إضراب لقطاع النقل العام في لبنان وازدياد النقمة الشعبية لتردّي الخدمات
يشهد لبنان تحرّكات نقابية وشعبية بالتزامُن مع استمرار الأزمة السياسية ولا سيما إخفاق الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري في الإعلان عن حكومته بسبب التعقيدات الكثيرة التي لم يتم بعد تجاوزها، ما يفاقم في الأزمة المعيشية التي يشهدها لبنان وسط تحذيرات من انعكاس الكباش السياسي على الأوضاع الاقتصادية في البلاد على الرغم من تطمينات حاكم المصرف المركزي باستقرار سعر الليرة.
أزمات مستعصية على الحل من الكهرباء الى النفايات
لم تنجح الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية في إيجاد حل لأزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد على الرغم من تكبيد الخزينة ومعها اللبنانيين مبالغ ضخمة لسد العجز في صناديق مؤسسة كهرباء لبنان والتي وصلت إلى ملياري دولار في السنة، وسبق أن لفت وزير المال علي حسن خليل إلى أن الوزارة حوّلت بين 2010 و2015 حوالى 10 مليارات دولار لسدّ عجز الكهرباء، وهو مبلغ كاف برأيه لتأمين ضعف حاجة لبنان من الإنتاج، وتالياً هذا يؤكّد أن المشكلة بنيوية وأساسية في موضوع الكهرباء التي تشكل ما نسبته 8% من مجموع الإنفاق، وعلى الرغم من ذلك الإنفاق الكبير لا يزال اللبنانيون يعيشون في ما يشبه الظلمة.
وبسبب تداعيات تلك المُعاناة رفع النائب فيصل كرامي الصوت محذراً من "ثورة" في شمال البلاد بعد إطلاقه صرخة مدوّية ضدّ الحكومة التي اتّهمها بالتحوّل من تصريف الأعمال إلى تصريف البلد.
ليست أزمة الكهرباء هي الوحيدة التي يعاني منها لبنان، فهناك أزمات كثيرة ومنها أزمة النفايات التي شغلت اللبنانيين ولا تزال مع إخفاق معظم الحلول لمعالجتها، تضاف إليها أزمة قروض الإسكان والقرار الأخير لمؤسسة الإسكان بالتوقف عن منح القروض السكنية للبنانيين، ما يحرم آلاف العائلات المحدودة الدخل من شراء الشقق السكنية وسط ارتفاع أسعار العقارات في البلاد بما لا يتناسب مع الدخل الذي يحصّله معظم اللبنانيين.
ولا تختلف الحال في القطاعات الأخرى مع ارتفاع الشكاوى وتردّي مستوى الخدمات التي تقدّمها الدولة، والغريب أن لبنان الذي كان يُعرَف بقَصر المياه يشتري سكانه المياه للاستخدام المنزلي، وكذلك يتكبّد المواطن أعباء إضافية للحصول على مياه الشفة، ما يضاعف الفواتير التي يدفعها لقاء خدمة بديهية من واجب الدولة تأمينها.
رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بشارة الأسمر يؤكّد للميادين نت أن المطالب العمالية تزداد وتتفاقم معها الأزمات التي يعيشها اللبنانيون بدءاً من ندرة فرص العمل والصرف التعسفي الذي يمارسه أصحاب العمل في بعض المؤسسات وصولاً إلى زيادة الأقساط المدرسية وصرف الأساتذة من دون الالتفات إلى القوانين المرعية الإجراء. ويضيف الأسمر "الواقع التربوي يعاني أيضاً من الكثير من الأزمات ولا تقتصر فقط على الاستمرار في تكبيد أهالي الطلاب الزيادات غير المقبولة في الأقساط المدرسية وصولاً إلى الجامعات، وكذلك لجوء بعض أصحاب المصارف إلى الاستعانة بالخرّيجيين الجدد لقاء رواتب قليلة، هذا إضافة إلى أزمة القروض السكنية والإخفاق في حلها على الرغم من جهود وزارة المال، ولا يزال المصرف المركزي ممتنعا عن تسهيل القروض ما يضرّ بشريحة واسعة من المواطنين سواء الذين يسعون لامتلاك منزل، أو قطاع البناء الذي تضرّر بشكل كبير جرّاء توقّف القروض". ويلفت الأسمر إلى استمرار مزاحمة اليد العاملة الأجنبية للبنانيين من دون ضوابط، وأيضاً عدم اجتماع لجنة المؤشّر لمراقبة وتحديد الأسعار لا سيما أسعار المواد الغذائية وغيرها. ويختم، "كل هذه المطالب وغيرها تستوجب الإسراع في تشكيل الحكومة مع قناعة باتت لدى اللبنانيين مفادها أن الدولة تتآكل مع سيطرة المحسوبيات في الإدارات وجعلها منصّات للأزلام وأصحاب المنافع على حساب لقمة المواطن".
وفي السياق عينه، واحتجاجاً على عدم تلبية مطالبهم، اعتصم السائقون أمام المرافىء في بيروت وطرابلس وصيدا وغيرها، مؤكّدين أن التحرّكات ستتواصل وأنها تأتي ضمن سلسلة احتجاجات، من دون أن تلتفت الحكومة لمطالبهم، لأنهم وبحسب ممثليهم في النقابات "أصحاب حق، والحل الوحيد هو أن ينفّذ وزير الداخلية ما تم الاتفاق عليه"، في إشارة إلى ضرورة إقرار خطة للنقل العام ومكافحة المزاحمة غير المشروعة. ولوّح السائقون بتصعيد وتيرة تحرّكاتهم .
"اعتذر سلفاً من اللبنانيين لأن تحرك قطاع النقل الاسبوع المقبل سيكون موجعاً إلى حدّ ما. المطلوب تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فنحن لسنا في مرحلة مفاوضات وحوار، ومطار بيروت والسياحة في لبنان أهم وأولى من كثير من المسؤولين وسنعلن عن التحرك المقبل ولا منطقة مغلقة أو موقع محظور"، قال رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس.