كوخافي في واشنطن.. تعويض "إسرائيل" وترتيبات المرحلة المقبلة

يمكن رؤية ما ينتظر محور المقاومة من تحديات مستقبلية في مواجهة المخططات الإسرائيلية الأميركية ودور الأنظمة الرجعية العربية في ذلك.

  • لا بدّ من أن نلاحظ الأهمية الاستراتيجية لهذه الزيارة، كما ظهر في الإعلام الإسرائيلي.
    لا بدّ من أن نلاحظ الأهمية الاستراتيجية لهذه الزيارة، كما ظهر في الإعلام الإسرائيلي.

ستكشف الأيام القادمة عن الأهمية الاستراتيجية لزيارة أفيف كوخافي إلى الولايات المتحدة، وماهية العلاقات الإسرائيلية الأميركية المستقبلية التي حددتها هذه الزيارة، في ظل حكومة بنيت- لبيد من ناحية، وإدارة جو بايدن من ناحية أخرى.

خلال مقابلة مطولة مع المراسل العسكري، يوآف ليمور، لصحيفة "يسرائيل هيوم" في 25 حزيران/يونيو 2021، يقول عاموس يدلين: "بايدن وترامب مختلفان، ولكن الفارق بين الديمقراطيين والمحافظين في موضوع الشرق الأوسط هو فارق في الأسلوب، وليس في الجوهر. كلا الحزبين يعمل للخروج من الشرق الأوسط، ويرى في الصين تهديداً أساسياً للولايات المتحدة. كلاهما لا يريد أن تكون إيران نووية، وكلاهما يريد أن تسود في الشرق الأوسط علاقات تطبيع وسلام مع إسرائيل".

ويضيف يدلين: "قبل كل شي، علينا أن نقوي العلاقات مع الولايات المتحدة، لأنَّ هذه العلاقات تشكل الرصيد الاستراتيجي رقم واحد لإسرائيل، فالعلاقات بين الدولتين تقف على 3 زوايا مشتركة؛ قِيَم مشتركة، ومصالح مشتركة، وثقة بين القيادات - القيادات العسكرية وأهل الاختصاص على أعلى المستويات - هذه الزوايا كلّها ما تزال قوية، وإن حصل فيها بعض الثقوب، فيجب معالجتها بشكل مهني وإغلاقها"، وما هو مطلوب الآن هو "الثقة بين القيادات"؛ هذه الثقة التي تزعزعت بين بايدن ونتنياهو.

يُذكر أنَّ يدلين كان رئيس مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في السنوات العشر الأخيرة. وقد أنهى عمله قبل شهر ونصف الشهر تقريباً، وهو المرشح الأكثر حظاً ليكون رئيس مجلس الأمن القومي في السنوات القادمة، وهو من الصقور الذين يؤيدون ضرب المفاعل النووي الإيراني، علماً أنَّه كان طياراً حربياً شارك في ضرب المفاعل النووي العراقي في العام 1981، ورئيساً للاستخبارات العسكرية حين اتخذت حكومة أولمرت قراراً في العام 2007 بضرب مبنى قيل إنه كان معدّاً ليكون مفاعلاً نووياً سورياً، وهو من مؤيّدي ضرب مشروع الصواريخ الدقيقة لدى المقاومة اللبنانية.

وقد دعا الحكومة إلى الاستعداد لذلك في آخر تقرير سنوي للمركز، واعتبر أنَّ "مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله هو التهديد الأكبر لإسرائيل"، ورأى أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة "لم ترتدع" خلال عدوان "حارس الأسوار". وعليه، لا بد من جولة ثانية، "حتى لو أدت إلى تدمير حماس". 

مع ذلك، يقول يدلين: "لا بدَّ من تحديد ماهية المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة. في الماضي، كنا في المعسكر الأميركي ضد الخطر الشيوعي. لاحقاً، كنا معهم ضد الإسلام المتطرف وضد إيران. وبشكل مبدئي، تزداد أهمية المصالح المشتركة مع انسحاب أميركا من الشرق الأوسط. ولا بدّ أيضاً من تحديد النقاط الخلافية، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإن لم يكن على جدول الأعمال الآن، أو الاستفادة الإسرائيلية من الاستثمارات الصينية".

