تقرير أممي: عام 2018 شهد أضخم عملية استيطان منذ عام 2002
بالتزامن مع التحضيرات لعقد مؤتمر المنامة الذي سيبحث الخطة الأميركية المسماة "صفقة القرن"، أصدرت اللجنة الأممية الخاصة المعنية بالتحقيق بالممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الشعب الفسطيني والشعوب العربية الأخرى تحت الاحتلال تقريراً حول مهمتها في العام 2018 ضمنته تفاصيل عن تدهور حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، نتيجة للسياسات والممارسات الإسرائيلية، وأعربت عن قلق بالغ من تصاعد التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين بما في ذلك استهداف الأطفال والمدارس.
وجاء في التقرير الذي نشرته اللجنة، اليوم الإثنين، في نهاية مهمة لتقصي الحقائق من دون السماح لها بزيارة الأراضي المحتلة، أنها تلقت معلومات عن قتل وإصابة الفلسطينيين، نتيجة استخدام الذخيرة الحية والرصاص المعدني المغلف بالمطاط والغاز المسيل للدموع من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، فيما يبدو أنه استخدام مفرط وغير متناسب للقوة ضد أشخاص لا يشكلون أي تهديد مباشر للحياة.
وقال التقرير: منذ بداية "مسيرة العودة الكبرى" في آذار/ مارس 2018، ذُكر أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 270 فلسطينياً وجرحت حوالي 30000 على طول السياج في غزة، وأكثر من 40 من القتلى كانوا من الأطفال.
في الضفة الغربية، سمعت اللجنة عن ارتفاع عدد الأشخاص الذين أصيبوا أو قُتلوا في مدن الخليل وقلقيلية ورام الله ونابلس وفي المستوطنات الإسرائيلية وحولها.
تلاحظ اللجنة بقلق شديد تأثير السياسات والممارسات الإسرائيلية على الأطفال، وأبلغت عدة منظمات اللجنة عن ممارسة الغارات الليلية للقبض على الأطفال في الضفة الغربية، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على رفاه الأطفال والتمتع بحقوقهم.
في أعقاب هذه الغارات، يُنقل الأطفال غالبًا إلى أماكن مجهولة، ويُحتجزون في مركبات عسكرية، ويتعرضون للتهديد والإساءة اللفظية أثناء الاستجواب وفي بعض الحالات يواجه الأطفال ضغوطاً للتوقيع على اعتراف باللغة العبرية وهي لغة لا يفهمونها في أغلب الأحيان ومن دون وجود محام.
وكشف التقرير الأممي أنه وفقًا للشهادات التي تم تلقيها، يتم احتجاز أكثر من 300 طفل بشكل دائم في النظام العسكري الإسرائيلي، وغالبية المحتجزين في جرائم بسيطة كرمي الحجارة والكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الممارسات تنتهك المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تلزم الدول باستخدام احتجاز الأطفال كتدبير أخير.
في غزة، يظهر الأطفال معدلات مرتفعة بشكل غير عادي من الضيق النفسي، تغذيها تدهور الظروف المعيشية وارتفاع معدل انتشار العنف، من بين عوامل أخرى، وقد كشفت دراسة استقصائية حديثة أن 49 في المائة من الأطفال شعروا بعدم وجود أمل، كما تم الإبلاغ عن زيادة حالات تعاطي المخدرات وعمالة الأطفال والزواج المبكر.
وتعرب اللجنة عن قلقها إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في منطقة "H2" في الخليل، التي تقع تحت السيطرة المباشرة لإسرائيل، وذلك بسبب الزيادة الحادة في عنف المستوطنين وانتشار الحواجز المادية، فإن حرية التنقل مقيدة بشدة ويواجه الفلسطينيون عقبات خطيرة أثناء القيام بأنشطتهم اليومية، بما في ذلك حضور التجمعات المدرسية والاجتماعية أو الذهاب إلى العمل وفتح المحلات التجارية والشركات.
ومما زاد من حدة هذا التصاعد في العنف وجو الإفلات من العقاب قرار "إسرائيل" في كانون الثاني/يناير 2019 بعدم تجديد ولاية الوجود الدولي الوقائي المؤقت في الخليل، وهي بعثة مراقبة مدنية كانت قائمة منذ عام 1994.
كما استمعت اللجنة إلى أن السلطات الإسرائيلية تتحدث علناً بشكل متزايد عن ضم الأراضي في الضفة الغربية، ويساهم هذا التوسع الهائل في المستوطنات الإسرائيلية - حيث يمثل عام 2018 أعلى معدل للموافقة على الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة منذ عام 2002 - بشكل أكبر في أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان القائمة، بما في ذلك الافتقار إلى حرية التنقل، والاستيلاء على الأراضي والمياه والموارد الطبيعية الرئيسية الأخرى وكذلك التلوث وإلقاء النفايات.
في الشهرين الماضيين وحدهما، تقدمت السلطات الإسرائيلية أو أقرت أو طرحت ما يقرب من 6000 وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تشكل أكبر تقدم استيطاني خلال عامين.
بالإضافة إلى ذلك، يرتبط التوسع الاستيطاني والتطورات القانونية الأخيرة ارتباطًا وثيقًا بتسريع عمليات هدم المنازل الفلسطينية، وخاصة في القدس الشرقية. ولاحظت اللجنة الدولية بقلق بالغ استمرار تهديد الطائفة البدوية في خان الأحمر أبو الحلو في المنطقة "ج"، ما يرقى إلى درجة النقل القسري بموجب القانون الإنساني الدولي.
تعرب اللجنة عن قلقها الشديد إزاء الحالة الإنسانية وحالة حقوق الإنسان المزرية في قطاع غزة، مع دخول الحصار الإسرائيلي عامه الثالث عشر، فالقطاع يمر بحالة ركود عميقة حيث بلغ معدل البطالة أكثر من 50 في المائة، ويشار إلى القيود الشديدة والتعسفية والعقابية المفروضة على منطقة الصيد ونقص المياه الصالحة للشرب هي عقبات خطيرة أمام مستوى معيشة لائق في غزة.
ويعاني النظام الصحي في غزة من ضغوط شديدة ونقص الموارد، وقدرة الناس على تلقي الرعاية الصحية الكافية معرضة للخطر بشكل خطير، وتمثل معالجة الأمراض الخطيرة والعمليات الجراحية المعقدة تحديًا كبيرًا بسبب نقص المعدات الأساسية والخبرة والأدوية.
استمعت اللجنة إلى القيود المفروضة على الفلسطينيين الذين أشاروا إلى العلاج الطبي خارج غزة، وخاصة على المصابين نتيجة المظاهرات التي وقعت في السياج، وأفادت التقارير أن 17 بالمائة فقط من المصابين في سياق المظاهرات يتلقون التصريح اللازم للسفر خارج غزة للحصول على الرعاية الطبية مقابل 60 بالمائة من الأشخاص الآخرين الذين يعيشون في غزة والذين يحتاجون إلى رعاية صحية ويتقدمون بطلب للحصول على تصريح.
ورأى التقرير أن التأخير في تلقي التصاريح ورفض بعض الأحيان للسماح للوالدين وأفراد الأسرة المباشرين بمرافقة الأطفال يشكلان تحديات إضافية للمرضى الفلسطينيين في غزة الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة خارج القطاع.
وختمت اللجنة الأممية تقريرها بالتعبير عن قلقها العميق إزاء الوضع المالي غير المستقر للأونروا، "الذي يلعب دوراً حاسماً وفريداً في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية والبلدان المجاورة".