"قسد" تصعّد في وجه دمشق وتستنفر واشنطن وتستبق قانون "قيصر"
عملت واشنطن سابقاً على توحيد القوى الكردية ومحاولة ضمها لصفوف المعارضة السورية، ولكنها فشلت بسبب أجندة هذه القوى وإصرارها على تشكيل كيان مستقل.
نشرت الإدارة الذاتية الكردية، شمال سوريا، بياناً حمّلت فيه دمشق المسؤولية عن "استمرار العنف ونبذ الحوار والتوافق السوري"، بالتزامن مع توسع التداعيات الاقتصادية لحصار واشنطن وعقوباتها، التي تهدف إلى إجبار دمشق على قبول العملية السياسية.
وتابع البيان: "مع اقتراب سريان مفعول قانون قيصر (قانون أميركي يفرض عقوبات على الحكومة السورية) بشكل خاص، سيكون لذلك تأثير في كل المناطق السورية، بما فيها مناطق الإدارة الذاتية، التي هي جزء من سوريا، لكون التعاملات مع الداخل السوري قائمة، وتتأثر كل القطاعات بهذه العقوبات".
وبحسب البيان، فإنّ هذا الوضع "يخلق تبعات سلبيّة على المناطق الكردية، ويخلق مشاكل كبيرة، وخصوصاً في ظلّ تحوّل مناطقنا إلى نقطة مهمة من أجل مقاومة الإرهاب وتنظيم داعش".
تستبق "قسد" ببيانها موعد تطبيق قانون "قيصر"، الذي يدخل حيّز التنفيذ منتصف حزيران/يونيو المقبل، بإعادة طرح أوراقها من جديد على المجتمع الدولي؛ لا حوار أو تفاهم مع دمشق، من أجل انتزاع اعتراف غير معلن بها ككيان مستقل لا علاقة له بالدولة السورية، من خلال استثناء أراضيها، إضافة إلى إعادة طرح ورقة داعش (هاجس الغرب)، الذي سينشط من جديد إن لم يتم استثناء هذه الأراضي من تبعات القانون، بحسب الرؤية الكردية.
تعتصم "قسد" بحبل الغرب وواشنطن، من أجل إيجاد آلية تساعدها على الإبقاء على موارد اقتصادية تمكّنها من الاستمرار في إدارة مناطق سيطرتها، بعد أن اختبرت صعوبة تأمين ذلك خلال فترة إغلاق المعابر مع العراق والدولة السورية، بسبب الإجراءات الاحترازية لاحتواء انتشار كورونا.
وتريد "قسد" أبعد من التطمينات الأميركية بأنَّ قانون "قيصر" لن يطال المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، كما تحدث مسؤول أميركي قبل أيام "بأن الهدف من القانون هو الضغط على الرئيس الأسد ليتوقف عن الحل العسكري، والاقتناع بأن لا سبيل للتقدم إلا بالحل السياسي والقرار 2254، وهو لن يشمل مناطق لا تسيطر عليها دمشق، وبالتالي لن تتأثر بهذه العقوبات".
ويبدو في خطوة توحيد الأحزاب السياسية الكردية، حيث اجتمع 25 حزباً كردياً تحت اسم "أحزاب الوحدة الوطنية الكردية" قبل يومين، أرضية سياسية لمشروع تقوده واشنطن وباريس، لدفع الأحزاب الكردية إلى التنسيق مع الإدارة الذاتية، تمهيداً لتوحيدها وضمها إلى منصات المعارضة السورية، ما يستأنف سجالاً كردياً برفض الانضواء تحت مظلة هذه المنصات، وفي الوقت ذاته إصرار الكرد على حصر الحوار معهم فقط باعتيارهم كياناً سياسياً مستقلاً، للحفاظ على مكاسبهم الميدانية وإنشاء إقليم فيدرالي .
المساعي الأميركية بتوحيد الكرد قد تصطدم أيضاً بعجز الإدارة الذاتية عن فكّ ارتباطها بقيادات "جبل قنديل" العسكرية، المهددة بعملية عسكرية تركية بتسهيل من حكومة شمال العراق.
وهنا، لا يمكن قراءة المبادرة الأميركية بتوحيد الجسم الكردي شمال سوريا، بمعزل عن محاولات واشنطن المستمرة للتقريب بين الإدارة الذاتية وأنقرة، لتشكيل جبهة على طرفي الحدود تواجه التوسع الروسي والنفوذ الإيراني، وذلك من خلال إلغاء حصرية تمثيل الكرد ضمن "قسد" ومجلسها السياسي.
هذه المرة، عملت واشنطن بقوة للضغط على قيادات "قسد"، كي لا تكون مبادرتها مجرد مناورة سياسية لتحصيل تمثيل ضمن المعارضة التي أقصي منها الكرد طويلاً من دون تقديم تنازلات.