الانتخابات التركية: المعارضة تطلق شعار "سوف نفوز" وتخشى تسمية مرشحها
وسط محادثات كتلة طاولة الستة وتفاهماتها، جرى الإعلان عن تحالف انتخابي آخر في 24 أيلول/ سبتمبر في إسطنبول أعلنه حزب الشعوب الديمقراطي وأطلق عليه "تحالف العمل والحرية".
ستشهد تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية في 23 حزيران/يونيو 2023، وتسعى المعارضة إلى توحيد صفوفها وخوض الانتخابات بمرشح رئاسي مشترك، وهي استطاعت بعد اجتماعات ومناقشات طويلة تشكيل تحالف نهاية العام الماضي، أطلق عليه اسم "الطاولة السداسية"، وأهم مبادئه إنهاء سيطرة حزب العدالة والتنمية وحكمه. تضم "الطاولة السداسية" حزب الشعب الجمهوري وحزب "الجيد" القومي وحزب "السعادة" الإسلامي والحزب "الديمقراطي"، وحزب "الديمقراطية والتقدم" (ديفا) الذي أسسه وزير المالية الأسبق علي بابا جان، وحزب "المستقبل"، مؤسسه أحمد داوود أوغلو، وزير الخارجية السابق. يتبنى هذا التحالف العودة إلى النظام البرلماني، والحد من صلاحيات رئيس الدولة وسلطته، وهذا يستجيب لإرادة كثير من الناخبين.
بعد انقطاع، عادت أحزاب المعارضة الستة إلى الاجتماع، مع تسكين خلافات شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي على أسماء المرشحين وانتماءاتهم الحزبية وأعداد مؤيديهم. استضاف زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليتشدار أوغلو، الأحزاب في جولة المحادثات، وتم نشر شعار "سوف نفوز " "We Will Win" في حسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الإيحاء بأن لا خلافات جوهرية.
ومن أهم المقررات التي صدرت عن الاجتماع إنشاء "مجموعة عمل مشتركة وبناء "خارطة طريق". كذلك تم الإعلان عن العمل على موضوعات تسعة تشكل برنامج عمل، قبل الاتفاق على اسم المرشح لمنافسة الرئيس رجب طيب إردوغان. ويتضمن البرنامج العمل على القانون والعدالة والقضاء، والإدارة العامة، والشفافية والتدقيق ومكافحة الفساد، فضلاً عن الاقتصاد والتمويل والتوظيف، والقضايا القطاعية والإقليمية، والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والتدريب، والسياسات الاجتماعية، والسياسة الخارجية والأمن والدفاع. إضافة إلى مقترح المعارضة الأساسي وهو تعزيز "النظام البرلماني"، وبناء برنامج يُلزم المرشح الذي سينافس الرئيس رجب طيب إردوغان. في المحصلة، إعطاء الأولوية للبرنامج أولاً على حساب الاسم.
وكان زعيم حزب الديمقراطية والتقدم "ديفا"، علي باباجان، قد بادر إلى تهدئة التراشق بين دوائر حزب الجيد بقيادة مارال اكشينر، التي كانت تصر على عمدة أنقرة، منصور يافاش، وبين دوائر حزب الشعب الجمهوري التي كانت ترشح كيليتشدار أوغلو، وشدد على التزام البرنامج أولاً، ثم الاتفاق على تسمية المرشح، وتشكيل اللجان الفرعية للعمل على بنود البرنامج، وبناء الكوادر المستقبلية للتحالف. وسيتيح المقترح الفرصة لاجتماع ممثلي الأحزاب وكوادرهم بانتظام، وتبادل وجهات النظر.
الكتلة المعارضة المستقلة ترى الضوء في اجتماع حزب الشعوب الديمقراطي
وسط محادثات كتلة طاولة الستة وتفاهماتها، جرى الإعلان عن تحالف انتخابي آخر في 24 أيلول/ سبتمبر في إسطنبول أعلنه حزب الشعوب الديمقراطي وأطلق عليه "تحالف العمل والحرية". يضم التحالف الأحزاب التركية اليسارية وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، ويمكن للتحالف دعم مرشح المعارضة السداسية، طبقاً لما ستتوصل إليه المفاوضات بين الأطراف. يضم التحالف، الأحزاب اليسارية المتحالفة مع حزب الشعوب الديمقراطي، حزب العمال التركي الذي حصل على 4 مقاعد في البرلمان، والأحزاب التي ليس لها مقاعد في البرلمان، مثل الحزب الشيوعي وحزب العمل، حزب اليسار الأخضر، والعديد من المنابر الاشتراكية، بالإضافة إلى حزب المناطق الديمقراطية الموالي للأكراد الذي يشغل مقعداً واحداً في البرلمان، ويُعدّ حزباً احتياطياً لحزب الشعوب الديمقراطي في حال خسر قضية الإغلاق التي تواجهه في المحكمة الدستورية.
لدى حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر مجموعة في البرلمان وفي الجمعية الوطنية التركية الكبرى التي تضم 56 مقعداً نحو 11 % من الأصوات المؤيدة، ما يجعل التحالف لاعباً أساسياً في انتخاب الرئيس المقبل.
