حاجة إسرائيلية للتفاهم مع لبنان وسوريا حول "الأمن البحري"؟
في الآونة الأخيرة عاد الحديث عن الأمن البحري إلى قائمة الإهتمام في الإعلام الإسرائيلي، بالتوازي مع التطوير المستمر للاجراءات والأسلحة، حيث تعمل "إسرائيل" على ترقية نظام الدفاع الصاروخي البحري لديها لتتمكن من التعامل مع جميع أنواع التهديدات البحرية. وفي هذا السياق تمّ تطوير خوارزمية تحدد وتصنف الأسلحة وتلائم خاصية تمويه لها، بحيث يتم تأخير صاروخ العدو دقيقة أو اثنتين قبل أن يتم استهدافه.
وبدأت البحرية الإسرائيلية اعتماد تكتيك جديد في حركتها، حيث باتت عدة زوارق صغيرة تواكب حركة الفرقاطات الكبيرة، بالتوازي مع تعزيز استخدام الطائرات من دون طيار في خدمة القوات البحرية.
لكن المستجد أيضًا التنظير في بعض الأروقة في تل أبيب لـ"بناء الثقة" عبر الأمن البحري.
هذه النظرية تعود أصولها إلى مطلع التسعينيات، حيث اقترح الأوروبيون تعاون دول الشرق الأوسط عبر إيجاد تفاهمات مشتركة حول الحوادث البحرية وأعمال الإغاثة. وكان الهدف من ذلك الإقتراح تحقيق خرق في جدار المحادثات بين إسرائيل وجيرانها من خلال ساحة "هادئة" نسبيًا في مشهد الصراع.
اليوم ومع الحاجة الإسرائيلية لضمان أمن عمليات التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل فلسطين المحتلة، تمّ استحضار هذه النظرية من أدراج مغلقة مع إختلاف البيئة الإستراتيجية بعد أن صار التحالف الإسرائيلي مع دول عربية وخليجية علنيًا.
لكن مشكلة تل أبيب المباشرة في هذا الملف تكمن في كون لاعبين أساسيين إثنين في ملف حقول النفط والغاز لا يزالا على عدائهما التاريخي معها: سوريا ولبنان. وهنا بالتحديد لدى اسرائيل مصلحة في إحياء المفاوضات بالإستفادة من الواقع السوري وتمدد النفوذ الروسي في سوريا، فضلًا عن التأثير الأميركي المباشر على لبنان.
وفي هذا السياق، صدرت دعوات أكاديمية أخيرًا، كان أبرزها تقرير عن معهد الأمن القومي في تل أبيب، تدعو بوضوح إلى إطلاق مفاوضات أممية برعاية أميركية – روسية بشأن الأمن البحري للحقول النفطية في الشرق الأوسط، على أن تتولى موسكو بعدها إقناع دمشق تحديدًا بالمصلحة في التوصل إلى "تفاهمات" بهذا الشأن.
إن النجاح في عقد اتفاقية بناء الثقة البحرية قد يساهم في التغلب على بعض العوائق التي ظهرت خلال محاولة الاجتماع حول موضوع المنطقة منزوعة السلاح، كما تساهم في تمهيد الطريق لبناء الحوار حول القضايا الأمنية المشتركة لدول الشرق الأوسط.