سلوك العدوّ الإسرائيليّ يستوجب الردع

"إسرائيل" رغم تقديراتها بأنها مستعدّة للذهاب نحو مواجهة شاملة، فإنها على صعيد الجبهة الداخلية غير جاهزة للدخول فيها.

  • سلوك العدوّ الإسرائيليّ يستوجب الردع
    هذا السلوك يستوجب الرد القوي الذي يحقّق الردع

عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر، يوم الخميس الماضي، اجتماعاً مهماً لمناقشة الأوضاع على الجبهة السوريَّة. يأتي ذلك في ظل مواصلة الطيران الحربي الصهيوني استهداف العديد من المقرات العسكرية في سوريا.

مثل هذه الاستهدافات الإسرائيلية ربما توقفت قليلاً خلال انشغال العالم بجائحة كورونا، إلا أن "إسرائيل" عاودت سياسةالاستهداف بوتيرة مرتفعة، ولم تقتصر فقط على المناطق المحاذية للحدود مع الكيان الصهيوني في الأراضي المغتصبة عام 48 والجولان، بل وسّع العدو دائرة الاستهداف، لتشمل دمشق وحلب.

تحدثت العديد من الأوساط الإعلامية التي اطَّلعت على مضامين الاجتماع الوزاري المصغر عن أن السبب الرئيس لعقد اللقاء الطارئ هو قيام إيران بشنّ هجوم سايبيري يعدّ الأول من نوعه على إحدى المنشآت الحيوية الإسرائيلية، التي تتعلق بمنظومة المياه في بعض المدن والقرى الخاضعة للسيطرة الصهيونية، ما يعطي مؤشرات خطيرة للعدو بإمكانية اختراق إيران مصالح حيوية أخرى، كالتحكّم بالتيار الكهربائي، ما يمثل تحدياً في إطار الصراع المفتوح بين إيران والعدو الإسرائيلي.

كما لا يمكن فصل زيارة وزير الخارجية الأميركي لـ"إسرائيل" - في أول زيارة خارجية له في ظل انتشار جائحة كورونا في العالم - عن سياق الملف الإيراني المطروح بقوة على الطاولة الأميركية والإسرائيلية، في ظل إعلان الولايات المتحدة عن مواصلة الضغط على إيران، مع تزايد القلق الإسرائيلي من سلوكها، بإطلاق قمر صناعي إلى الفضاء، والسعي لتطوير قدراتها القتالية، إلا أن "إسرائيل" تمارس الضغط عبر الولايات المتحدة، في الوقت الذي تأخذ على عاتقها تكثيف استهداف التواجد الإيراني في سوريا.

تقدر العديد من الأوساط الإسرائيلية، سواء على المستوى السياسي أو المستويين الاستخباراتي والميداني، أنّ عمليةاستهداف التواجد الإيراني في سوريا تجبي نتائج إيجابية، وقد نجحت عملية الاستهداف في شل القدرات الإيرانية على تنفيذ هجمات من مناطق قريبة من الأراضي المحتلة العام 48.

وترى هذه الأوساط أن مواصلة الاستهداف تجبر إيران على إخلاء مواقعها في سوريا، وصولاً إلى القضاء على التواجد الإيراني فيها.

منذ نهاية العام الماضي، تتعمَّد الأوساط الصهيونية الرسمية الحديث عن الجبهة السورية وضرورة التخلّص من التواجد الإيراني فيها، فالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقيادة الجيش الإسرائيلي يرون أن العام 2020 هو العام الحاسم بالنسبة إليهم، من أجل القضاء على التواجد الإيراني القريب من الحدود المحاذية للأراضي المحتلة العام 48.

وكانت بعض المستويات الإعلامية الإسرائيلية تتحدّث عن أن "إسرائيل" لا تمانع الدخول في مواجهة شاملة مع إيران وحزب الله في الجبهة الشمالية، مقابل تحقيق أهدافها العسكرية في القضاء على المقدرات الإيرانية في سوريا.

وتقدّر الأوساط العسكرية في الجيش أنّ السلوك الإسرائيلي الحالي لن يجرّ إلى ردّ إيراني عنيف من الجبهة الشمالية، ويحقق في الوقت نفسه الهدف المنشود من إزاحة إيران عن الحدود الإسرائيلية، عبر تقديرها بأنّ طهران غير جاهزة للرد، نتيجة ما تتعرّض له من ضغوط كبيرة بسبب العقوبات الأميركية وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية، ما تسبّب في ضائقة مالية خانقة، علاوة على تفشي وباء كورونا وانشغالها بمكافحته.

أمام السلوك الإسرائيلي المتواصل على جبهة سوريا، وتكثيف الاستهداف عما كان عليه الوضع السابق، تعوّل "إسرائيل" في نجاحها بكبح إيران على وجود الإدارة الأميركية الحالية المساندة لها.

هذا السلوك يستوجب الرد القوي الذي يحقّق الردع، فـ"إسرائيل"، رغم تقديراتها بأنها مستعدّة للذهاب نحو مواجهة شاملة، فإنها على صعيد الجبهة الداخلية غير جاهزة للدخول فيها، وتعوّل على عقلانية السلوك الإيراني في سوريا.

صحيح أنه يمكن اعتبار الهجوم السايبري أحد الردود العملية على السياسة الإسرائيلية، لكنه غير كفيل بتحقيق الردع، كما أن معادلة مراكمة القوة بالصبر الاستراتيجي الذي مورس خلال المرحلة السابقة لا تتناسب والمرحلة الحالية، لذلك – في تقديري - المطلوب اليوم ردع "إسرائيل" في الجبهة الشمالية بردّ يكبح سياستها، ولو مرحلياً، مع تشكيل حكومة جديدة لا يختلف أقطابها على رؤية الجيش الإسرائيلي تجاه إيران.