ماذا لو استمرت؟
صحيفة يديعوت أحرونوت تقول إنه "ليس هناك وسيلة ردع للفلسطينيين في غزة: لا يمكن أخذ تصاريح عمل منهم، أو كهرباء أو مياه، لأنها أصلاً غير موجودة لديهم"!
إسرائيل لم تلتفت إلى النظرية القائلة بأنه في الحرب عليك أن تترك لخصمك شيئاً وأن لا تحشره في الزاوية كي لا ينفجر في وجهك لا محالة، فنزعت من الفلسطينيين الأرض، والولد، الرزق، وسبل العيش، ولم يعد للفلسطيني ما يخسره، وباتت فلسطين كل فلسطين قنبلة موقوتة.
"إنها فقط رصاصة الانطلاق" هكذا ارتأت صحيفة يديعوت أحرونوت أن تضع عنواناً لمقالها الذي يتحدث عن مسيرة العودة الكبرى، المسيرة التي بدأت شعلتها من اقتراح قدّمه نشطاء فلسطينيون ودعمه الشعب والفصائل في يوم الأرض، وهو عبارة عن مسيرات داخل فلسطين ومناطق الشتات هدفها إبقاء الاشتباك عند نقاط التماس مع الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد على حق العودة لكلّ فلسطيني طُرد أو خَرجَ من موطنه في العودة إلى الديار، إلى فلسطين.
صحيفة يديعوت أحرونوت اعترفت بأن حركة حماس سجّلت إنجازات في المسيرة، أولها ردة فعل الساحة الدولية، معتبرة أن "أزمة غزة عادت إلى الاهتمام، مصر والأردن تدينان، والاتحاد الأوروبي يصدر بياناً، والأميركيون قلقون، وسكرتير الأمم المتحدة يطلب تحقيقاً – وهذا قبل أن تبدأ إسرائيل بدفع ثمن القتلى ومئات المصابين في الساحة الدولية وعليها تقديم توضيحات".
الصحيفة عرجت على الانتفاضة الأولى، أي قبل حوالي 30 سنة، لافتة إلى أنّ إسرائيل لم تتعلم دروس التاريخ في فلسطين "لم يفهموا في إسرائيل أن الاضطرابات هي بداية انتفاضة شعبية. ضباط الجيش – الذين قالوا حينها: تعالوا نفرّق التظاهرات بالقوة. صحيح أنها ستتسبب بعدد كبير من المصابين لكن ستُنهي القصة بسرعة – نالوا سيلاً من الإزدراء. والنتيجة: سنوات من الانتفاضة وآلاف المصابين في الطرفين. في سنة 2000 أصبحت انتفاضة مسلّحة".
مسيرة العودة الكبرى التي انطلقت الجمعة حصدت 16 شهيداً و 1479 إصابة، ما دفع بعض أعضاء مجلس الأمن إلى استنكار مجزرة يوم الأرض في غزة، في وقت رفضت فيه الولايات المتحدة اعتماد أيّ بيان ينتقد إسرائيل أو يوجّه دعوة موحدة لوقف القتال في فلسطين.
الموقف الإسرائيلي الذي جاء اليوم على لسان وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ليس مستغرباً، ليبرمان أكّد أن إسرائيل لن تتعاون مع أيّ لجنة تحقيق، وهذه ليست جديدة على العدو الإسرائيلي، فبنظر ليبرمان "الجنود الإسرائيليون يستحقون ميدالية!" ، وهم "قاموا بما يلزم"، وهو نفسه من قال قبل المسيرة "كل من يقترب من الجدار يعرّض حياته للخطر!".
الى سكان قطاع غزة :
— אביגדור ליברמן (@AvigdorLiberman) March 30, 2018
قيادة حماس تغامر في حياتكم. كل من يقترب من الجدار يعرض حياته للخطر. انصحكم مواصلة حياتكم العادية والطبيعية وعدم المشاركة في الاستفزاز.
إعلامي إسرائيلي: أخجل أن أكون "إسرائيلياً"
اليوم، "أنا أخجل أن أكون إسرائيلياً"، هذا ما قاله "كوبي مدان" وهو إعلامي قديم ومقدّم برامج ثقافية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، وذلك على خلفية أحداث مسيرة العودة على تخوم قطاع غزة، ربما هذا يشكل إنجازاً آخر لمسيرة العودة بإحداث شرخ داخل "المجتمع الإسرائيلي" فـ ليبرمان ردّ على "الإعلامي المتمرّد داخل المؤسسة العسكرية" بالقول "أنا أخجل أن يكون لدينا مذيع من هذا النوع في إذاعة عسكرية، من الجدير به أن يستخلص العبر ويترك الإذاعة".
المتظاهرون الفلسطينيون أطلّوا بصورهم على صفحات الجرائد وشاشات التلفزة، إنجاز آخر أيضاً لمسيرات العودة التي شقّت طريقها بقوة إلى الإعلام الإسرائيلي الذي اضطر إلى تغطية الحدث..
صحيفة "إسرائيل اليوم" قالت إن مسيرة العودة هي "مجرد البداية"، معتبرة أن الموضوع الفلسطيني عاد إلى صدارة العناوين العالمية، والرأي العام العالمي سيواكب من الآن فصاعداً كل حادثة وحركة تجري على السياج الفاصل مع قطاع غزة المحاصر، وأشارت الصحيفة إلى أن مهمة إسرائيل معقّدة وهي "أن تشرح للعالم أن حماس تحديداً هي الشريرة في القصة" لكنها فشلت في إقناع من سمع روايتها!
من جهتها، استغربت صحيفة هآرتس من التعاطي الفلسطيني مع "القسوة" الإسرائيلية التي أودت بحياة 16 فلسطينياً معتبرة أن عدم إطلاق أيّ صاروخ من غزة نحو المستوطنات "أمر مثير للاهتمام" واصفة يوم الجمعة بأنه "كان أصعب يوم في غزة".
بسلميّة مؤلمة..ضربت مسيرة العودة في بدايتها الإسرائيليين في العمق، ماذا لو استمرت حتى النهاية؟