"التحرير الثاني" على "الميادين": كيف أمِنت الحدود؟

رواية القصة العسكرية لمعركة الجرود في لبنان والقلمون السوري تُرفد اليوم بمادّة بصريّة، مشاهد حصرية يتضمنها وثائقي "التحرير الثاني" (إعداد وإخراج شيراز حايك، وإنتاج قناة الميادين)، تُعرض للمرة الأولى
  • "التحرير الثاني" على "الميادين": كيف أمِنت الحدود؟
"ونقتحم بالموت على الموت". هكذا كان ردّ مجاهدي المقاومة الإسلامية على اتصال السيد حسن نصر الله بغرفة عمليات المقاومة، شاكراً الانتصارات والإنجازات التي تحققت في المعركة على جبهة النصرة وتنظيم "داعش" في الجرود اللبنانية والقلمون السوري. ليجيب السيد نصر الله أنه وبفضل المجاهدين "بات شعبنا يعيش آمناً على امتداد هذه الأرض، وعلى امتداد هذه الحدود، وفي كل القرى والبلدات، مُطمئنّاً عزيزاً كريماً واثقاً، قادراً على مواجهة كل الصعاب وكل التحديات والمخاطر". 
 
كانت معركة وجود، هكذا وصفت كل من قيادة المقاومة والجيشين اللبناني والسوري الإعداد للهجوم المشترك على الجماعات الإرهابية المسلحة. فبعد دخول جبهة النصرة إلى لبنان - منطقة عرسال، وتبعها بعد ذلك تنظيم "داعش"، بدأت تقع تفجيرات متنقلة في مناطق مختلفة من لبنان. وقد ساعدت العلاقة الجغرافيّة بين لبنان وسوريا في توغل الإرهابيين والسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي اللبنانيّة في جرود السلسلة الشرقيّة.  
 
السياق العسكري لتصدي المقاومة والجيشين اللبناني والسوري للمسلحين بدأ في تموز/ يوليو 2017، حين أطلق السيد حسن نصر الله نداء الفرصة الأخيرة لانسحاب جبهة النصرة من الجرود الشرقية للبنان. النداء الذي واجهه زعيم الجبهة حينذاك أبو مالك التلي بشروط تعجيزية. رواية معركة الجرود تُرفد اليوم بمادّة بصريّة، مشاهد حصرية يتضمنها وثائقي "التحرير الثاني" (إعداد وإخراج شيراز حايك، وإنتاج قناة الميادين)، تُعرض للمرة الأولى، تتضمن كيفية سير المعارك والاشتباكات، ومشاهد من كاميرا وأرشيف داعش في القلمون، ومشاهد لعناصر داعش والنصرة خلال اندحارهم. الوثائقي المنقسم إلى 4 أجزاء يحكي القصة الكاملة لمعركة تحرير الجرود اللبنانية في سلسلة لبنان الشرقية والقلمون السوري والقضاء على الجماعات التكفيرية المتمثلة بجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة وداعش أو ما يُسمى تنظيم الدولة الإسلامية.  
 
يقدّم الوثائقي في جزأيه الأول والثاني تفاصيل الإعداد للمعركة والقضاء على جبهة النصرة في جرود عرسال اللبنانية وفليطة السورية، في عملية مشتركة بين حزب الله والجيش السوري، وشرحاً لمحاور التقدم للسيطرة على أهم النقاط والمواقع والمرتفعات الحاكمة في الجرود، وصولاً إلى استسلام سرايا أهل الشام ومحاصرة مسلحي جبهة النصرة. الرواية العسكرية في الوثائقي جاءت على لسان ضباط في المقاومة من غرف العمليات، وضباط في المقاومة شاركوا في الميدان، وضباط من الجيشين اللبناني والسوري، وخبراء عسكريين من روسيا ولبنان وسوريا والكيان الإسرائيلي لعرض وجهات نظر المعركة من الأطراف الذين هم على علاقة مباشرة معها إضافة إلى الذين كانوا يراقبونها عن كثب، في وقت يتطرق الوثائقي إلى القلق الإسرائيلي من تعاظم قوة وخبرة حزب الله القتالية، ويتضمن أيضاً مقابلات مع سياسيين وصحافيين ومتخصصين في حركات المقاومة من لبنان والعالم، وشهادات لمقاتلين وأسرى من تنظيم داعش وسرايا أهل الشام الذين كانوا رُواة "حقائق" الميدان المليء بالخبايا التي لم تكن تظهر على العلن وفي الإعلام، تفاصيل استسلام وانشقاقات وهزائم داخلية.
 
