع سياسي فاسِد كنتنياهو في حكومة واحدة، رغم كل المُغريات، وفي حال انتهت فترة الواحد والعشرين يوماً ولم تستطع الكنيست تشكيل حكومة، وتم إقرار الذهاب إلى انتخاباتٍ جديدةٍ ثالثةٍ سيُشكّل ذلك قوّة وزخماً لهما في تلك الانتخابات.
التهديد الرئيسي بالنسبة إلى نتنياهو أن تحدث حال من حالات التمرّد عليه من داخل حزب الليكود على أثر تلك لوائح الاتهام، أما بالذهاب إلى تشكيل حكومة مع بني غانتس حالياً وبذلك تكون الضربة القاضية لنتنياهو، وأما على المدى القريب في حال الذهاب إلى انتخاباتٍ جديدةٍ يتم تشكيل لوبي ضد نتنياهو داخل مركز الحزب يُبعده عن رئاسة الحزب، لذا ليس من المُستغرَب أن نتنياهو قبل يومين أعلن أنه لن يقيم انتخابات داخلية في الليكود لاختيار قيادةٍ جديدةٍ في حال الذهاب إلى انتخاباتٍ ثالثةٍ الأمر الذي أثار حفيظة مُنافِسه من داخل الحزب جدعون ساعر الأكثر حظوظاً لخلافته في الحزب.
الموضوع الأمني لا أعتقد أن المؤسّسة العسكرية والأمنية ستسمح لنتنياهو بالقيام بمُغامرةٍ تجلب على أمن الكيان الوبال، خاصة وأن أيّ فعلٍ أمني أو عسكري الآن سيُنْظَر إليه أنه يخدم أجندات نتنياهو الشخصية البَحتة، ما يُفْقِد الجيش والأمن الحيادية السياسية أمام الجمهور الصهيوني فلا يرغب الجيش أن يفقد لقب "جيش الشعب" ويتحوَّل إلى مُرتَزقة تخدم مصالح نتنياهو.
حظوظ نتنياهو ضيِّقة وضئيلة للخروج من الأزمة في ظلّ هذه الظروف، ولكن يبقى رِهانه أن يصنع المُعجزة ويذهب إلى انتخاباتٍ ثالثةٍ يحظى بأغلبيةٍ يُشكِّل من خلالها الحكومة، وبذلك يحظى ببراءةٍ من كل التّهم المنسوبة إليه من خلال محكمة صندوق الانتخابات وليس من الهيئات القضائية، ما سيُسهِّل عليه إقرار قانون الحصانة ما يضمن لمَلك " إسرائيل" أن ينتهي به المصير خلف قُضبان السجن.