عندما "تنحاز" قناة الميادين.. نفق الحرية كمثال
شبكة الميادين الإعلامية تكاد تكون، وهي لم تزل في أوائل عقدها الثاني، وفي ظل إمكانيات مادية وبشرية لا تُقارن بما تملكه شبكات أخرى، من أكثر وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية تأثيراً.
كان من المفترض أن أقوم بكتابة الجزء الثاني من مقالي الخاص بالحرب الاستخبارية بين حزب الله والكيان الصهيوني كما جرت العادة، إذ إن ربط الأفكار ببعضها البعض من خلال توالي النشر في موضوع واحد يساهم في إيضاح الهدف وإيصال الفكرة والحصول على النتيجة المبتغاة، لكني آثرت قطع حبل أفكاري والذهاب، ولو مؤقتاً، باتجاه موضوع آخر، ربما لأني رأيته أكثر إلحاحاً، لا سيما على مستوى المضمون والتوقيت، وربما لأشياء أخرى لا أعرف كيفية الإفصاح عنها أو تعريفها من خلال أوصاف مناسبة.
ورغم أن شهادتي في موضوع يتعلّق بـ"شبكة الميادين" قد تبدو مجروحة، إذ إني أحد كتّاب موقعها الإلكتروني، وأظهر على شاشتها في العديد من المناسبات، فإن تلك الأسباب التي قد تبدو وجيهة في ظروف معيّنة لم تكن كافية لتمنعني من الكتابة أو تكبح جماح نفسي التي لم تجد بدّاً من الذهاب باتجاه هذا الخيار الذي أعتقد أنه دَيْنٌ واجب السداد، وخصوصاً في هذه الفترة التي بات فيها الانحياز إلى قضايا الأمة تهمة قد تودي بصاحبها في مهاوي الردى وسوء المُنقلب.
وحتى لا أُطيل في مقدمتي الغريبة نوعاً ما، الأمر الذي قد يدفع القارئ الكريم إلى الملل والانصراف عني، فمثار حديثي هو عن شبكة الميادين الإعلامية التي تثبت يوماً بعد يوم أنها "منحازة" إلى قضايا معينة دون غيرها.
يبدو هذا الانحياز واضحاً للعيان بكل تفاصيله ومفرداته، ولا يمكن أن يخالج نفوس المتابعين لهذه الشبكة أي شك في كونها منحازة بشدة إلى قضايا قد يراها البعض خلافية، وفيها وجهات نظر متعددة، إلا أنَّ الميادين تذهب رغم ذلك باتجاه الانحياز إلى جانب معين منها والدفاع عنه والتنظير له به ما تملك من إمكانيات.
نظرة إلى الميادين من الخارج
بما أني لا أعمل في قناة الميادين بشكل رسمي، ولست موظفاً فيها، وهذا يعطيني هامشاً كافياً للتقييم بشكل مهني أكثر، إضافة إلى اقتصار علاقتي معها على القليل من العلاقات مع بعض العاملين فيها، وتحديداً فيما يخص نشر المقالات وإجراء المقابلات، فسوف أعبّر عن وجهة نظري تجاه هذه "الشبكة" من خلال ما أشاهده من أداء على شاشتها، وكذلك في منصاتها الإلكترونية المختلفة.
وهنا، يمكن لنا أن نقول من خلال الأمانة المهنية والأخلاقية إنها شهدت نقلة نوعية، وقفزت إلى الأمام بشكل ملحوظ، وباتت مؤثرة بشكل لافت وواضح، رغم أن إمكانياتها، بحسب ما أعرف، لا تُقارن على الإطلاق بشبكات إعلامية أخرى، وخصوصاً ونحن نعيش في زمن باتت الشبكات والقنوات الإعلامية فيه جزءاً من أدوات شن الحروب، وإثارة الفتن، وتثوير الشعوب، وإسقاط الأنظمة، إضافةً إلى مساهمة العديد منها في هدم المبادئ ونشر الرذائل وتراجع الأخلاق.
