ماذا وراء التهويل الأميركي بالتصعيد ضد إيران؟
التقارير الاستخبارية المزعومة بشأن أنشطة ضد المصالح الأميركية، يستخدمها جون بولتون لإشباع رغبة "إسرائيل" والسعودية والإمارات في جرّ ترامب والبنتاغون إلى التصعيد العسكري، لكن إيران الواثقة من قدرتها على مواجهة العقوبات والتصدّي لأسوأ الاحتمالات في حال حدوثها، لا تتأثر بالتهويل والحرب النفسية.
جون بولتون يستند إلى تقارير استخبارية تزعم بملاحظة خطط أنشطة إيرانية "تجعل واشنطن أن تعتقد بعملية تصعيد إيران لضرب المصالح الأميركية ومصالح حلفائها"، كما يقول. وفي التفصيل تذكر صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن هذه الأنشطة تستهدف القوات والمصالح الأميركية براً وبحراً في العراق، وربما في سوريا. وتستهدف أيضاً القوات الأميركية في الكويت والخليج وباب المندب.
لكن "نيويورك تايمز" التي تنقل الخبر تلاحظ أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أدلّة ملموسة، وهو ما يطالب به رئيس القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيت ماكينزي، على الرغم من الطلب بتزويده المزيد من الوحدات العسكرية على سبيل الاحتياط بناءً على المعلومات الأولية.
بيان الادعاء بالمعلومات الاستخبارية يصدر عن مكتب بولتون، على غير المألوف في حالات مماثلة يُصدر بياناتها البيت الأبيض والبنتاغون. لكن بولتون يفرض في مزاعمه ما سمّاه القائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شانهان "إعادة تمركز للعتاد رداً على مؤشرات بتهديد جاد من قبل إيران"، وهو ما دعا إليه بولتون "كإجراء وقائي لحماية القوات الأميركية والقوات الصديقة من إيران".
في هذا السياق يُعلن بولتون عن توجه حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس أبراهام لنكولن" مع طرادات وقاذفات من منطقة القيادة الوسطى الأميركية في الشرق الأوسط إلى المتوسط والخليج" ويشير إلى أن أميركا لا ترغب بالحرب لكن أي هجوم سيقابل بقوّة شديدة.
معلومات موقع "أكسيوس" الأميركي تفيد بأن التقارير الاستخباراتية هي تقارير إسرائيلية. وفي كل الأحوال من المستبعد أن تكون تحركات بولتون بعيدة عما وصفه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الباءات الثلاثة وهي بنيامين نتانياهو ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد. وهذه الباءات الثلاثة التي يمكن إضافة إليها مايك بومبيو ونائب الرئيس الأميركي مايك بنس، تعمل مع الفرق التابعة لها على اختلاق الادعاءات المزيفة للضغط على ترامب وعلى البنتاغون للتدخل العسكري وعدم الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية والاعتداءات السياسية سواء ضد فنزويلا أم ضد إيران. فهذا التوجه يعبر عنه السفير الأميركي في روسيا بقوله "كل حاملة طائرات في مياه المتوسط تعادل 100 ألف طن من الدبلوماسية العالمية" في إشارته إلى حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان" التي دخلت إلى قبالة الساحل السوري مع 5 سفن حربية قبل أكثر من أسبوعين.
واقع الحال لا يقدّم التهديد الأميركي بحاملة الطائرات، ولا تؤخر في تغيير المعادلات، ولهذا يصفها المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني كيوان خسروي بأنها عملية استعراضية وبأن بولتون لا يفقه العمل العسكري. فإيران قادرة في الظروف الحالية على بيع نفطها ويمكنها الحفاظ على اقتصادها، كما يؤكد ظريف.
وعلى الرغم من كل الضغط الأميركي في العقوبات وتلويح بولتون بالتصعيد العسكري، لا تزال البحرية الأميركية ملتزمة بالتنسيق مع "حرس الثورة" بالدخول إلى مضيق هرمز ولا تدّعي أميركا بأنها ستتدخل بأي شكل من الأشكال لمنع السفن الإيرانية أو المحملة بالنفط الإيراني من عبور المضيق، وفي البحار والمحيطات. فهي تفرض عقوبات على الشركات العالمية وعلى الدول التي تشتري النفط الإيراني، ولم تنصاع الصين وتركيا وبعض الدول الأخرى ووجدت إيران طرقاً رمادية لتسويق النفط.
في المقابل، تحصّن إيران قدراتها على التصدّي إذا تعرّضت لعدوان أميركي، وأنها قادرة على هزيمة أعدائها، بحسب تأكيد قائد حرس الثورة اللواء حسين سلامي، وبحسب ما توعّد به كل من قائد فيلق القدس ومستشار المرشد لشؤون التصنيع العسكري. فهي تسعى إلى منع أي محاولة لإشعال الحرب مع إيران وإشعال المنطقة. لكن إذا حاول بولتون الانتحار فمن المستبعد أن تقدم على إنقاذه على حساب مصالحها واستقرار المنطقة. وفي هذا الأمر لا تأخذ إيران بالحرب النفسية وتزييف بولتون، إنما تنظر بالوقائع إذا حاول ترامب والبنتاغون الانجرار إلى التصعيد ويكون عندها لكل حادث حديث ولكل مقام مقال.