أما بالنسبة إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، فيقول: "لا تستطيع إسرائيل منع إدارة بايدن من العودة إلى الاتفاق، ولكنني مع ذلك أقبل الالتزام الأميركي، على لسان وزير الخارجية بلينكن، بأن يمتد الاتفاق الجديد إلى سنوات أكثر، وأن تكون الرقابة عليه مُحكمة أكثر، وأن لا يسمح لإيران بالتحرر من التزاماتها بعد العام 2030".

ويقترح يدلين على من يتواصلوا مع إدارة بايدن أن يتفقوا على مقاييس محددة، يشكّل خروج إيران عنها خرقاً للاتفاق، وينقلنا إلى حالة أخرى وسياسة أخرى. ويشير إلى أن "الاتفاق يدفعنا، نحن وأميركا، إلى أن نستعد للسيناريو الآخر ونمنع إيران من امتلاك سلاح نوويّ بوسائل غير دبلوماسيّة". 

في المقابلة نفسها، أعرب يدلين عن دعمه الكامل لتوسيع التطبيع بين "إسرائيل" وأنظمة الخليج العربية وغيرها، حتى إنه يرى ضرورة أن تعمل إدارة بايدن على توسيع هذا التطبيع ليشمل أنظمة أخرى، وعلى تعزيز العلاقة الإسرائيلية المصرية والإسرائيلية الأردنية، من خلال إضافة محتوى إلى هذه الاتفاقيات.

زيارة كوخافي والوفد الإسرائيلي المرافق إلى واشنطن

إذا ما قارنا مواقف عاموس يدلين مع ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الأسبوع الأخير الذي زار فيه أفيف كوخافي، رئيس أركان "جيش" الاحتلال، الولايات المتحدة، وأخذنا بعين الاعتبار الشخصيات التي رافقته، ومستوى اللقاءات الّتي أُجريت هناك ومحتواها السياسي، وليس العسكري فقط، يمكن أن نرى مدى التطابق في رؤية هذين الشخصين للتحديات والمهام التي تنتظر حكومة "إسرائيل" الحالية وأهمية علاقاتها مع الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها.

 هنا، لا بدّ من أن نلاحظ الأهمية الاستراتيجية لهذه الزيارة، كما ظهر في الإعلام الإسرائيلي، إذ تناولت قضايا عسكرية وسياسية استراتيجية، على الرغم من أنَّ الوفد عسكري، ولم يناقش سابقاً وفد عسكري قضايا استراتيجية سياسية مع الولايات المتحدة.

يُذكر أن الوفد الإسرائيلي تكوَّن من رئيس الأركان أفيف كوخافي، ورئيس قسم التخطيط الاستراتيجي الجنرال طال كالمان، ورئيس فرع الاستخبارات العسكرية الجنرال تمير هايمان، ورئيس الفرع الاستراتيجي للدائرة الأمنية الثالثة، أي الدائرة التي تصل حدودها إلى مضيق باب المندب ومضيق هرمز؛ بوابة الخليج، ورئيس دائرة الأبحاث العسكرية الجنرال عميت ساعر.

إيرانياً، نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" في 25/4/2021 أنَّ الموقف الإسرائيلي الذي سيحمله كوخافي (في زيارته الأولى التي تأجلت)، ينطلق من أنَّ "إسرائيل" لا تستطيع أن تمنع الولايات المتحدة من العودة إلى الاتفاق النووي، ولكنها ستحاول أن "تقلّل من الضرر الذي يلحقها جراء ذلك، كما تحاول إقناع الأميركيين بالتشدد للحصول على تنازلات إيرانية، بحيث يكون الاتفاق أطول زمنياً، وأن تكون المراقبة أشدّ مما كانت عليه، أي أن تكون مفاجئة من دون سابق إنذار، مع احتفاظ إسرائيل بتكثيف العمل التخريبي في المنشآت النووية الإيرانية. إضافةً إلى ذلك، ستطلب إسرائيل من الولايات المتحدة تعزيز التعاون الاستخباراتي بين البلدين وضمانات أمنية أخرى".

