• الرسائل المصرية خلال الأيام الماضية كانت أيضاً موجهه لإسرائيل، التي تراقب بحذر نتائج الكباش المصري – التركي في البحر المتوسط

تتزامن ذكرى حرب تشرين / أكتوبر 1973، والتي كان للدفاع الجوي المصري والسوري فيها نصيب كبير من البطولات والإنجازات، مع وصول والتعاقد على منظومات جديدة للدفاع الجوي، تعزز بصورة كبيرة القوة الدفاعية التي يمتلكها البلدين ضد الطائرات، فسوريا تسلمت منذ أيام ثلاثة بطاريات من منظومة الدفاع الجوي الروسية S-300 PM2 ليتنقل دفاعها الجوي الى مرحلة جديدة فيها يتمتع بقدرة أكبر على الرصد والاشتباك مع كافة أنواع الطائرات المعادية.

في ما يتعلق بمصر، التي حل تصنيفها ثالثاً في قائمة الدول الأكثر استيرادا للأسلحة خلال الخمسة أعوام الماضية حسب تقرير لمعهد أستوكهولم لأبحاث السلام، فبعد إتمام تسلمها كامل صفقة منظومات الدفاع الجوي الروسية S-300 VM والمسماة أيضاً Antey-2500 بعدد يصل الى أربعة بطاريات. يتوقع ان تتسلم مصر خلال الشهور المقبلة ما مجموعه سبعة بطاريات من منظومات الدفاع الجوي الصاروخي متوسط المدى IRIS-T SLM  ألمانية الصنع، وذلك حسب ما اعلن عنه مؤخرا وزير الاقتصاد الألماني. هذه المنظومة من إنتاج شركة "ديل" الألمانية وتتميز بذاتية الحركة وسهولة نقلها جواً وبحراً، وكذلك مقاومة راداراتها وصواريخها لعمليات التشويش والإعاقة الإلكترونية، ويبلغ مدى صواريخها الأقصى 40كم بارتفاع يصل الى 20كم، ويتمّ اطلاقها عمودياً مما يسمح بتوفير تغطية نارية بزاوية كاملة، ضد كافة التهديدات الجوية في ما عدا الصواريخ الباليستية، خاصة مع امتلاكها لمحرك قوى مزوّد بخاصية الدفع الموجه، مما يعطى لها قدرات متفوقة على المناورة والاشتباك. من اهم مميزات صواريخ هذه المنظومة توجيهها بطريقتين هما التوجيه الراداري عن طريق وصلة بيانات تضمن  تدفق اخر تحديثات موقع الهدف الى الصاروخ، والثانية هي التوجيه بالأشعة تحت الحمراء، كما ان الصاروخ مزود بإمكانية التحكم به عن طريق نظام للملاحة بالقصور الذاتي على ضوء نظام تحديد المواقع العالمي. مما يسمح بالجمع بين طريقتي التوجيه معاً لضمان عدم تأثر الصاروخ بالإجراءات المضادة للصواريخ. يتوقع أن تحل هذه المنظومات محل منظومات الدفاع الجوي الفرنسية الصنع "كروتال" في ترسانة الدفاع الجوي المصري.

في ما يتعلق بالصفقات التسليحية الأخرى لمصر، فقد وافقت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية على صفقة بقيمة 99 مليون دولار تحصل بموجبها وزارة الدفاع المصرية على كميات من الجيل الرابع من قذائف 120 مللم الخاصة بالدبابات، وتشمل الصفقة التي يتوجب الكونجرس الأمريكي ان يصوت عليها قريبا، عدة أنواع من القذائف منها قذائف الطاقة الحركية وقذائف للتدريب.

