مشاورات الأزمة اليمنية بين سَرابيْن

المشاورات المترنّحة في الكويت تصطدم بشروط غالب ومغلوب، على عكس المعادلات الميدانية. لكن التحالف السعودي يعود إلى المراهنة على التصعيد الحربي، أملاً بنصرين عسكري وسياسي.

على مسامع اسماعيل ولد الشيخ في الرياض، أفصح الرئيس هادي عن امتعاضه من مشاورات الكويت (أ ف ب)
المراوحة التي حملت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الجولة الثانية من مشاورات الكويت، سرَت على مضض تحت تأثير ضغوط دولية وخليجية لاستكمال مدة الوقت الضائع. على مسامع اسماعيل ولد الشيخ في الرياض، أفصح الرئيس هادي عن امتعاضه من مشاورات الكويت التي "لم نجنِ منها إلاّ السراب"، بحسب تعبيره. لكن رئيس الوفد المفاوض عبد الملك المخلافي أنبأ بأن العودة إلى الجولة الثانية، تنحصر فقط بالترتيبات الأمنية لانسحاب "الانقلابيين" من المدن واستلام السلاح.
 وفي السياق أجمع أعضاء الحكومة على رفض خريطة الطريق الناتجة عن مشاورات الجولة الأولى، في إنشاء لجان عسكرية مشتركَة وتشكيل حكومة ممثلة للجميع والافراج عن جميع السجناء السياسيين. بينما توعّد السفير اليمني في نيويورك بأن كل الخيارات مفتوحة إذا لم يوافق وفد صنعاء على شروط الانسحاب من المدن وتسليم السلاح للسلطة الشرعية.
ولد الشيخ أحمد يحاول جاهداً إنقاذ ما يمكن إنقاذه في تحقيق خرق في مسألة الإفراج عن الأسرى السياسيين. فهو يستند إلى بيان مشترك صدر عن اجتماع لندن بين مندوبي واشنطن ولندن والسعودية والامارات. لكن وفد الحكومة أصرّ في هذا الموضوع على الإفراج عن كبار الأسرى من جانب واحد، بينهم شقيق الرئيس واللواء محمود الصبيحي.
ففي مقابل رؤية وفد صنعاء لحل الأزمة ، كما أوضحها كبير المفاوضين "للميادين"، يرفض وفد الحكومة خطوات تدريجية في تنازلات متبادلة لتشكيل حكومة شراكة وطنية تتكفل بولوج  حل سياسي متوازن للأزمة، يفضي إلى نزع السلاح من الاطراف كافة. فالوفد الحكومي يعِد نفسه بأن تقبل صنعاء في المشاورات، بما لم ينجح التحالف السعودي بأن يأخذه في الحرب. وهو يعتمد على أن يقوم الجيش واللجان بمساعدة التحالف السعودي على الغلبَة في الانسحاب من المدن وتسليم السلاح إلى حكومة الرئيس هادي.
حول هذا المحور يتمحور المقترَح السعودي للتوافق بين الطرفين على نائب للرئيس ورئيس للحكومة في مكة المكرمة، شرط أن يسبقه انسحاب الجيش واللجان من صنعاء وتعز والحديدة، كما نقلت مصادر غربية "للميادين". لكن وفد صنعاء يعود مرّة أخرى إلى مقاربة حل الأزمة شراكة من دون غالب أو مغلوب. فطالب بوثيقة حل شامل وكامل في الكويت تتضمن وقف القتال وفك الحصار ورفع العقوبات، أساساً للحل السياسي. ما ليس قابلاً للعبور في مشاورات الكويت، يعوّل التحالف السعودي على تحويله إلى أمر واقع في التصعيد العسكري، عوداً على بدء. الطيران يقصف الشمال في صعدة ويرفع وتيرة المعارك على الحدود مع جيزان. لكنه يبدو أنه يستعيد خطة قطع الطريق من نهم شرقي صنعاء أملاً بمحاصرة العاصمة وسقوطها. وفي هذا السبيل بدأت التعزيزات العسكرية بالوصول إلى منطقة الجوف آتية من محافظة مأرب. بينما يُستهدف غرب اليمن باتجاه مدينة حرض الحدودية في حجّة. وإلى جانبها تُستهدف منطقة العمري غربي تعز. الأنباء الميدانية تشير إلى أن ما وقعت به المراهنات السابقة في هذه المناطق نفسها، تقع فيه المراهنة الجديدة. فالتحالف السعودي يتوخى النجاح فيما فشل به مرّات متتالية، لكن بين أولى قواعد النجاح والفشل أن الأسباب نفسها تؤدي إلى النتائج عينها.