عون يرفض ربط عودة النازحين السوريين بالحل السياسي
حرصت حكومة الرئيس سعد الحريري على تضمين البيان الوزاري فقرة لافتة عن قضية النازحين السوريين، وبعد نقاش مُستفيض تقرّر اعتماد الموقف الرسمي اللبناني والذي يُصرّ على العودة الآمِنة للنازحين السوريين إلى ديارهم ومن دون انتظار الحل السياسي.
إلا أن ذلك لم يخف التبايُنات اللبنانية بشأن تلك القضية لا سيما أن لبنان يستضيف نحو مليون ونصف المليون نازح سوري.
إلى ذلك برزت الخلافات اللبنانية مُجدّداً بعد زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب إلى سوريا، والذي أكّد مراراً وتكراراً بأن حل تلك المُعضلة لا يستقيم إلا عبر التواصل المباشر مع الدولة السورية. عِلماً أن معظم القوى السياسية باتت على قناعة بأنه لا يمكن إعادة النازحين من دون الحوار المباشر مع سوريا.
وفي السياق يؤكّد الرئيس ميشال عون على تعاون السلطات السورية المُختصّة مع الجهات اللبنانية المعنية بتنظيم العودة، ولاسيما منها الأمن العام اللبناني.
"انقسام لبناني بين العودة الآمِنة والعودة الطوعية"
على الرغم من النصّ الصريح في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية بشأن العودة الآمنة للنازحين السوريين، إلا أن رئيس الحكومة سعد الحريري عاد ليؤكّد على العودة الطوعية، وهو ما يتناقض مع الموقف الرسمي ويتماهى بحسب أكثر من فريق لبناني مع الموقف الغربي.
وهذا الانقسام في الموقف الداخلي كان محط اهتمام الموفدين الأوروبيين والأميركيين الذين زاروا لبنان في الفترة الأخيرة، ما دفع بعضهم إلى الدعوة إلى توحيد الموقف الرسمي من أزمة النزوح السوري.
وفي هذا الإطار، يؤكّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي للميادين نت أن "لا مفرّ من التواصل مع دمشق لترتيب عودة النازحين، وأن الطريقة الطبيعية في أن يتم التواصل مع الدولة السورية، لا سيما أن لدينا تبادل للسفراء ومَن يعتمدهم عادة هم رؤساء الدول. إذ لدينا علاقات دبلوماسية ونستطيع التفاوض مع دمشق ونأخذ كلام سوريا على محمل الجد المرحّب بعودة النازحين".
ويرفض جريصاتي ربط عودة النازحين بالحل السياسي مُستحضراً أمثلة على انتظار الحل السياسي ولا سيما للاجئين الفلسطينيين، ويوضح "أن ربط العودة بالحل السياسي سيطول ولننظر إلى الأزمة القبرصية حيث شهدنا تهجير القبارصة من القسم الشمالي، وأن الحل السياسي لم ينضج حتى اليوم في الجزيرة ولكن المهجرين عادوا إلى الأماكن التي مكّنتهم الظروف من العودة إليها ولم ينتظروا الحل السياسي. عدا أن لبنان لا يزال في انتظار الحل السياسي للقضية الفلسطينية ويتحمّل أعباء اللجوء منذ أكثر من 70 عاماً. ويستغرب ربط العودة بالحل السياسي".
ويضيف " إذا كانت لدى بعض الأفرقاء خلافات مع دمشق فلا يجب أن يكون ذلك عائقاً أمام عودة النازحين، فهذا شأنهم ولا يمكننا الوقوف عند رأيهم وإنما نحرص على حرية التعبير عن رأيهم وهذا واجب علينا، ولكن ليس إلزام الدولة بهذا الرأي وفرض وصاية فكرية خطيرة جداً عندما تكون البلاد في مواجهة تلك التداعيات، وهذا أمر مرفوض لا سيما أن ذلك يتعلّق بالمصلحة العليا للبلاد، ورئيس الجمهورية هو الذي يحدّد تلك المصلحة".
وكان جريصاتي قد علّق على استبعاد الوزير الغريب من الوفد اللبناني إلى بروكسيل عبر تغريدة جاء فيها "لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسيل، وطالما أنّ رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة وأنّ مفوضية اللاجئين تتّجه أكثر فأكثر إلى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسيل، وأن التنكّر لاختصاصات الوزراء المعنيين هو أمر لا يساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتاج المُنتظر منها".
وتعليقاً على الأمر، غرّد مستشار الحريري النائب السابق عمار حوري "توضيحاً للبعض: الوزيران المسافران إلى مؤتمر بروكسيل (الشؤون والتربية) مدعوان مباشرة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في حوارات قبل يوم من زيارة الرئيس الحريري، أمّا الدعوة للمؤتمر فقد وجّهت إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية فقط".
ويذكر أن مفوض الأمم المتحدة السيّد فيليبو غراندي وضع الرئيس عون الأسبوع الفائت في صورة الزيارة الميدانية التي قام بها إلى عدد من المناطق السورية حيث اطّلع على أوضاع النازحين العائدين إليها، واصفاً إياها بأنها مطمئنة، كما وضعه في أجواء المفاوضات التي يجريها مع المسؤولين السوريين للتعاون في معالجة قضية النازحين.
ونوّه غراندي بالدعم الذي تلقاه المفوضية من المسؤولين اللبنانيين لتمكينها من القيام بالدور الإنساني الموكَل إليها.