على المستوى البحري، الذي على ما يبدو تضعه القوات المسلحة المصرية كأولوية في صفقاتها التسليحية المقبلة، تمّ تأكيد رغبة البحرية المصرية في التعاقد على عدة غواصات قزمية كرواتية الصنع من نوع Drakan 220، وذلك حسب تصريحات صحفية صدرت مؤخراً على لسان مدير شركة Advia-mar  الكرواتية للصناعات البحرية، وتعد هذه الغواصة من أفضل الغواصات المخصصة للعمليات الخاصة وأعمال الدورية والحراسة في المياه الضحلة وقرب الشواطئ. كذلك أفادت الصحف الفرنسية ان شركة Sillinger قد وقعت عقداً مع وزارة الدفاع المصرية لتوريد 20 زورق مطاطي سريع قابل للنفخ من الفئة Rafale 1200، سيتمّ تصنيع 14 زورق منها محلياً مع نقل تكنولوجيا التصنيع الى مصر، وتمتلك البحرية المصرية بالفعل هذا النوع من الزوارق حيث يستخدمه عناصر لواء الوحدات البحرية الخاصة في عمليات تأمين المياه الاقتصادية المصرية والمناطق الساحلية من شمالي سيناء.

خلال الأسابيع الماضية تمّ التدشين الرسمي للكورفيت الشبحي الثاني من الفئة "جاويند 2500" في الترسانة البحرية المصرية تحت إسم "بورسعيد"، وبدأت بالتزامن مع هذا التدشين عمليات صناعة الكورفيت الثالث في الترسانة البحرية بالإسكندرية. وتتواصل المنافسة الحامية بين المانيا وفرنسا على توريد قطع بحرية جديدة الى القوات البحرية المصرية خاصة في ما يتعلق بأعداد إضافية من كورفيتات الجاويند الفرنسية او الفرقاطات الألمانية من نوع Meko200. كذلك اقتربت المفاوضات بين مصر وروسيا حول تجهيز شركة Intel Tech  الروسية سفينتي الأنزال البرمائي المصريتين من فئة "ميسترال" بأنظمة تحكّم وسيطرة وإدارة نيران روسية.

على مستوى سلاح الجو، يتوقع أن يتمّ التوقيع قريباً على صفقة جديدة بين مصر وفرنسا لشراء 12 مقاتلة إضافية من نوع "رافال" يتمّ التفاوض عليها منذ فترة بين الجانبين.

مناورات وتدريبات عسكرية مكثفة

كان من أبرز التدريبات التي أجراها الجيش المصري خلال الشهر الماضي، مناورات "النجم الساطع 2018"، والتي جرت أحداثها في مصر مع وحدات من الجيش الأمريكي وسبعة دول أخرى، بجانب مشاركة ستة عشر دولة بصفة مراقب. كذلك شاركت وحدات جوية وبحرية مصرية في مناورات قتالية مع وحدات من ألبانيا والولايات المتحدة ورومانيا واليونان في بحر أيجة، ونفذت وحادت بحرية مصرية تمرينا عابراً هو الأول منذ سنوات مع البحرية الباكستانية في البحر المتوسط، وشارك ضباط مصريون مع ضباط من الولايات المتحدة والأمارات المتحدة والسعودية والمانيا وفرنسا وأستراليا في تدريب "القيادة التكتيكية المتقدمة" في قاعة الظفرة الجوية بالأمارات العربية .

بدأت منذ يومين مناورات شاملة بالذخيرة الحية لوحدات من الجيش الثاني الميداني تحت إسم "نصر 14"، وتمرين "تبوك" في قاعدة سفاجا البحرية بالاشتراك مع وحدات من الجيش السعودي. ومن المنتظر أن تبدأ في منتصف شهر نوفمبر القادم مناورات "حماة الصداقة 2018" مع وحدات من قوات المظلات والإنزال الجوي الروسية، وهي مناورات سنوية باتت من أهم ملامح التعاون العسكري الوثيق بين البلدين، وهو تعاون سيشهد تطورات جديدة خلال اللقاء المرتقب بين الرئيسين المصري والروسي هذا الشهر، والذي يعد اللقاء العاشر بين الزعيمين خلال ستة سنوات. من ضمن الملفات التي سيتمّ بحثها خلال هذا اللقاء ملف البرنامج الفضائي المصري، حيث تتطلع مصر لإنشاء محطة لانطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية الى الفضاء، خاصة وأنّ أواخر الشهر القادم ستشهد انطلاق القمر الصناعي المصري Egypt-Sat A من قاعدة بايكونور الجوية في كازخستان، وهو قمر مخصص للاستطلاع والاستشعار عن بعد.

عمليات سيناء مستمرة

  • الرسائل المصرية خلال الأيام الماضية كانت أيضاً موجهه لإسرائيل، التي تراقب بحذر نتائج الكباش المصري – التركي في البحر المتوسط

خلال الشهر الماضي تمكنت القوات العسكرية خلال فعاليات العملية الشاملة "سيناء 2018" من قتل 26 إرهابي خلال الاشتباكات، ونفذت القوات الأمنية ثلاثة مداهمات خاصة في مدينة العريش شملت مناطق حي الصفا وحي العبور وجسر الوادي، أسفرت عن مقتل 36 إرهابي كانوا يخططون لتنفيذ سلسلة من الهجمات  تزامناً مع احتفال مصر بذكرى انتصار تشرين / أكتوبر. المعارك شمالي سيناء أسفرت خلال هذه الفترة عن تدمير ومصادرة 26 عربة و52 دراجة نارية خاصة بالمجموعات الإرهابية، بجانب كمية من مادة تي ان تي. القوات الجوية كثفت طلعاتها خلال الأسبوع الأخير، واستهدفت سبعة مخابئ للعناصر الإرهابية بجانب سيارتي دفع رباعي كانتا بصدد تنفيذ هجوم على احد التمركزات العسكرية شمالي سيناء، كما نفذت القوات الجوية طلعات قرب الحدود الغربية دمرت فيها 28 عربة دفع رباعي حاولت اختراق الحدود، وذلك بالتزامن مع العمليات البرية والبحرية لتأمين الحدود الجنوبية والغربية، وهي عمليات تركز حالياً على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البضائع والمخدرات. ولعل تحسن الوضع الأمني في مدن شمالي سيناء كان هو السبب الرئيسي في قرار السلطات المصرية بإعادة تشغيل ميناء العريش البحري في أقرب فرصة، وهو الميناء الذي توقفت حركة الملاحة فيه بعد انطلاق العملية العسكرية الشاملة.

عمليات عناصر تنظيم "ولاية سيناء" المبايع لتنظيم داعش الإرهابي لم تختلف كثيراً عن ما تمت متابعته خلال الأشهر السبعة الماضية، حيث استمر التناقص في نوعية واعداد الهجمات التي ينفذها التنظيم. قام عناصر التنظيم بتفجير عدة عبوات ناسفة في خطوط مياه الشرب والكهرباء في منطقة سبيكة غربي مدينة العريش، ثمّ حاولوا مهاجمة الأطقم الفنية التي حاولت إصلاح الأضرار، لكنهم فشلوا في تحقيق هدفهم من هذا الهجوم وهو سرقة سيارات هذه الأطقم لاستخدامها. أستمرت عناصر التنظيم في استهداف المدنيين في مدن شمال سيناء، فأغتالوا موظف مدني يعمل في قسم شرطة ثالث العريش، وفشلت محاولتهم في استهداف عدد من أمناء الشرطة اثناء تنقلهم في مدينة العريش. نفذ التنظيم خلال فترة شهر مضت أربعة تفجيرات بالعبوات الناسفة، الأول أدى الى استشهاد طفلين في منطقة الكرامة شرقي مدينة العريش، والثاني أستهدف احدى العربات المقاومة للألغام من نوع "تمساح 2" المصرية الصنع ولم يسفر عن أية اصابات بعد تمكن بدن العربة من امتصاص الموجة الانفجارية وحماية طاقمها في المواجهة الأولى لهذا النوع مع العبوات الأرضية الناسفة في سيناء، الهجوم الثالث أستهدف دبابة من نوع M60 في قرية الشلاق غربي الشيخ زويد وأسفرت عن استشهاد فردين، أما عن الهجوم الرابع، فأستهدف سيارة عسكرية كانت تقل العقيد أحمد الجعفري قائد اللواء السابع مشاة وسط سيناء، مما أدى الى استشهاده. من اهم الملاحظات التي نتجت عن معارك الفترة الماضية، تضاؤل قدرة التنظيم على الاستطلاع ورصد حركة القوات المشتركة، نظراً للتضاؤل الشديد في القوة البشرية المتوفرة له، مما جعله يعتمد في الاستطلاع على طائرات يدوية الصنع دون طيار، ذات قدرات محدودة جداً وكثيرة الأعطال، ويتمّ اسقاطها بسهولة تامة من قبل القوات.

الصيد الثمين

لعل تمكن قوات الجيش الليبي من اعتقال الضابط السابق في قوات الصاعقة المصرية "هشام عشماوي" يعد من أبرز الإنجازات الميدانية خلال الفترة الأخيرة، والتي يتعدى تأثيرها حدود ليبيا ليصل الى سيناء، فعشماوي الذي تمّ القبض عليه في مدينة درنة بصحبة أحد حراسه وزوجة الإرهابي الهارب عمر سرور، كان المطلوب الأول لدى السلطات المصرية في ما يتعلق بقضايا مكافحة الإرهاب، نظرا لمسئوليته سواء في فترة وجوده في تنظيم داعش ما قبل يوليو 2015 او بعد تأسيسه لتنظيم "المرابطون" الموالي لفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكانت له مساهمات مباشرة في كافة العمليات الإرهابية النوعية التي تمت في مصر منذ اواخر 2013 وحتى أكتوبر 2017، مثل محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري السابق في سبتمبر 2013، والتفجير الذي أستهدف مديرية أمن الدقهلية في ديسمبر 2013، وعملية اغتيال النائب العام في يونيو 2015، وعدة عمليات في سيناء خلال أكتوبر 2014 وفبراير 2015، وهجومين في عام 2017، الأول أستهدف حافلة يستقلها أقباط  في المنيا، والثاني هجوم الواحات الشهير على رتل تابع لجهاز الأمن الوطني. المعلومات التي ستستخلصها أجهزة التحقيق المصرية منه عقب تسليمه المتوقع اليها، ستلقى مزيداً من الضوء على المحرك الأساسي للعمليات الإرهابية التي حدثت في مصر منذ عام 2013 وحتى الأن، وستؤكد كذلك على صوابية القرار بدعم الجيش الليبي، وتنفيذ الضربات الجوية المصرية السابقة على أهداف في مدينة درنة التي تمت تحريرها مؤخراً من قبضة تنظيم مجلس شوري مجاهدي درنة.

في نفس السياق، تمكنت القوات المشتركة في سيناء خلال هذه الفترة من قتل عدة عناصر قيادية في تنظيم ولاية سيناء على رأسهم أبو حمزة المقدسي وأخرين تم استهدافهم بغارة جوية، كما كلان لافتاً إعلان تنظيم جهادي موالي للقاعدة يدعى "جند الإسلام" عن مقتل أربعة عشر من عناصره خلال الفترة الماضية، علما ان هذا التنظيم لم يكن له أي نشاط معروف منذ أواخر عام 2014.

الغاز مرة أخرى

وصلت مصر أواخر الشهر الماضي الى حالة الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وهو إنجاز كان للقوة البحرية المصرية فيه يد واضحة، تتمثل في مجابهة التهديدات المستمرة للمنطقة الاقتصادية المصرية سواء من المجموعات الإرهابية أو من خلال الاستفزازات التركية، والتي كان أخرها اعتقال طاقم مصري يعمل على سفينة صيد قبرصية. الاجتماع الأخير للرئيس المصري مع القيادة اليونانية والقبرصية أكد على الثوابت الحالية بين الدول الثلاث، والتي يأتي الجانب الاقتصادي فيها على رأس الأولويات، والتوقيع المصري – القبرصي الشهر الماضي على اتفاق، لإقامة مشروع خط أنابيب بحري مباشر، لنقل الغاز الطبيعي من حقل أفروديت القبرصي إلى محطات الإسالة بمصر، وإعادة تصديره إلى الأسواق المختلفة، هو خير دليل على هذا النهج.

الرسائل المصرية خلال الأيام الماضية كانت أيضا موجهه لإسرائيل، التي تراقب بحذر نتائج الكباش المصري – التركي في البحر المتوسط، وكانت الرسالة هذه المرة على لسان الرئيس المصري، الذي صرح بكل وضوح خلال الندوة التثقيفية التاسعة والعشرين للقوات المسلحة، أن إسرائيل عانت في حرب تشرين / أكتوبر من خسائر بشرية فادحة، وأن مصر التي ألحقت الهزيمة سابقاً بإسرائيل، قادرة ان تقوم بذلك مرة أخرى.