لا يمكن لحزب العدالة والتنمية، بحسب استطلاعات الرأي، ولا لأحزاب الطاولة السداسية الوصول إلى 50% +1 من الأصوات اللازمة للفوز في الجولة الأولى من دون حزب الشعوب الديمقراطي وتحالفاته. لا يمثل الحزب جميع الأصوات الكردية، لكن هناك تأكل في التصويت الكردي الإسلامي لإردوغان لأسباب اقتصادية، وأخرى بسبب تحالفه مع الحركة القومية بإدارة باهشلي. حاول كل من باباجان وداوود أوغلو بناء قاعدة علاقات وثيقة بالأكراد الإسلاميين في معاقل حزب العدالة والتنمية.
أما رئيس حزب الشعوب الديمقراطي المسجون، صلاح ديمرتاش، فصرّح بأنه قد لا يدعم مارال أكشينر، زعيمة حزب الجيد، وعمدة حزب الشعب الجمهوري في أنقرة، منصور يافاش؛ بسبب خلفياتهما القومية التركية المتطرفة.
أعطى تحالف العمل أهمية خاصة لحل غير مسلح للمشكلة الكردية، وانتقد حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن التركية إذ ساواهما ببعضهما ما أثار حفيظة حزب الجيد القومي. لكن أولويات التحالف لدى حزب الشعوب تغيرت، وهي تنصب على النظام الاقتصادي العادل من أجل مصلحة الشعب. لقد غيرت الأزمة أولويات الجميع في تركيا، فأصبحت الأولوية للاقتصاد والإنترنت والكهرباء والغاز والتدفئة أولاً، وللنظام الديمقراطي ثانياً، وللمسألة الكردية ثالثاً.
اختيار المرشح والصعوبات المحيطة
تسود النزاعات وعدم اليقين بشأن اختيار المرشح. في الواقع، هناك حال من عدم التوافق قد تجعل التوصل إلى الاتفاق ليس بالسهولة وبالقدر اللذين يرغب فيهما القادة، من أجل إطاحة إردوغان. لم يستطع كليشيدار أوغلو كبح جماح رغبته في أن يكون مرشحاً في الآونة الأخيرة، إلا أن بعض شركائه على الطاولة لا يدعم ترشيحه. أما رئيسة حزب "الجيد"، مارال أكشينر، فهي كانت تنوي ترشيح نفسها، أو أن يكون كل من رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو المحافظ نسبياً، أو منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، المكافح ضد الفساد وحماية البيئة، من بين المرشحين المحتملين. كان يافاش ينتمي إلى حزب الحركة القومية قبل الانتساب إلى حزب الشعب الجمهوري. لا شك أن كلا المرشحين المحتملين القادمين من رئاسة البلدية، لهما جذور محافظة، لكن ليس في مصلحة المرشحين، أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، ترك منصبيهما الحاليين، (عمدة إسطنبول وأنقرة)، كون حزب العدالة والتنمية يملك الأغلبية في مجلس المدينتين، وبالتالي سينتخب العمدة من بين صفوفه. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن اسم المرشح المشترك للتحالف بداية العام المقبل.
إردوغان متفائل
على الرغم من أن استطلاعات الرأي تُجمع على تراجع كبير لفرص الرئيس التركي، وتظهر تفوق "تحالف الأمّة" الذي يجمع أحزاب المعارضة، متقدماً على "تحالف الجمهور"، أي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، باهشلي، وتعكس أهمية الصوت الكردي ممثلاً بحزب «الشعوب الديمقراطي» الحاسم لجهة تقرير نتائج الانتخابات. تخشى المعارضة الإعلان عن مرشّحها، وها هي تقدم برنامجها من دون إعلان اسم المرشح؛ خوفاً من منح إردوغان وقتاً للعب على تناقضات أحزابها. أما الرئيس التركي، فهو يراهن على تحسن الأوضاع الاقتصادية في بداية العام المقبل؛ لقطف ثمار نتائج السياسة الانفتاحية التي اعتمدها. وقام بإعلان مشروع الإسكان الاجتماعي، مؤكداً أن الاقتصاد هو أهم تطور سيؤثر في حصة التصويت للأحزاب.
يطرح قسم من المعارضة احتمال ترشيح اسم محايد يحظى باحترام الأتراك، كرئيس الجمهورية السابق عبد الله غول، وربما تأييد أحزاب المستقبل وحزب الديمقراطية والتنمية والسعادة، لكن في الوقت عينه، يمكن لحزب الشعب الجمهوري أن يعارضه؛ فهو كان جزءاً من حزب العدالة والتنمية، ويخشى الحزب العلماني أن تبقى تركيا في الدوامة عينها. مع إن كليشيدار أوغلو طرح مؤخراً ضرورة التصالح مع الحجاب، وتأييده السماح للمحجبات بالعمل في كل المؤسسات العامة والخاصة؛ من أجل سحب الورقة من يد إردوغان، إلا أن العودة إلى العلمانية الأتاتوركية هو ما تريده بعض قوى المعارضة مع مراعاة المجتمع الإسلامي التركي، وكسبه سياسياً إلى صفها. ستحدد المتغيرات التي يمكن أن تحدث في بداية العام المقبل مسار البلاد اقتصادياً وسياسياً، وعليه يمكن للمعارضة أن تحدد مرشحها، وتتوضح صورة تفاؤل إردوغان من عدمه.