الكرنتينا.. أقدم مكان للحجر الصحي في فلسطين

الكرنتينا، مكان صديم للحجر الصحي في فلسطين يشهد على عراقة التراث الفلسطيني ومكانته.
  • تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي استخدام العديد من المباني التاريخية الفلسطينية كمتاحف

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي هجمتها الشرسة ضدّ المواقع الأثرية والمعالم الدينية الفلسطينية، خاصة بعدما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" في شهر تموز/ يوليو الماضي، إدراج مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية على لائحة التراث العالمي "منطقة محمية"، بصفتها موقعاً يتمتّع بقيمة عالمية استثنائية.

وهذه هي الكرنتينا أو تحفظخان، الأولى كلمة انكليزية وتعني الحجر، والثانية تركية ولها نفس المعنى، وأطلق إسمها على الحيّ المحيط بها، والمبنى عبارة عن سور حجري مرتفع يتّخذ شكل المربع، بناه السلطان العثماني عبد المجيد بن محمود عام 1848، تعاني من ذات الهجمة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ويتميّز مبنى الكرنتينا بطبيعة بنائه الجذّاب، بحيث يعتمد على ما يُعرف بالركب والجدران في حمل القباب التي تسقفه، ويزيّنه الحجر الوردي القديم من الداخل والخارج، مشكلاً سماكة للجدران تصل إلى متر كامل، من دون أعمدة وحديد، ومبنية من الشيد المصنوع من التراب، ويتميّز المبنى بدفء جدرانه في الشتاء وبرودته في الصيف.

كما أن المبنى يتميّز بضخامة مساحته، وينمّ عن تصميم هندسي وجمالي كبير، علماً أن البلدة القديمة من مدينة الخليل تزخر بالعديد من المعالم التاريخية المبنية خلال الحقب المتعاقبة على حكم فلسطين، ما يجعلها مقصداً للسياحة المحلية والأجنبية، للتعرّف على المدينة التي تحتضن إرثاً حضارياً غنياً بالمعالم التاريخية.

ويؤكّد مدير مديرية صحة مدينة الخليل الدكتور نزيه عابد لـ"الميادين نت" أن الكرنتينا كانت تستعمل لحجْر المصابين بالأمراض المعدية، كأمراض الطاعون والسلّ والكوليرا، بسبب الجهل في التعرّف على الأمراض آنذاك، واستعملها الجيش التركي لحبْس الفارين من الخدمة في صفوفه، إبان حكمه لفلسطين الذي استمر نحو 420 عاماً.

وقال الدكتور نزيه لمراسلنا "أعيد استعمالها كعيادات طبية في فترة الاستعمار الانكليزي والعهد الأردني والاحتلال الإسرائيلي، كما طوّرت السلطة الفلسطينية استخدام الكرنتينا كعيادات طبية، لخدمة نحو 70 ألف مواطن يقطنون داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وتمنع وصول الخدمات الصحية إليهم.

وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي أيضاً استخدام العديد من المباني التاريخية الفلسطينية كمتاحف أو تسمح بإعادة ترميمها، ويعتدي مستوطنوها المتسلّحون بقوة سلاح جيشهم على مساجد وكنائس يبلغ عمرها مئات السنين، متحدّين بذلك كافة الأعراف والمعاهدات الدولية التي نصت على حمايتها ومنع كيان الاحتلال من التصرّف فيها أو تغيير معالمها.

وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية تعرّض مبنى الكرنتينا للعديد من اعتداءات قطعان المستوطنين، وإغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي له بحجج وذرائع أمنية واهية لشهور عديدة، في محاولة منها للسيطرة على المبنى، وفشلت مخططاتها بفعل التكاثف الشعبي وصمود الأهالي في وجه سياسة التضييق التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكّد مدير عيادة الكرنتينا الدكتور محمود الدويك لـ"الميادين نت" أن الكرنتينا باتت متنفساً سياحياً لسكان البلدة القديمة في مدينة الخليل، بفعل الجلسات الهادئة في أراضيها المزروعة بالورد وأشجار الزينة، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع الجهات الفلسطينية من إقامة متنزه للمواطنين الفلسطينيين هناك للتخفيف عنهم.

ولفت الدكتور الدويك إلى محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتكرّرة عرقلة وصول المواطنين الفلسطينيين إلى عيادة الكرنتينا، وإقامتها للحواجز والتنكيل بالمرضى والمواطنين الفلسطينيين على الطرق المؤدّية إليها، بالإضافة لتعرّض الطواقم الطبية الفلسطينية إلى التفتيش والتوقيف وإعاقة أعمالهم، واقتحام العيادة وتفتيش مرافقها وساحتها.

وقال المواطن الفلسطيني سلامة أبو سنينة لـ"الميادين نت": العناية والاهتمام بمختلف أنواع الورود والزهور والأشجار داخل أسوار الكرنتينا، والإبقاء على نظافة الممرات والغرف، كونها جزءاً أساسياً من تاريخ وهوية الأرض الفلسطينية، وللتدليل على عروبة وفلسطينية الأرض، ومنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من السيطرة عليه.

ولفت سلامة والذي يعمل في عيادة الكرنتينا إلى تطوعه في العناية بأشجار الزينة والورد التي أضاءت حلكة واقع المواطنين الفلسطينيين القابعين في سجن احتلالي كبير، جرّاء وجود 120حاجز تفتيش وبوابة الكترونية، وتحكم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل في حياة المواطنين في البلدة القديمة من الخليل.

وتعمل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية على الحفاظ على جميع المعالم التاريخية لحماية الهوية الفلسطينية والمعالم الأثرية من الهجمة الاحتلالية المسعورة بحق كل ما هو فلسطيني، وازدادت عنجهية الاحتلال خاصة بعد إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي.

المصدر: الميادين نت