نحو منعطف استراتيجي في العلاقات السورية - المصرية؟
الإعلان عن زيارة رسمية بناء على دعوة من الجانب المصري لرئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، ولقائه نائب رئيس جهاز الأمن القومي في مصر خالد فوزي إلى جانب كبار المسؤولين الأمنيين المصريين، هو منعطف قد يحمل معه أبعاداً ذات طابع استراتيجي في العلاقات بين سوريا ومصر.
-
الكاتب: ديمة ناصيف
- 17 تشرين اول 2016 18:08
القاهرة انحازت إلى وجهة النظر السورية القائلة بأن الحل السياسي هو المخرج للأزمة
وقد
تكون القاهرة بدأت هذا المنعطف بوضع نقطة الختام على نوع من العلاقات التي اتسمت خلال الأعوام الماضية بالكتير من
السرية وظلت في حيز التكهنات بسبب الإستقطاب الإقليمي والعربي الحاد والضغوط
التي كانت تتعرض لها القاهرة عندما يحضر الملف السوري.
المسؤولون الكبار في دمشق يعلّقون على تدشين هذه المرحلة
بأنهم يجنون ثمار خمسة أعوام من التعامل بحنكة وهدوء أعصاب مع قطب أساسي في العالم
العربي يراه الكثير من العروبيين الجناح الآخر لسوريا في تحليقهما معاً. وربما في
هذا السبيل سعت دمشق على الدوام للإبقاء ما أمكنها على حفظ قنوات سرية أو مفتوحة
مع القاهرة، في ذروة العزلة التي حاول المحور الخليجي عبر الجامعة العربية فرضها
على سوريا ولعزل مصر أيضاً عن أمنها القومي.
اللواء مملوك شخصية أمنية كبيرة تمسك بملفات أساسية
لإعادة نسيج العلاقات مع دول إقليمية كبيرة. والأرجح أنه قام بزيارة سابقة قبل عام
إلى القاهرة والفريق المحيط به من مسؤولين أمنيين سوريين قاموا أيضاً بزيارات
كثيرة. لكن اللواء مملوك شخصية سياسية أيضاً. وما يطرح في هذه اللقاءات لا يقتصر
على التعاون الأمني ومكافحة الارهاب على أهميته، وإنما إعادة التنسيق السياسي مع
العاصمة العربية الأهم، وهذا يكرس عودة القاهرة إلى دمشق وعودة دمشق إلى القاهرة على الرغم من محاولات شق البر الشامي عن عمقه القومي الكبير. وفي المقابل اختارت
القاهرة برغم تراجع أدائها في ملفات المنطقة الإنحياز إلى وجهة النظر السورية
القائلة بأن الحل السياسي هو المخرج للأزمة. وهذا ما أصرّ عليه الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي مراراً كما أصرّ على أن بقاء الدولة السورية هو
ضمانة للأمن القومي المصري.
لم يرشح رسمياً شيء عن الزيارة لكن مصادر رفيعة
قالت
للميادين إن "الزيارة هي بداية عودة لمصر إلى الخط العربي
والقومي لتكون فاعلة في قضايا وأحداث المنطقة". وهي
زيارة سياسية وأمنية تبحث في أمور كثيرة أهمها مكافحة الارهاب والتنسيق بين
الجانبين في ذلك، وبأن الإعلان عن الزيارة بالتنسيق بين الجانبين هي "رسالة
سياسية".
ليست الزيارة الأولى لمسؤول أمني سوري، والزيارات والتنسيق الأمني لم ينقطع بين الجانبين منذ
بداية الأزمة السورية.
وفي
الوقائع فالعناصر المشتركة بين الجانبين كثيرة في ترابط الأمن الإقليمي الذي أضيف
إليها عنصر التقارب الروسي ــ المصري بأبعاد سياسية، كما يتضح من المطالبة الروسية
بمشاركة مصر في اجتماع لوزان، وكما يتضح أيضاً من التصويت المصري على القرار
الروسي في مجلس الأمن.
القاهرة
قد ترى أن رهانها الكبير على اعتدال صوتها في تناول الموقع السوري، ربما يحمل
الثقل المصري إلى العلاقات العربية ــ العربية لأن سوريا التي راهنت على حضور أكبر
للمصريين للتخفيف من غلو المحور الخليجي ضدها حصلت على تعاوناً أمنياً علنياً لا
يلبث أن ينعكس على إطار التفاهمات السياسية آجلاً إذا تعذّر العاجل.