كانت الخطوة الأولى الَّتي قامت بها حكومة بينت- لبيد هي المصادقة على تمديد فترة كوخافي لسنة إضافية، وهذا يعني أن استراتيجية كوخافي العسكرية ما تزال على الطاولة. وقد انتقلت من حكومة نتنياهو إلى الحكومة الجديدة من دون تغيير يُذكر.

أما صحيفة "جيروزاليم بوست"، فقد تناولت يوم 20 حزيران/يونيو 2021 زيارة كوخافي والوفد المرافق إلى الولايات المتحدة، فقالت: "إنَّ الوفد سيسعى إلى تعزيز التعاون العسكري بين إسرائيل وأنظمة الخليج المطبعة معها برعاية أميركية، إضافةً إلى تعزيز التعاون بين إسرائيل وأميركا في مواجهة إيران".

كما أشارت الصّحيفة إلى أن هذه الزيارة تشكّل استمراراً لزيارة لويد أوستن، وزير الدفاع الأميركي، إلى "إسرائيل" وعدد من الأنظمة التابعة في المنطقة، في شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام، إذ بحث مع القيادات الإسرائيلية كيفية دمج القوات الإسرائيلية مع الجيوش العربية التابعة للقيادة العسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد نقل "إسرائيل" من قيادة "يوروكوم" إلى قيادة "سنتكوم".

ونقلت الصّحيفة عن الجنرال كنيث ماكنزي تصريحه لصحيفة "ديفنس نيوز"، إذ قال: "إن الزيارة ستضع منظوراً عملانياً لاتفاقيات "أبراهام"، وستنشئ المزيد من الممرات والفرص للانفتاح بين إسرائيل ودول عربية أخرى في المنطقة".

إذاً، ليس صدفة أن يرافق كوخافي رئيس الفرع الاستراتيجي للدائرة الأمنية الثالثة. ويبدو أنَّ هذا الدور الجديد لـ"إسرائيل" في الشرق الأوسط هو المقابل الذي تتلقاه تعويضاً عن قبولها النسبي، وعلى مضض، بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران ضمن الاستراتيجية الأميركية.

 يُذكر أنَّ معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما في ذلك "معاريف" و"هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" نشرت بين 24-25 حزيران/يونيو التلخيصات ذاتها لزيارة كوخافي إلى واشنطن. وعند مراجعة موقع الناطق الرسمي باسم "الجيش" الإسرائيلي، نجد أن مصدر هذه التلخيصات هو ما قدمه الناطق الرسمي للمراسلين العسكريين. 

من إيران إلى سوريا ولبنان

في الملفّ الإيراني، لم تقتصر المناقشات التي أجراها كوخافي على الملف النووي، بل أصرت "إسرائيل" على أن تتلقّى من الولايات المتحدة، ومن خلالها من التابعين لها، تعويضاً إضافياً يتمثّل بالدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي ضد النشاط الإيراني في المنطقة؛ في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وقطاع غزة.

كما ناقش كوخافي مع نظرائه إخفاقات القبة الحديدية وضرورة تزويد "إسرائيل" بالصواريخ اللازمة لها، إضافةً إلى تعديلها تقنياً أو امتلاك أسلحة بديلة لها. ولهذا الغرض بالذات، رافقه رئيس دائرة الأبحاث العسكرية الجنرال عميت ساعر.

 ليس هذا فحسب، فقد التقى كوخافي والوفد المرافق رؤساء مراكز الأبحاث الكبرى في الولايات المتحدة "كجزء من الجهد السياسي والإعلامي الدولي الذي تقوم به إسرائيل بالتنسيق مع مراكز الأبحاث الأميركية"، كما قال الناطق الرسمي باسم "الجيش" الإسرائيلي في موقعه يوم 22/6/2021. وخلص إلى القول إن كوخافي التقى كبار الجنرالات في "سنتكوم"، واتفقوا على "تعزيز التعاون العملياتي إلى مستوى لم يسبق له مثيل، الأمر الَّذي يوسع ويشد غلاف القدرات العسكرية الإسرائيلية إلى مستويات جديدة". 

