لماذا الآن؟ لبنان يفتح مطاراته وموانئه أمام الطائرات القتالية والسفن الحربية الروسية!
قرار الحكومة الروسية يأتي على خلفية التوتر بين لبنان والكيان الإسرائيلي الذي يخطط لبناء جدار إسمنتي يتعدى "الخط الأزرق"، إضافة إلى ادعاءات تل أبيب ملكيتها لـ"البلوك ٩" الغنيّ بالنفط والغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية.
ماذا في واقع الأمر الذي يقف وراء القرار الروسي؟
روسيا علمتّنا على مدى العقد الأخير من السنين على أقل تقدير بأن كلّ ما يتعلّق بقضايا الطاقة، وخاصة في الجغرافيا التي تمتد بين البحرين الأسود والأبيض المتوسط، يعدّ مسألة غاية في الأهمية بالنسبة لها ويمسّ مصالحها الاستراتيجية التي يرتكز عليها أمنها القومي.
من هنا يمكن فهم تصرّف موسكو إزاء دمشق. فموقع سوريا الاستراتيجي الذي يتحكّم إلى حدّ كبير بالملاحة في حوض الأبيض المتوسط ويعتبر منفذاً رئيسياً لتصدير النفط والغاز من المنطقة إلى أوروبا يفسّر استماتة روسيا في دفاعها عن الرئيس بشار الأسد والحفاظ على وحدة سوريا وترسيخ تواجدها العسكري على أراضيها.
ومن هذا الفهم تحديداً، يستنتج أن عزم الكرملين على توسيع النفوذ في المنطقة ليشمل لبنان أيضاً إنما يأتي استكمالاً لاستراتيجية الطاقة الروسية في الفضاء بين البحرين الأسود والأبيض المتوسط. ومن المنطقي الافتراض أن الروس الذين خاضوا تجربة ناجحة في القتال في خندق واحد مع إيران وحزب الله في سوريا باتوا يشعرون بأن أمن لبنان أصبح جزءاً من أمن سوريا، وفي المحصلة جزء من أمنهم، وفي ضوء تراجع النفوذ السعودي في لبنان يمكنهم، أي الروس، أن يبسطوا نفوذهم فيه.
واستناداً إلى هذه الأسس تبدو واقعية طموحات روسيا في احتكار قطاع الطاقة اللبناني، ولا سيما أن شركات روسية كبيرة تنوي المشاركة في مناقصات الحكومة اللبنانية لمشاريع النفط والغاز في الجرف القاري اللبناني.
من هنا الاستنتاج أن بنيامين نتنياهو لم ينجح في إقناع فلاديمير بوتين بدعم موقف تل أبيب من قضية "البلوك ٩". ويبدو أن الكرملين بقراره تعزيز التعاون العسكري مع لبنان، عازم على المضيّ قدماً في جعل بلد الأرز في مأمن من التهديدات الإسرائيلية.
الروس واللبنانيون قاتلوا في خندق واحد في سوريا. ولدى الروس أقوال مأثورة كثيرة حول رفقة السلاح ومنها: "لا تخن رفيق السلاح. متّ أنت لكن رفيقك أنقذ".