الميادين، كما يبدو لي، تحمل جينات معيّنة، وتتميّز ببصمة وراثية من السهل الحكم عليها، من دون الحاجة إلى مختبرات حديثة أو فحوصات دقيقة، إذ إنها منذ نشأتها قبل 11 عاماً تقريباً، وفي ظل ظروف بالغة الدقّة والتعقيد عاشتها وما زالت المنطقة العربية والإسلامية، وهي تحافظ على مبادئها السامية، وتلتزم بخطّها الرسالي الواضح، وترفع الشعارات نفسها، وتردد اللغة نفسها، وتسير في الطريق نفسه المليء بالأشواك والمكاره من كل الجوانب.
ما زالت الميادين، كما يبدو لي وللكثير من متابعيها المحايدين، تحمل النهج الأخلاقي نفسه الذي ميّزها منذ الانطلاق، وترنو إلى الهدف نفسه الذي تحاول الظفر به، رغم صعوبة المهمة ومشقّة الوصول.
في الميادين، وكما نلحظ من الخارج أيضاً، مع يقيننا بأنه ينطبق تماماً على الداخل، تتقدم الـ"نحن" على الـ"أنا"، والمصلحة العامة على الخاصة، والمحبة على الحقد. في الميادين، لا فرق بين لون وجنس وطائفة وعِرق، فالجميع كما يبدو يعيشون ويعملون في انسجام قلّ نظيره، تبدو آثاره واضحة، وتجلياته ظاهرة، ونتائجه لا تخطئها عين، ولا يغفل عنها فؤاد.
ولكن لماذا نكتب عن الميادين اليوم؟ وتحديداً في هذا التوقيت بالذات؟ فقد تجاوزنا ذكرى تأسيسها بما يزيد على 3 أشهر، وهي لم تُعلن بحسب علمي عن مسابقة خاصة بالكتابة عنه أو الإشارة إلى تاريخها وحاضرها أو التنبؤ بمستقبلها.
في الحقيقة، الأمر غير ذلك تماماً، فما دفعني إلى الكتابة في هذا التوقيت تحديداً هو التغطية الإعلامية لشبكة الميادين بكل أقسامها وفروعها للذكرى السنوية الثانية لعملية "نفق الحرية"، أو ما يُعرف عند البعض بعملية "نفق سجن جلبوع"، التي بدت من خلال تغطية الميادين لها كأنها حدثت بالأمس القريب، ولم تزل غضّة طريّة كالمولود الجديد، وبدا، كما قال لي أحد الأصدقاء ممازحاً، أن أبطالها الستة ومساعديهم كانوا من مؤسسي الميادين أو العاملين فيها أو أقرباء رئيس القناة أو أحد مسؤوليها الكبار.
ولأنني أعرف، كما يعرف الجميع، أن أبطال عملية الهروب الكبير لم يكن لهم أي علاقة سابقة بشبكة الميادين، ولا برئيسها، ولا بأيٍّ من العاملين فيها، فقد بدا واضحاً أن حجم التغطية الهائل وغير المسبوق لهذه القضية عبر الميادين هو نتاج انحياز واضح ولا لبس فيه إلى قضايا المظلومين والمعذّبين والمضطهدين، ولا سيما أولئك الذين يواجهون بؤرة الشر المسمّاة "إسرائيل"، التي تُمثّل رأس حربة قوى الاستعمار في المنطقة وسهمهم المسموم في قلب الأمتين العربية والإسلامية.
وبدا واضحاً أيضاً أن هذا الانحياز الذي يتكرر مع مختلف قضايا الأمة المُحقّة والعادلة، وصولاً إلى قضايا كل الشعوب الحرة في العالم، والتي تتعرض لحرب كونية من دول الاستعمار، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل"، هو انحياز أخلاقي بكل ما للكلمة من معنى، لا يعتمد على تحصيل المكاسب، ولا يسعى لتحقيق المصالح.
لماذا "الميادين" منحازة؟
يبدو مصطلح "الانحياز" غير مرحّب به في كثير من الأوقات، ويكاد يكون غير مرغوب فيه لدى كثير من الدول والشعوب بصرف النظر عن خلفياتها الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية، إذ إنه يدفع صاحبه إلى الميل باتجاه طرف ضد آخر أو تبنّي قضية دون أخرى، وهذا بحسب الكثير من المفاهيم الحديثة غير مقبول، نظراً إلى ما يمكن أن يُحدثه من عداوات، وما يمكن أن يخلقه من اصطفافات وتكتّلات قد تؤدي في معظم الأحيان إلى مزيد من الفرقة والتشرذم والاقتتال.
في نيسان/أبريل 1955، عُقد مؤتمر "باندونغ" في إندونيسيا لمحاولة الحد من تداعيات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، والتي كانت أحد إفرازات الحرب العالمية الثانية، إذ دعا الرئيس اليوغسلافي حينها الماريشال جوزيف تيتو الدول النامية إلى انتهاج ما عُرف آنذاك بـ"الطريق الثالث"، بعيداً من استقطابات المعسكرين الكبيرين، وهو ما نتج منه لاحقاً عام 1961 تشكيل منظمة "دول عدم الانحياز" التي وصل عدد المنضوين تحت مظلتها حالياً إلى 120 دولة.
منذ ذلك الحين، يبدو مفهوم "عدم الانحياز" محبباً للكثيرين، ويتردد صداه في كثير من المناسبات، كحل مُفضّل للتعامل مع العديد مع القضايا الشائكة، وللخروج من معضلة الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، ولا سيما عندما يتعلّق الأمر بالدول العظمى التي يترتّب على الوقوف مع بعضها على حساب الأخرى تداعيات ونتائج غالباً ما تكون ضارة بالدول الصغيرة والفقيرة والنامية.
ولكن، وبما أن القضايا والصراعات التي نعيشها اليوم ليست بالضرورة أن تكون بين جانبين كلاهما محق، ولا مجال فيها للوقوف على الحياد، وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا الأمة المركزية، فقد أصبح الكثير من الدول والشعوب والمؤسسات يميل إلى نهج "الانحياز" إلى القضايا العادلة والمحقة، وهم يعلنون ذلك على الملأ رغم ما قد يلحق بهم من دعاوى، من قبيل "معاداة السامية، وتشجيع العنف، ودعم الإرهاب" وغيرها.
إحدى أهم المؤسسات التي تُعلن انحيازها إلى المظلومين بشكل واضح ولا لبس فيه هي شبكة الميادين الإعلامية، التي تحظى بنسب متابعة عالية مقارنة بمثيلاتها من وسائل الإعلام المختلفة، رغم عمرها القصير وإمكانياتها المتواضعة، وهي تؤدي دوراً مهماً ومحورياً في نصرة قضايا الشعوب من دون النظر إلى لون أو عرق أو طائفة، ومن دون السعي لتحقيق مكاسب معينة لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.
الميادين كما نعرفها لا تتقن فن مسك العصا من المنتصف، كما يفعل الكثيرون عندما يتعلّق الأمر بمصلحة الشعوب في مواجهة الأنظمة، ولا تذهب باتجاه خيار الحياد عندما تكون المواجهة بين قوى المقاومة بمختلف مسمياتها من جهة، وبين قوى الشر والإجرام من جهة أخرى، وهي كذلك لا تحابي ولا تجامل عندما يُشعل التكفيريون فضاءات دول المنطقة بحروبهم ومعاركهم تنفيذاً لأجندة مشغليهم في واشنطن و"تل أبيب" وبعض عواصم الإقليم.
وقد دفعت ثمناً باهظاً نتيجة هذه المواقف الشريفة، وتعرضت لهجمات هائلة، سواء عبر الفضاء الإلكتروني أو في ساحات القتال التي كانت تغطيها بمهنية عالية، وقدّمت خلال ذلك شهداء وجرحى كُثراً.
الميادين وأبطال "نفق الحرية"
قبل عامين تقريباً، تمكّن 6 من الأسرى الفلسطينيين الأبطال من كسر قيد سجّانهم، متجاوزين كل الصعوبات والعراقيل التي أحاطت بهم في سجن جلبوع الإسرائيلي سيئ السمعة والصيت، وخرجوا إلى الحرية بطريقة لم يتوقّعها أحد، إذ شبهها البعض حينذاك بالمستحيل، فيما وصفها البعض الآخر بالمعجزة. وقد نالت تلك العملية التي أُطلق عليها عملية "نفق الحرية" إعجاب الملايين في العالم، وليس فقط في الأراضي الفلسطينية المحتلة ودول المنطقة.
في ذلك الوقت الذي عمّت فيه الفرحة كل البيوت والشوارع، وأصبح خبر الهروب العنوان الرئيس لكل وكالات الأنباء المحلية والعالمية، إذ لم تكد تخلو شاشة قناة عربية أو أجنبية من المشاهد والتفاصيل المتعلّقة بتلك العملية المذهلة، كانت قناة الميادين، بكل أقسامها، وبمشاركة كاملة من كل منصاتها ومواقعها الإلكترونية وصفحاتها المختلفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تعمل كخلية نحل لتغطية ذلك الحدث المبهر.
وقد أفردت له مساحات غير مسبوقة من التغطية الإعلامية المباشرة والتقارير النوعية الرائعة، وتركت في ذلك الوقت خلف ظهرها العديد من القضايا التي اعتقد البعض أنها أكثر أهمية، مقدمة قضية الأسرى الستة الأبطال على ما سواها، رغم توالي الأحداث في المنطقة وتغيّر الأوضاع في الإقليم.
هذه الحال تكررت مع الذكرى السنوية الأولى لهذا الحدث المبدع في العام الماضي، وبدا الأمر كأنه يُولد من جديد، حيث التغطية المميزة، والمساحات الإخبارية والوثائقية الواسعة، والتقارير المهنية التي استغرق إعدادها كما يبدو الكثير من الوقت والجهد والمال.
ولكن ما حدث أواخر الأسبوع المنصرم كان غريباً شيئاً ما، فبعد مرور عامين على عملية "نفق الحرية"، وتوالي الأحداث الجسام على المنطقة والعالم، ووجود الكثير من التطوّرات الحالية التي تحظى بمتابعة معظم وسائل الإعلام، سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما يحيط بها من تحدّيات وتعقيدات أو ما يتعلّق بتطوّرات المنطقة التي تبدو في بعضها دراماتيكية مثل ما يحدث في الشرق السوري والملف اليمني وحرب السودان، إضافة إلى الحرب الروسية الأطلسية المحتدمة وغيرها الكثير.
بالرغم من ذلك وجدنا شبكة الميادين تقوم بالدور نفسه الذي قامت به إبان عملية الهروب، وفي ذكراها الأولى أيضاً، مع تنوّع جميل وخلّاق في تغطية الحدث، بعيداً من التكرار والإعادة، في ظاهرة تكاد تكون فريدة من نوعها لم يقم بها الكثير من القنوات والشبكات، ومن ضمنها قنوات فلسطينية، فيما غاب الحدث بشكل نهائي عن قنوات عربية كثيرة كانت تصدّع رؤوس متابعيها ببرامج وأفلام وثائقية عن مناسبات أقل قيمة، ولا تمت إلى تاريخ منطقتنا وشعوبنا بأي صلة.
ما قامت به الميادين خلال الأيام الماضية، وخصوصاً يومي الخامس والسادس من هذا الشهر، يبدو مثيراً للإعجاب بشكل ليس له مثيل، ولا سيما على صعيد التغطيات المفتوحة واللقاءات النوعية والمعلومات الحصرية والرسائل التي أرسلها الأبطال من داخل زنازين عزلهم، إضافةً إلى الجهد الخارق الذي قامت به كل أقسام الشبكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني والصفحات المختلفة الناطقة بالعديد من اللغات.
قد يبدو أنني أبالغ في وصف ما قامت به شبكة الميادين في الذكرى الثانية لعملية الهروب من جلبوع، وقد يعتقد البعض أن هذا الجهد قامت بمثله العديد من القنوات الأخرى، لا سيما الفلسطينية منها، وهذا ما لا أختلف معه، ولكن المميز في الميادين في هذا الوقت تحديداً هو كثافة التغطية وتنوّعها وتقديمها بطريقة جميلة تحوي الكثير من الإثارة والتشويق، تكاد تجعل المشاهد أو القارئ أو المستمع يتابعها بكثير من الشغف ويترقّب جديدها بكثير من الفضول.
إضافةً إلى كل ما تقدم، فإن من أهم ما يميز تغطية الميادين في كثير من المناسبات، ومن ضمنها تغطية ذكرى نفق جلبوع، هو الروح التي يتمتع بها مقدمو البرامج ومعدو التقارير وكاتبو النصوص ومخرجو الفقرات، فهم، كما رأينا، يتمتّعون بكثير من مشاعر الصدق والحب تجاه أبطالنا الأسرى، وتكاد تخرج الكلمات من قلوبهم قبل أفواههم، وتعبّر قسمات وجوههم عما يعتمل في نفوسهم من المودة والشوق من دون تصنّع أو تكلّف.
هذا الجهد الذي قامت به الميادين فيما يخص قضية أسرى نفق الحرية الأبطال، كما هي الحال مع تصدي المقاومة الفلسطينية للعدوان الإسرائيلي المستمر، كما ظهر جلياً في تغطية العدوان على غزة في أيار/مايو الماضي في عملية "ثأر الأحرار" أو إبّان العدوان على جنين قبل شهرين تقريباً أو خلال الكثير من المناسبات التي تهم شعوب المنطقة، يعبّر بكل وضوح عن انحياز القناة إلى خيار الشعوب الحرة والمقاومة التي تحاول بكل ما تملك من إمكانيات الحصول على حقوقها التي صادرتها قوى البغي والاستعمار، وهي بذلك تساهم بشكل مباشر في معركة هذه الشعوب، رغم ما قد يترتّب على ذلك من أثمانٍ قد تدفعها القناة في كثير من المجالات، وعلى كثير من الصّعُد.
الخاتمة
يقولون إن السلطات في العالم ثلاث: سلطة تشريعية، وأخرى تنفيذية، وثالثة قضائية، يُضاف إليها ما اصطلح على تسميته بالسلطة الرابعة، وهي سلطة وسائل الإعلام التي باتت تشكّل قوة لا يستهان بها، ليس على صعيد نشر العلوم والثقافة والمعرفة فحسب، بل في تشكيل الرأي العام أيضاً وتوجيهه نحو قضايا معينة يخدم جزء كبير منها أهداف دول كبرى ومؤسسات عظمى، حتى إن بعض الدول الصغيرة على صعيدها الجغرافي، والمحدودة على صعيدها السكاني، جعلت من نفسها قوة إقليمية، وفي بعض الأحيان عالمية، من خلال اعتمادها على وسائل إعلامها التي تحوّلت إلى إمبراطوريات، والشواهد على ذلك كثيرة.
شبكة الميادين الإعلامية تكاد تكون، وهي لم تزل في أوائل عقدها الثاني، وفي ظل إمكانيات مادية وبشرية لا تُقارن بما تملكه شبكات أخرى، من أكثر وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية تأثيراً، ولا سيما أنها انتشرت في جغرافيا العالم، وتجاوزت الكثير من تعقيدات اللغة والعادات والثقافة والأيديولوجيا، وهي بذلك تقترب من الوصول إلى مصاف المؤسسات الإعلامية العالمية، وهذا سيصب من دون أدنى شك في مصالح قضايا الأمة وحقوقها المشروعة.