هل سيواصل كتّاب الارتزاق كتاباتهم ضد سوريّا؟!

من عاش مثلي في سوريا يعرف استقلالها اقتصادياً، وتعليمها المجاني كلَّ أبنائها وبناتها، وكلَّ العرب الذين يقيمون بها، أُسوة بالسوريين، وفي مقدمتهم العرب الفلسطينيون.

  • هل سيواصل كتّاب الارتزاق كتاباتهم ضد سوريّا؟!
    هل سيواصل كتّاب الارتزاق كتاباتهم ضد سوريّا؟!

من قبيل التذكير: وأنا أتردد إلى سوريا في أثناء ضراوة الحرب - ولا أقول العدوان - عليها، وقصف أحياء دمشق، وتدفّق المرتزقة بلحى تغطي صدورهم، وبعضهم يلوّح بالخناجر لإثارة الذعر في نفوس السوريين، ودفع بعضهم إلى الهرب خارج سوريا مع إغوائهم بمغريات مادية كبيرة في حال اندفاعهم هاربين من وطنهم سوريا، من مدنهم وقراهم، وشتمهم لدولتهم... رفعت صوتي عالياً: سوريا ستنتصر.

وها هي تواصل الانتصارات، وتُراكمها، بعد 11 عاماً من القتال في الميادين السورية، في معارك هائلة يخوض غمارها الحيش العربي السوري؛ الجيش الذي قاتل الفرنسيين في ميسلون، بقيادة قائده ووزير دفاعه البطل يوسف العظمة، الذي استُشهد وهو يردد مقولته التي لا تُنسى: لن يدخل الفرنسيون دمشق إلّا على الدم... وبالدم. وبالسلاح البسيط قاتل الجيش العربي السوري الغزاة الفرنسيين حتى الاستشهاد، وهكذا تضمَّخت ميسلون بدم أبطال الجيش العربي السوري، ومن لبّوا نداء يوسف العظمة للذود عن دمشق العريقة والشامخة. وهذا الدرس بقي في وعي جيش سوريا وتربيته في كل معاركه، وآخرها معركة دفاعه عن سوريا الوطن؛ سوريا العروبة؛ سوريا آخر موقع قومي بين إقليميات منبتة، ضحلة الوعي، لا هويات ولا انتماء لها.

قلت مع آخرين أعتزّ بهم كتّاباً ومثقفين وسياسيين منتمين: هذه معركة الأمة، ولن أقف متفرجاً، ولن نقف متفرجين، فلا حياد في حين أن الجهلة الهمج يهدّدون دمشق، ويستبيحون أعرق مدن سوريا، ويدمرون أريافها. وبالأصوات الواثقة، وبالكلمات الشجاعة، تصدينا لحملات التزوير. فما يحدث ليس ثورة شعبية، بل مؤامرة على عروبة سوريا، واستقلالية قرارها وخطّها ومسارها، ورفعها راية العروبة، وتمسكها بالقضية الفلسطينية في زمن التطبيع المعلن و"المتخفي"، وفي زمن تبديد هوية الأمة وانتمائها.

من عاش مثلي في سوريا يعرف استقلالها اقتصادياً، وتعليمها المجاني كلَّ أبنائها وبناتها، وكلَّ العرب الذين يقيمون بها، أُسوة بالسوريين، وفي مقدمتهم العرب الفلسطينيون. وهو ما قدّمته سوريا إلى العراقيين الذين تدفقوا إليها بمئات الألوف، والذين ردّوا على فضل سوريا عبر "فزعتهم" معها لمواجهة دمار الزلزال، وما ألحقه من خسائر في مناطق الشمال السوري.

لا أريد أن أتحدث عن "عودة" جامعة الدول العربية إلى سوريا، فسيكتب الشرفاء كثيراً عن تحقق هذا الانتصار السوري بفضل شعب سوريا، الذي صمد ولا يزال، وبفضل الجيش العربي السوري البطل في الميادين، والقيادة العربية السورية، وعنوانها الرئيس بشّار الأسد، وما تميّزت به من صبر، وطول نفَس، وكظم للغيظ، وجَلَد في ميادين المعارك، وقدرة على تحمل التدمير، والتخريب، وقطع الرؤوس، وأكل الأكباد.

