أنقرة وأربيل في معركة تقاسم أراضي الموصل
التركمان العراقيون الرافضون للحماية التركية، ينضوون في إطار الحشد الشعبي الذي ترفض واشنطن وحلفاؤها مشاركته في المعركة الموعودة، بينما تعلن بغداد أنها ثابتة على مواقفها في تقرير من يحق له المشاركة ومن لا يحق له، وفق المتحدث باسم رئيس الوزراء سعد الحديثي. وإذ يطمح رئيس الإقليم بالتوسّع في العمق العراقي، يطمح الرئيس التركي بالتمدّد إلى نينوى العراقية من أعزاز وجوبان بي وتل أبيض في سوريا. فأربيل تصنّع صهوتها على ما تصنّع أنقرة صهوة مشابهة "لدرع الفرات"، لكن "داعش" حصان طروادة مطيّة واشنطن وحلفائها.
التمهيد لهذه المعركة الموعودة، بحسب المنشورات التي أُلقيت على الموصل حاملة نبأ "اقتراب ساعة الصفر"، صاحبه زيارات مسؤولين وعسكريين أميركيين إلى العراق يتحدثون عن انتصارات لعل أبرزها إعلان قائد القوّة الجويّة في القيادة المركزية الأميركية عن تدمير 50 هدفاً للتصنيع الكيميائي في الموصل. وفي هذا السياق يجري نائب وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلنكن مباحثات مكثّفة في بغداد وأربيل ضمّت وفوداً سياسية وعسكرية تناولت خطط المعركة وإنشاء غرفة عمليات مشتركة بحسب المبعوث الرئاسي الخاص "للتحالف الدولي" بريت ما كغورك. ولم يفت الوفد الأميركي التذكير بشراكة طويلة الأمد مع العراق بموجب "اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008"، على ما ورد في بيان السفارة الأميركية في بغداد.
خلف هذه اللوحة الوردية في تضافر الجهود لتحرير الأراضي العراقية من سيطرة "داعش"، يبحث حلفاء واشنطن في أربيل وأنقرة عن اتخاذ المعركة الموعودة سبيلاً لتوسيع نفوذ كل منهما في العراق بذريعة أو بأخرى. فرئيس الإقليم مسعود البرزاني يٌفصح بعد لقاء الوفد الأميركي عما سماه ضرورة الاتفاق السياسي المسبق على "مرحلة ما بعد طرد "داعش". ومن ضمن هذا الاتفاق يرى البرزاني ضرورة استحداث محافظات جديدة في سنجار وللأقليات الآشورية والمسيحية، فضلاً عن رفضه الانسحاب من المناطق المتنازّع عليها في الشمال ولا سيما محافظة كركوك ومناطق أخرى يمكن أن تسيطر عليها قوات البيشمركة خلال المعركة.
في هذا الخضم السياسي الاستباقي يُطلق الرئيس رجب طيب أردوغان ما وصفه بمبادرة تدعو الحكومة العراقية إلى دعم عملية مشابهة "لدرع الفرات" في سوريا. لكنه تعمّد التشديد على حماية التركمان في معركة استعادة نينوى. وفي الأثناء ضجّ الإعلام المقرّب من الحكومة التركية في تسريب أنباء عن خطط جاهزة للعملية "المشابهة لدرع الفرات". وهي بحسب تعليقات إعلاميين من الحزب الحاكم "تستند إلى اتفاقية مبرمة بين تركيا وبريطانيا تقضي بضم ولاية الموصل إلى العراق مقابل حق تركيا بحماية التركمان".
لكن الحماية التركية لتركمان العراق معضلة تواجه أنقرة من جانبين : فهي في الجانب الأول تضعها في تباين عميق مع أربيل بشأن سيطرة البشمركة على مناطق تركمانية في محافظة كركوك وعلى أراضي أخرى في طوزخرماتو، ينكجه، بسطاملي، وهي "أراضي تركمانية لا ينبغي أن يسمحوا للآخرين بالاستيلاء عليها"، على ما يقول رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي. ومن الجانب الآخر لا يثق قسم كبير من التركمان، خصوصاً في تلعفر ثاني أكبر مدينة تركمانية بعد كركوك، بالحماية التركية منذ أن تآلفت أنقرة مع أربيل في التخلّي عنهم لمصلحة البرزاني والتحالف الاقليمي بين الطرفين. وهو لا يقتصرعلى الجنود الأتراك البالغ عددهم 150 عنصراً وضابطاً في مدينة بعشيقة العراقية "لتدريب البيشمركة"، إنما يتعداه إلى تصدير نفط كركوك إلى ميناء جيهان التركي لدعم نفوذ البرزاني كما تقول هيرو ابراهيم أحمد زوجة الرئيس السابق جلال طالباني، ولإضعاف بغداد كما تتهمها الحكومة العراقية.
التركمان العراقيون الرافضون للحماية التركية، ينضوون في إطار الحشد الشعبي الذي ترفض واشنطن وحلفاؤها مشاركته في المعركة الموعودة، بينما تعلن بغداد أنها ثابتة على مواقفها في تقرير من يحق له المشاركة ومن لا يحق له، وفق المتحدث باسم رئيس الوزراء سعد الحديثي. وإذ يطمح رئيس الإقليم بالتوسّع في العمق العراقي، يطمح الرئيس التركي بالتمدّد إلى نينوى العراقية من أعزاز وجوبان بي وتل أبيض في سوريا. فأربيل تصنّع صهوتها على ما تصنّع أنقرة صهوة مشابهة "لدرع الفرات"، لكن "داعش" حصان طروادة مطيّة واشنطن وحلفائها.