"نبع السلام" من منظور أبو بكر البغدادي
أيّ سلام قد تجلبه عملية "نبع السلام" التركية للسوريين وللعالم أجمع إذا كانت نتيجته هروب الآلاف من قيادات وعناصر "داعش" المُحتَجزين في شرق الفرات؟
في 16 أيلول/سبتمبر الماضي وجَّه أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" نداء عبر رسالة صوتية داعياً أنصاره إلى إنقاذ مُقاتليه وعائلاتهم المُحتَجزين في السجون والمُخيّمات (في إشارةٍ إلى السجون والمُخيّمات الموجودة في شرق الفرات)، متوعِّداً بـالثأر لهم.
وقال البغدادي في التسجيل الصوتي: "السجون السجون يا جنود الخلافة"، وبعد أقل من شهرٍ لبَّى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعوة البغدادي وأطلق عملية "نبع السلام".
ما قلناه عن التماهي بين رسالة زعيم "داعش" البغدادي وإطلاق الرئيس التركي لعملية نبع السلام في عدوانٍ على الأراضي السورية ليست بروباغندا بل هي حقائق تؤكّدها وقائع.
فعند الساعة الرابعة من عصر الأربعاء 9 تشرين الأول/أكتوبر بدأ جيش الاحتلال التركي (جيش محمّد بحسب توصيف الرئيس التركي) بعدوانه على الأراضي السورية تحت مُسمَّى عملية "نبع السلام".
أبدى حلف الناتو تفهّمه للعملية العسكرية التركية، وأعلن عدد من الدول الغربية والاقليمية عن تفهّمه للقلق التركي في محاولةٍ لتبرير العدوان التركي، ولكن كيف سيُبرِّر لنا حلف الناتو والدول التي تتفهَّم القلق التركي قيام الجيش التركي باستهداف مراكز اعتقال عناصر وقيادات "داعش" في شرق الفرات؟!
فمنذ اليوم الأول للعدوان التركي قام الجيش التركي باستهداف سجن جركين في القامشلي والذي يضمّ المئات من أخطر عناصر "داعش" الأجانب (المُهاجرين).
هل يحاول الجيش التركي فتح ثغرة وإحداث فوضى تُسهِّل هروب عناصر "داعش"؟
وفي ذات السياق ونتيجة للعدوان التركي على شرق الفرات حدثت يوم الجمعة 11 تشرين الأول/أكتوبر 2019 محاولة تمرّد واستعصاء في مُخيَّم الهول وتحديداً في قسم "الداعشيات" المُهاجِرات (الأجانب) في مسعى منهن للقيام بعملية هروبٍ جماعي.
خطورة الوضع في شرق الفرات لجهة إمكان فرار عناصر "داعش" عبَّر عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال جلسة مجلس قادة رابطة الدول المُستقلّة حيث قال "إنه تهديد حقيقي لنا جميعاً، كيف وإلى أين سيتحرَّكون؟ عبر الأراضي التركية أمْ عبر أراض أخرى؟ أمْ سيتوجَّهون إلى العُمق السوري إلى مناطق غير مأهولة غير خاضعة لأية سيطرة؟ هل سيتنقلون عبر العراق وعبر بلدان ومناطق أخرى؟ علينا أن نفهم هذا ونعرف ونعبِّىء موارد استخباراتنا لوقف هذا التهديد".
فأيّ سلام قد تجلبه عملية "نبع السلام" التركية للسوريين وللعالم أجمع إذا كانت نتيجته هروب الآلاف من قيادات وعناصر "داعش" المُحتَجزين في شرق الفرات؟
وَصْم العدوان التركي على الأراضي السورية باسم "نبع السلام" يصحُّ فقط من منظور زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي والذي أراه الآن يتابع بفرحٍ وسرورٍ وامتنان ما يقوم به الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من عدوانٍ على شرق الفرات.