كل هذه الوحشية غير المسبوقة في الحروب صمت على بشاعتها "المثقفون" المستأجَرون، ولم ترَها عيونهم، ولا سمعت بها آذانهم، وواصلوا "تنظيراتهم" لـ"السورة" التي تحارب "النزام"! وكانوا يراهنون على أن الدولة السورية ستنهار، وأن الجيش العربي السوري سيُهزم، وأن الشعب السوري سيتمزق لـ "كيانات"، لأن هدف الحرب تمزيق سوريا ، وأن العلَم الذي رفعه العملاء والمتآمرون، بنجومه الثلاث، كان يهدف إلى ثلاثة كيانات، حتى لا تقوم لسوريا العربية قائمة، عبر تحويلها إلى أشلاء، وحتى يندثر الصوت العربي الذي ينبعث من دمشق، قلب العروبة النابض، ويتحقق الهدف الأميركي الصهيوني القاضي بإنهاء وجود المقاومة الفلسطينية في قلب العروبة النابض (دمشق)، وتتسيّد الإقليميات، التي مصالحها فوق أي اعتبار، فلا عروبة، ولا فلسطين، ولا ما يجمع الوطن العربي الكبير، لأن دول "الإقليميات" ستسود، كما سادت دول الطوائف في الأندلس.

أخطر دور تزويري منافق مرتزق منحطّ أدّاه من يوصفون بالمثقفين والمنظّرين والصحافيين والمحللين، سواءٌ عبر فضائيات التزوير والكذب والتحريض، أو في صفحات صحف التآمر المموَّلة علناً ممن يهدفون إلى إنهاء سوريا، كآخر قوّة عربية مستقلة مقاومة.

هل ستنتهي "مهمة" مثقفي الارتزاق، بينما سوريا تحقق انتصاراتها في كل الصعد، وأهمها هزيمة مخططات الأعداء: أميركا، الكيان الصهيوني ودويلات التآمر التي باتت معزولة؟

سوريا العروبة، في خطها القومي، في استقلاليتها المدفوعة الثمن، دماً ودمارَ مدن وتشريداً وتمزيقاً، تعود مرفوعة الرأس، وتواصل مرفوعة الرأس، وبعد 11 عاماً من المقاومة، بدعم الأصدقاء، تتقدَّمهم إيران، ومن بعدها روسيا، وبرفقة التضحية والدم والبطولة للمقاومين اللبنانيين والفلسطينيين، تنتزع موقعها ودورها، وتواصل معركتها المفتوحة.

ماذا عن مثقفي التزوير والارتزاق؟! سيسعى بعضهم إلى التزلف لسوريا، لكنهم، في قلوبهم وعقولهم المريضة، لن يتوبوا عن دورهم كمرتزقة "يُزمّرون" لمن يدفع إليهم، ولا يؤمنون بدور المثقف وشرفه وصدقيته، وبأن هذه القيم هي جوهر حياته.

دمشق، التي تجيد إدارة معركتها السياسية، لن تغفر لـ"المثقفين" المرتزقة، فهؤلاء خطر على وعي الأمة، وعلى ثقافتها، وعلى حاضرها ومستقبلها، ولا مبررات تبرر خياناتهم للوعي، وللدور اللائق بالمثقف المنتمي إلى أمة تخوض معركة وجودها وبقائها.

مثقفو الارتزاق في مأزق كبير، ولن يرحمهم شرفاء الأمة، فهم أنفسهم من خانوا دمشق وفلسطين. المثقفون الثوريون المقاومون سيبقون مستيقظين وفي المرصاد لـ"مثقفي" التزوير وبيع الضمائر، فلا مغفرة ولا صفح عنهم يا دمشق الحبيبة.