ترامب يلغي جولة بأميركا اللاتينية للتركيز على "رد الفعل" الأميركي في سوريا
أعلن البيت الأبيض في بيان له الثلاثاء أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرّر إلغاء زيارته إلى أميركا اللاتينية "للإشراف على الرّد الأميركي على سوريا ولرصد التطوّرات الأخرى في العالم".
وبحسب البيت الأبيض فإن نائب الرئيس الأميركي مايك بينس سيقوم بالزيارة بدلاً من ترامب.
وسبق هذا البيان، بيان آخر تحدّث عن اجتماع الرئيس الأميركي بالقادة العسكريين خلا من الإشارة بأي شكل من الأشكال إلى الأزمة السورية، وفق ما أفاد مراسل الميادين.
وبحسب البيان فقد التقى ترامب الإثنين مع كبار القادة العسكريين لبحث "إجراءات حماية المصالح الأميركية"، حيث جدد الرئيس الأميركي التزامه بإعادة بناء القوات المسلحة من خلال الاتفاقية التي أبرمها مع الكونغرس حول ميزانية الدفاع، مشيداً "بالقادة العسكريين وبتضحياتهم" في مناطق الصراع وضد أصعب التحديات الأمنية في جميع أنحاء العالم، وفق تعبيره.
وتحدثت محطة "أن بي سي" نقلاً عن مصادر أميركية عن أن روسيا عطّلت الإشارات اللاسلكية للطائرات الأميركية من دون طيار في سماء سوريا، ولاحقاً نفى سيناتور روسي هذه الأنباء وقال إنها أخبار "كاذبة".
ونقلت مجلة فورين بوليسي عن متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قوله "إن كلّ الخطط سحبت عن الرّف وإن لدى ترامب خيارات كثيرة يمكن أن يتخذها وليست كلها عسكرية".
وفي تصريحات لوكالة الأناضول التركية قال إريك باهون أحد متحدثي البنتاغون، إن هناك بعض الخيارات المطروحة على الطاولة مضيفاً "بعضها عسكري، وبعضها دبلوماسي، لكن من دون أن يقرر الرئيس (ترامب)، لا يمكنني الحديث عن ذلك".
ويأتي بيان البيت الأبيض بشكل خالف التوقعات، حيث كان متوقعاً أن يخرج بقرار حول عدوان عسكري محتمل على سوريا خاصة وأنّ ترامب قد تعهّد بالقيام بـ "إجراء سريع وقوي" ليل الإثنين رداً على مزاعم باستخدام أسلحة كيميائية في دوما بريف دمشق.
وفي حديثه للصحفيين في بداية اجتماعه مع القادة العسكريين ومستشاري الأمن القومي، قال ترامب إنه سيتخذ قراراً حيال رد على الهجوم بحلول ليل الإثنين أو "بعد قليل جداً من ذلك"، مضيفاً أن الولايات المتحدة لديها "خيارات عسكرية كثيرة" بشأن سوريا.
وأضاف "لا يمكننا ترك فظائع مثلما شاهدنا جميعاً، لا نستطيع ترك ذلك يحدث في عالمنا، خاصة عندما نكون قادرين على إيقافها نظراً لقوة الولايات المتحدة وقوة بلدنا".
لا تأكيدات حول استخدام سلاح كيميائي في دوما
ولم تستطع التقديرات الأميركية الأولية حتى الآن أن تحدد بشكل قاطع المواد التي استُخدمت في الهجوم ولم يتسن لها الجزم بأن الجيش السوري وراء هذا الهجوم، بيد أن ترامب قال إن واشنطن "تسعى لمزيد من الوضوح" بشأن المسؤول عن الهجوم.
وطالبت سوريا وروسيا بإرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى دوما بأسرع وقت ممكن للتحقيق في مزاعم روّجت لها منظمة "الخوذ البيضاء" وتنسيقيات المسلحين بأنه هجوم كيميائي على المدينة.
وأكّد ينس لاركي الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بجنيف الثلاثاء أنه ليس بمقدوه تأكيد حصول هجوم كيميائي في دوما.
كما قالت الناطقة باسم منظمة الصحة العالمية فاضلة شعيب "لسنا بوضع يمكننا من تأكيد حصول هجوم كيميائي على دوما".
موسكو تأخذ على محمل الجد التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا
من جهته قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنّ موقف الولايات المتحدة ودول أخرى من مزاعم الهجوم الكيميائي في سوريا "ليس بنّاءً".
وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إن موسكو ترغب في إجراء تحقيق مستقل حول التقارير عن استخدام الكيميائي في سوريا.
وأوضح لافروف أنّ موسكو لم تتلق أي جواب من منظمة حظر الأسلحة الكيمائية على عرض روسيا للتحقيق حول مزاعم استخدام الكيميائي في دوما، مضيفاً أنهم مستعدون لتقديم كل الضمانات اللازمة لكي يعمل فريق مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيمائية في المدينة.
بدوره نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قال إنّه لا يوجد خطر صدام عسكري بين واشنطن وموسكو في سوريا، مؤكداً وجود "اتصالات عملية" بين الجانبين حول هذا الموضوع وأعرب عن أمله في أنّ يسود "المنطق السليم" في سوريا.
