استراتيجية واشنطن تجاه إيران: ترامب يتنصّل من الاتفاق النووي ولا يلغيه
قبل ساعات من إعلان الرئيس الأميركي قراره بشأن الاتفاق النووي حيث يتوقع ألا يصادق على امتثال إيران لبنوده، خرجت استراتيجية ترامب حيال إيران إلى العلن. لم تعلن الاستراتيجية الخروج من الاتفاق النووي أو إنهاءه لكنها قالت "إن النظام الإيراني أظهر سلوكاً مزعجاً في ما يتعلق بالاتفاق النووي واستغلّ الثغرات وتصميم المجتمع الدولي".
ترامب يصف في استراتيجيته السلوك الإيراني بـ"المتهور" ويرى فيه "أحد أخطر التهديدات لمصالح الولايات المتحدة" مضيفاً أن الإدارة الأميركية عازمة على تغييره.
الوثيقة التي حملت عنوان "استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران" قالت إن "القادة العسكريين الإيرانيين صرّحوا علناً أنهم يرفضون السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مواقعهم العسكرية، مشيراً إلى أن "هذه التصريحات تناقض تعهدات إيران في إطار خطة العمل المشتركة والبروتوكول الإضافي، ومنذ وقت ليس بطويل كانت هذه المنظمات نفسها تخفي منشآت نووية داخل مواقعها العسكرية".
وخلصت إلى إنه "لا يمكن التسامح مع هذا السلوك ويجب تنفيذ الاتفاق بحزم وعلى الوكالة الدولية أن تستخدم صلاحياتها كاملة في التفتيش".
وتحدثّت استراتيجية ترامب عن"نطاق تهديد أنشطة النظام الإيراني المضرّة الذي يمتد إلى ما هو أبعد من التهديد النووي"، موضحةً أن العمل سيجري "لتنشيط علاقتنا الإقليمية والدولية ضد إيران، وللضغط على النظام الإيراني للحدّ من نشاط الحرس الثوري". وأضافت في هذا السياق أن واشنطن "ستواجه الخطر الايراني الموجّه ضدها وضد حلفائها من الصواريخ الباليستية".
وفي وقت لحظت فيه "الحاجة إلى استراتيجية شاملة"، لفتت إلى أن نظرة الإدارة السابقة الضيّقة للبرنامج النووي الإيراني أدّت إلى وصول النفوذ الإيراني في المنطقة إلى ذروته متعهدة بعدم تكرار هذه الأخطاء، وفق ما جاء فيها.
وأضافت أنه "خلال العقد ونصف العقد الأخير منحت سياسة الولايات المتحدة الأولوية للتهديد المباشر للتنظيمات السنيّة المتطرفة على حساب التهديد الطويل الأمد للميليشيات المدعومة من إيران، ومن خلال قيامها بذلك تجاهلت الولايات المتحدة التوسّع المطرّد للقوات الوكيلة لإيران والشبكات الإرهابية التي تهدف إلى إبقاء جيرانها في وضع ضعيف وغير مستقر على أمل السيطرة على الشرق الأوسط الكبير"، معتبرةً أن "النظام الإيراني صعّد مؤخراً من دعمه لهذه الشبكات من خلال أسلحة تدميرية في الوقت الذي تحاول فيه إقامة جسر من إيران إلى لبنان وسوريا".
وجاء في الاستراتيجية المذكورة أن نطاق التهديد الأيراني يشمل "تطوير الصواريخ البالستية والتخصيب، والدعم المادي والمالي للإرهاب والتطرّف، ودعم الفظاعات التي يرتكبها نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد ضد الشعب السوري" على حدّ تعبيرها.
ومن بين الأسباب التي تسوقها الاستراتيجية "عداء إيران الشديد لإسرائيل"، و"التهديد المستمر لحريّة الملاحة خصوصاً في الخليج الفارسي الحيوي والاستراتيجي"، متطرقةً أيضاً إلى ما أسمته "هجمات سيبيرية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاء أميركا الآخرين والشركاء في الشرق الأوسط"، وصولاً إلى حديثها عن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاحتجاز التعسّفي للأجانب، بمن فيهم المواطنون الأميركيون بتهم مفبركة ومن دون مراعاة الأصول القانونية".
وخلصت إلى القول إن إدارة ترامب "ستحقق هذه الأهداف من خلال استراتيجية تحيّد التهديدات الإيرانية وتكافحها خصوصاً تلك التي يشكلّها الحرس الثوري".
التصدي للحرس الثوري
ورأت الوثيقة المذكورة "أن العناصر المتشددة في الحرس الثوري شكلّت الأداة والسلاح الرئيسي للمرشد الأعلى خامنئي في تحويل إيران إلى دولة مارقة".