وأضاف الناطق الرسمي على لسان كوخافي قوله: "إنَّ الهدف المشترك للطرفين الأميركي والإسرائيلي ليس منع إيران من امتلاك السلاح النووي فحسب، وإنما التعاون ضد الصواريخ البالستية وأنظمة التسلح المتطورة الأخرى، بما في ذلك الأسلحة الدقيقة لدى حزب الله، وأن التعاون العملاني سيشهد تطوراً كبيراً في المستقبل القريب، حتى تتمكَّن إسرائيل من مواجهة التهديدات المستقبلية والمتنوعة بفاعلية أكبر".

يُذكر أن "إسرائيل" أعلنت خلال زيارة كوخافي إلى واشنطن امتلاك سلاح جديد في مواجهة الصواريخ، وهو صواريخ الليزر التي تطلق ضد مدافع الهاون، كما تطلق ضد الصواريخ البالستية وما بينهما، وادّعت أنها من إنتاج الشركات العسكرية الإسرائيلية، لكن المطّلع على حيثيات الأمور يدرك أن إنتاج الأسلحة الحديثة يتطلب تعاوناً مع أميركا، وأنَّ الإعلان عن هذه الأسلحة يتطلَّب موافقة أميركية.

فلسطينياً، لم تتحدّث التّلخيصات عن تفاهمات ما في العلاقة بين "إسرائيل" والسّلطة الفلسطينية، لكنّها تناولت ضرورة استكمال المهمة العسكرية التي بدأتها "إسرائيل" ضد المقاومة في قطاع غزة، من خلال تحديث القبة الحديدية وتزويدها بالذخيرة اللازمة والأسلحة الجديدة المضادة للصواريخ، مثل قذائف الليزر، كما ذكر أعلاه.

وهنا، ستؤدّي مصر والأردن دوراً سياسياً مهمّاً في محاصرة المقاومة في الضفة والقطاع، وترويضها في مصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية الأميركية. وعليه، يرى الطرفان أنه لا بدّ من تقديم الدعم لمصر والأردن و"إضافة مضامين جديدة إلى اتفاقيات السلام" بين مصر والأردن من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى. وقد تكون هذه المضامين دمج الأردن ومصر في المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية التي تسوقها "إسرائيل" وترعاها الولايات المتحدة ضمن ما يُسمّى "اتفاقيات إبراهام".

فلسطينياً أيضاً، قد نشهد إعادة القنصلية الأميركية إلى القدس الشرقية، وسط صمت "إسرائيلي" على مضض، وإعادة التمويل الأميركي إلى مفوضية اللاجئين (الأونروا)، إضافةً إلى إعادة الدعم المالي للمستشفيات الفلسطينية في القدس، والدعم الَّذي لم ينقطع لأجهزة "الأمن" التي دربها الجنرال دايتون لحماية المحتل الإسرائيلي وسلطة "أوسلو". كل هذا مقابل صمت السلطة الفلسطينية عن القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل سفارتها إليها. 

ممارسات حكومة بينت لبيد 

إذا ما أضفنا إلى كل هذا ما نشهده من ممارسات على الأرض بأوامر من حكومة بينت، يمكن رؤية ما ينتظر محور المقاومة من تحديات مستقبلية في مواجهة المخططات الإسرائيلية الأميركية، ودور الأنظمة الرجعية العربية في ذلك. 

لا يختلف اثنان على أنَّ إدارة بايدن دعمت العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في ظلِّ حكم نتنياهو، وأعطته ضوءاً أخضر لمدة أسبوع حتى ينهي مهمته القذرة، ومنعت خلال تلك الفترة وبعدها أي ضغط دولي لوقف العدوان.

وعلى الرغم من ضغط أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس لمنع إيصال صفقة من القنابل الثقيلة إلى "إسرائيل" بمبلغ 735 مليون دولار خلال العدوان، فإنَّ إدارة بايدن عادت وسمحت للصفقة بأن تكمل مسارها إلى "إسرائيل".