وأضاف "نأمل ألا تصل الأمور إلى مواجهة مباشرة بين موسكو وواشنطن في سوريا"، وفي الوقت نفسه أوضح أنّ موسكو تأخذ على محمل الجد التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا.
واليوم يبحث مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف آخر التطورات السورية مع عدد من المسؤولين الإيرانيين في طهران.
ظريف: أميركا تعمل على نقل عناصر داعش إلى مناطق أخرى
من جهته قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنّ موقف إيران واضح من الأسلحة الكيميائية وهي تدين استخدامها من قبل أي جهة.
وبحسب ظريف فإنّ "أوضاع الإرهابيين المدعومين من قبل أميركا في سوريا ليست جيدة ويتعرضون للهزيمة، لذا فإنّ واشنطن تبحث عن ذريعة للتدخل"، مؤكداً أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تدخلتا مراراً في الساحة السورية لإعطاء دفع ودعم للإرهابيين.
وأوضح الوزير الإيراني أنّ الاعتداء الإسرائيلي الأخير على مطار التيفور جاء في وقت يتعرّض فيه المسلحون للهزيمة، مشدداً على على أنّ لدى طهران "معلومات مؤكدة وموثوقة بأنّ أميركا تعمل على نقل عناصر داعش إلى مناطق أخرى للاستفادة من هذا الاستثمار الخطير الذي قامت به في سوريا في أماكن أخرى".
واشنطن تدرس رداً عسكرياً جماعياً وتهدد بعدوان خارج إطار مجلس الأمن
في غضون ذلك، أبلغ مسؤولون أميركيون وكالة رويترز أن واشنطن تدرس "رداً عسكرياً جماعياً".
وقال البيت الأبيض إن ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدّثا هاتفياً للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة لتنسيق ردّهما.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدث باسم الإليزيه في باريس قوله إنّه سيكون هناك "ردّ إذا تمّ تجاوز الخط الأحمر" في سوريا.
من ناحيتها قالت رئيسة وزراء بريطانيا "يجب محاسبة المسؤولين عن الهجوم الكيميائي" المزعوم في سوريا، وأوضحت أنها اتصلت بماكرون صباحاً وستتصل بترامب لاحقاً.
وسُئل ترامب عما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحمل أي مسؤولية عن هذا الهجوم فقال "ربما.. نعم.. ربما يتحمل المسؤولية. وإذا فعل ذلك فسيكون أمراً صعباً للغاية".
بدورها قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي إن واشنطن "سترد" على الهجوم سواء تحرك مجلس الأمن أم لا.
The monster responsible for these attacks has no conscience. “The Russian regime, whose hands are all covered in the blood of Syrian children, cannot be ashamed by pictures of its victims," Haley says about the suspected chemical weapon attack in Syria https://t.co/wOnYNxmxB5 pic.twitter.com/txg2dyP5VX
— CNN International (@cnni) ٩ أبريل، ٢٠١٨
في حين قالت موسكو إنها حذرت الولايات المتحدة من "عواقب وخيمة" إذا نفذت هجوماً ضد القوات الحكومية الروسية.
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن الجيش الروسي قوله الإثنين إن أطباءه فحصوا مرضى في مستشفى في دوما ولم يرصدوا أي أثر لهجوم كيماوي.
وخلال جلسة لمجلس الأمن قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن تهديد المندوبة الأميركية لسوريا يعني أنها لا تقيم وزناً لهذا المجلس وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، متهماً دولاً دائمة العضوية "بامتهان الكذب" للنيل من بلاده و تهيئة الأجواء للعدوان عليها، كما فعلت سابقاً عندما احتلت العراق ودمرت ليبيا.
وسائل إعلام أميركية: مدمرة صاروخية أبحرت نحو سوريا
وفي سياق متصل، أفادت وسائل إعلام أميركية بأن مدمرة أميركية ثانية قد تدخل البحر المتوسط في الأيام القريبة القادمة، إضافة إلى المدمرة "USS Donald Cook" الموجودة حالياً في المتوسط.
ونقلت عن مسؤولين أميركيين في مجال الدفاع قولهم إن "مدمرة USS Donald Cook الصاروخية يمكنها المشاركة في أي ضربة على سوريا، ومن المفترض وصول مدمرة USS Porter إلى هذه المنطقة بعد عدة أيام".
من جهتها نقلت صحيفة "Washington Examiner" عن مصدر في البنتاغون أن المدمرة "USS Donald Cook" غادرت أمس الإثنين ميناء قبرص وأبحرت في اتجاه سوريا، مشيرة إلى أن السفينة مزودة بـ 60 صاروخاً مجنحاً من طراز "توماهوك".
وكانت الولايات المتحدة استهدفت في 7 نيسان/ أبريل من العام الماضي بعشرات الصواريخ بعيدة المدى انطلقت من مدمرتين أميركيتين شرق البحر المتوسط، قاعدة الشعيرات العسكرية، جنوب شرق مدينة حمص وسط سوريا.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية حينها أنها استهدفت القاعدة المذكورة بأكثر من 50 صاروخاً من طراز "توماهوك" من بوارجها في البحر الأبيض المتوسط، بينما ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن القاعدة أصيبت بـ 23 صاروخاً.