حين دقت ساعة الحسم، أبلغ حزب الله قيادة الجيش اللبناني قراره بالانتهاء من داعش والنصرة على الحدود الشرقية، وكان البدء بجبهة النصرة في تموز 2017، وسُميت العملية حينذاك "صادق آل محمد". تفاصيل هذه المعركة يحكيها الوثائقي من خلال عرض مشاهد من السيطرة على أبرز التلال والمرتفعات، والسيطرة على مغارة أبو مالك التلي والتي تم العثور فيها على شبكة اتصالات ومصنع عبوات وسجن كبير ووثائق.
 
يركز الجزء الثاني من الوثائقي على كواليس مفاوضات الجانب اللبناني مع المسلحين ودور الأمن العام اللبناني بقيادة اللواء عباس إبراهيم، إلى حين دخول رجال المقاومة الى مقر أبو مالك التلي ورفع رايات النصر تحية للجيش اللبناني، ودخولهم أيضاً إلى المكان الذي احتُجز فيه العسكريون اللبنانيون. ويروي تفاصيل استسلام جبهة النصرة تحت رايات المقاومة إلى ادلب السورية، بعدما رتب الأمن العام اللبناني خروجهم وعائلاتهم بـ116 حافلة، انعكست فيها الكثير من رسائل"الهزائم المعنوية". وصولاً إلى إطلاق سراح أسرى المقاومة، وإعلان تحرير جرود عرسال اللبنانية وفليطة السورية من جبهة النصرة. 
 
"بعد الانتصار الكبير ودحر جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة من على الحدود الشرقية للبنان، وبعيداً عن الإعلام، أقدمت المقاومة على تسليم المواقع والمراكز التي كانت سيطرت عليها في جرود عرسال مع منشآتها إلى الجيش اللبناني، لتبدأ مرحلة الإعداد لمرحلة الجرود الثانية في القاع ورأس بعلبك والقلمون السورية"، يقول ضابط في المقاومة ممهّداً لتفاصيل الجزأين الثالث والرابع من الوثائقي اللذين يركزان على وصول تنظيم داعش الى الحدود اللبنانية السورية، وتهديده الدائم للقرى اللبنانية، إضافة إلى تفاصيل الإعلان والإعداد لإنهاء وجود هذا التنظيم من الحدود اللبنانية السورية.  
 
في فجر السبت 19 آب/ أغسطس 2017 أطلق الجيش اللبناني عملية "فجر الجرود" بالتزامن مع إطلاق المقاومة والجيش السوري عملية "وإن عدتم عدنا"، فيعرض الوثائقي مشاهد الالتحام المباشر بين رجال المقاومة والجيش السوري مع مسلحي تنظيم داعش، وكيف جرى التنسيق بين غرف عمليات الجيش اللبناني والمقاومة والجيش السوري، وتفاصيل العمليات الهجومية والسيطرة على المواقع والتلال والمرتفعات التي كان يتحصّن فيها تنظيم داعش، إضافة إلى تفاصيل استسلام القاضي الشرعي لداعش، ومسؤول قاطع الزمراني أحمد وحيد العبد مع عدد من مسلحي التنظيم في اليوم الأول للمعركة، وتسليم أنفسهم للمقاومة والجيش السوري، وإصرار قيادة المقاومة والجيش اللبناني على التفاوض تحت النار لكشف مصير العسكريين اللبنانيين. ويسرد الوثائقي في نهاية الجزء الرابع تفاصيل حصار عناصر التنظيم وإجبارهم على الاستسلام، وانسحابهم مع عائلاتهم عبر معبر الروميات الى منطقة البوكمال السورية، وصولاً الى تحرير كامل الحدود اللبنانية السورية من التنظيمات التكفيرية.
 
· يُبثّ الجزء الأول من وثائقي "التحرير الثاني" على شاشة "الميادين" يوم الأحد وكل أحد الساعة التاسعة مساء بتوقيت القدس الشريف.