وفي ظلّ حكم نتنياهو أيضاً، التزمت إدارة بايدن بتعويض "إسرائيل" بمبلغ مليار دولار لتعويض خسائرها من الذخيرة، إضافةً إلى التزامها بتعديل وتحديث نظام القبة الحديدية الذي فشل في التصدي لصواريخ المقاومة. كلّ هذه الالتزامات وغيرها نالت مصادقة الكونغرس لاحقاً، بعد استلام نفتالي بينت رئاسة الحكومة الإسرائيلية. من هنا، نفهم أن الخلاف الإسرائيلي الأميركي لا يصمد في الامتحان العملي لغاية الآن، وإنما ينتهي لمصلحة "إسرائيل"، بغضِّ النظر عمن يحكم فيها.

وعن الموقف العملي من المشروع النووي الإيراني، لم تختلف ممارسات بينت عن ممارسات نتنياهو، فالعملية التخريبية الأخيرة التي أفشلتها إيران ضد مؤسسات المشروع النووي الإيراني ((TEZ، لم تكن وليدة اللحظة لحكومة بينت - لبيد، كما قال الباحث في شؤون الموساد، رونين برغمان، يوم 25 حزيران/يونيو 2021، بل تم التخطيط لها قبل سنة ونصف السنة، واطّلعت الإدارة الأميركية عليها.

ولكنَّ إعطاء الأوامر بتنفيذها لم يصدر عن نتنياهو، لأسباب ربما تكون لوجستيَّة، فتدحرجت إلى طاولة بينت وبايدن، غير أنَّ خروجها إلى حيّز التنفيذ يشير إلى استمرارية النهج التخريبي ذاته الذي قاده بنيامين نتنياهو، ويستمرّ في تنفيذه بنيت برعاية أميركية. ومما يؤكد ذلك، أن العملية حصلت في ظلّ وجود كوخافي في واشنطن، ولم تعتبر إدارة بايدن ذلك عملاً استفزازياً لها.

في الخلاصة، يتفق عاموس يدلين مع كوخافي في رؤيتهما للتحديات التي تواجه "إسرائيل"، وفي رؤيتهما للحلول وأهمية العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، بالتنسيق المسبق لاستعادة الثقة بين القيادات السياسية والعسكرية وتعزيزها، كما يتفقان مع بينت أيضاً. 

وإذا ما حصل يدلين على منصب رئيس مجلس الأمن القومي في "إسرائيل"، فستكون حكومة "إسرائيل" قد رسمت خطوط استراتيجيتها المستقبلية بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، مع تحديد القيادات التنفيذية المتناغمة مع تلك الاستراتيجية. 

خلافاً لما سبق، يبدو أننا سنشهد في الحياة الداخلية الإسرائيلية، في ظلِّ الحكومة الجديدة، نفوذاً أكثر للقيادة للعسكرية على متخذي القرار السياسي. 

بالنسبة إلى موقف إدارة بايدن من الحكومة الجديدة، فسوف تكون أكثر دعماً لها، وإن اختلفت أساليبها عن إدارة ترامب. في المقابل، ستسير "إسرائيل" إلى حد كبير ضمن الاستراتيجية الإقليمية والدولية التي ترسم في واشنطن، مع محاولات للانفراد بمصالحها الخاصة دولياً (مع الصين وروسيا مثلاً)، والقيام بعمليات عسكرية محدودة، أو عمليات تخريب يقوم بها عملاء الموساد، من دون أخذ المسؤولية عنها رسمياً، لكنّها تكون منسّقة مع الإدارة الأميركية مسبقاً، وبالتعاون معها. ومقابل السير في استراتيجية الولايات المتحدة، ستحصل "إسرائيل" على مكاسب استراتيجية تتفق مع استراتيجية الحركة الصهيونية في الشرق الأوسط. 

على الصّعيد اللبناني والسوري، يبدو أنَّ الأطراف الإسرائيلية والأميركية متّفقة على استمرار سياسة "المعارك بين الحروب" التي تمارسها "إسرائيل" على الأرض السورية. وقد تنتهز أيّ فرصة لضرب مشروع الصواريخ الدقيقة للمقاومة اللبنانية، شرط أن تكون فرصة خطَّط لها جيداً، لا تستمرّ لأيام، ولا تتحوّل إلى حرب إقليمية، وهو ما لا تستطيع "إسرائيل" أو أميركا ضمانه.