وإذ اعتبرت أن "الهدف المعلن من قبل الحرس الثوري هو تدمير النظام العالمي"، ذكّرت "أن قوة وتأثير الحرس الثوري نميا عبر الزمن حتى إنه ظلّ غير خاضع لمساءلة الشعب الإيراني حيث يأتمر لخامنئي" وقالت "من الصعب إيجاد صراع أو شعب يعاني في الشرق الأوسط ليست للحرس الثوري يد فيه".
وادعّت أن "الحرس الذي لا يخضع لمساءلة الزعماء المنتخبين والشعب في إيران حاول السيطرة على أجزاء كبيرة من الاقتصاد الإيراني في الوقت الذي عمل فيه على إضعاف وتقويض جيران إيران وإدامة الفوضى وعدم الاستقرار لديهم".
أمّا خارج إيران فاتهامات للحرس الثوري بـ"تسليح الرئيس السوري وتغاضيه عن استخدام الأسلحة الكيميائية والسعي لتقويض القتال ضدّ داعش من خلال تأثير الجماعات المسلحة الخاضعة لسيطرته في العراق"، وفي اليمن "استخدام الحوثيين كدمى لإخفاء دور إيران في استخدام الصواريخ المتطورة والمراكب المفخخة للاعتداء على المدنيين الأبرياء في السعودية والإمارات كما من أجل تقييد حرية الملاحة في البحر الأحمر"، بحسب الوثيقة الأميركية.
تهديد بتنفيذ هجمات في الولايات المتحدة
ولم يتوقف الحديث على متن الوثيقة عن الحرس الثوري في الشرق الأوسط، بل تخطاه ليقول إن الأخير "هدد أيضاً بتنفيذ هجمات إرهابية هنا في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن "كبار القادة في الحرس الثوري تآمروا من أجل قتل السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير على الأراضي الأميركية في 2011، لكن لولا العمل الاستثنائي للاستخبارات كان يمكن للحرس الثوري أن ينفذ هذا الاعتداء الارهابي والاغتيال في عاصمتنا وكان يمكن له أن يقتل ليس فقط دبلوماسياً سعودياً واحداً بل أيضاً مجموعة من الأبرياء الذين يرتادون مطعماً شعبياً في العاصمة واشنطن".
ومضت الوثيقة تقول "إن الحرس الثوري عبّر مراراً عن العداء والتجاهل للقوانين والأعراف الدولية مهدداً كل الدول والاقتصاد العالمي"، معتبرةً "أن شركاءنا في المجتمع الدولي يشاركوننا الرأي بأن سلوك الحرس الثوري يهدد السلام والأمن العالميين وبأنه ينشر الطائفية ويطيل أمد الصراع، كما أنهم يؤيدون أن الحرس الثوري متورط في ممارسات اقتصادية فاسدة استغل من خلالها الشعب الإيراني وقمع المعارضة الداخلية وحقوق الانسان والازدهار الاقتصادي".
وفي هذا المضمار خلصت إلى القول "لكل هذه الأسباب نريد العمل مع شركائنا لكبح هذه المنظمة الخطيرة لمصلحة السلام والأمن العالميين والاستقرار الاقليمي والشعب الإيراني".
ورأت إن إدارة ترامب "ستحقق هذه الأهداف من خلال استراتيجية تحيّد التهديدات الإيرانية وتكافحها خصوصاً تلك التي يمثلها الحرس الثوري".
طبيعة النظام الإيراني
ونحت الاستراتيجية إلى الحديث عن طبيعة النظام الإيراني تحت قيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، فقالت إنه "ومنذ 28 سنة وخامنئي يتبوأ منصب المرشد الأعلى في إيران، وقبل ذلك كان في منصب الرئيس لثماني سنوات، وخلال هذه السنوات اختصر النظام الإيراني بشخصه".
ورأت أن خامنئي والحرس الثوري "اتبعوا سياسة ثابتة تقوم على نشر إيديولوجيا ثورية بهدف تقويض النظام الدولي وعدد من الدول من خلال التخريب واستخدام القوة، عدوّها الرئيسي لطالما كان ولا يزال الولايات المتحدة التي يطلق عليها الشيطان الأكبر".
وادّعت أنه "تحت قيادة خامنئي صدّرت إيران الإرهاب وزعزعت استقرار جيرانها ودعمت الإرهاب في الخارج، وداخل إيران وتحت قيادة خامنئي قمعت الحكومة الإيرانية الشعب وانتهكت حقوقه وقيدت وصوله إلى الانترنت والعالم الخارجي وزوّرت انتخابات وأطلقت الرصاص على الطلاب المتظاهرين في الشارع وسجنت إصلاحيين مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي".