لولا دا سيلفا... "الرهان" الأخير

آخر الخطوات التي لجأت إليها روسيف لإنقاذ نفسها وحزبها من السقوط، تعيين الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا المتهم بقضايا فساد بمنصب وزير دولة رئيسا لديوان الحكومة.
  • اعتبر القضاء اتخاذ قرار تعيين دا سيلفا تدخلاً غير ملائم ومدان
تمر البرازيل، سابع أكبر اقتصاد في العالم، وأهم دولة في أميركا اللاتينية بمنعطف خطير جداً، حيث تشهد البلاد أزمة سياسية خانقة بين المعارضة والحزب الحاكم، دون وجود أي أفق واضح للتسوية في المدى المنظور. تصر المعارضة على سجن الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا وإقالة الرئيسة الحالية ديلما روسيف من منصبها؛ فيما ترفض الأخيرة بشدة هذه الضغوطات، وتتمسك بحقها في إكمال ولايتها.

آخر الخطوات التي لجأت إليها روسيف لإنقاذ نفسها وحزبها من السقوط، تعيين الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا المتهم بقضايا فساد بمنصب وزير دولة رئيسا لديوان الحكومة. فالرجل يعد آخر حصن يلجأ إليه الحزب لتفادي سقوطه، لما يتمتع به دا سيلفا من علاقات كبيرة وحنكة سياسية وخبرة اقتصادية واسعة وشخصية كاريزماتية. فهل ينجح الزعيم الأكثر تأثيرا في العالم كما عنونت مجلة "تايم" الأميركية عام 2010، في إنقاذ البلاد ومعها سفينة حزبه والرسوّ بهما مجدداً على بر الأمان؟

انطلقت شرارة الاحتجاجات عام ألفين وثلاثة عشر. خرجت تظاهرات عدة للتنديد بالانكماش الاقتصادي وتدهور سعر الريال البرازيلي وغلاء الأسعار (النقل، الكهرباء، الوقود..). لكن وبالرغم من إجراءات التقشف التي بدأت تنتهجها الحكومة، لم تنجح في احتواء الأزمة. وما زاد من غضب الشارع على الحزب الحاكم، هو اتهام عدد من قياداته بعمليات فساد ( قضية الشركة العمومية للنفط بيتروبراس)، ومن بينهم الرئيس السابق لولا دا سيلفا؛ واتهام رئيسة البرازيل ديلما روسيف بتزوير أرقام الميزانية العامة في 2014، للتقليل من تأثير الأزمة والتشجيع على إعادة انتخابها.

ساحات المواجهة

تعددت أساليب ووسائل المعارضة لإسقاط الحزب الحاكم، حيث اعتمدت على تنظيم تظاهرات حاشدة في المدن الرئيسة بالبرازيل، في ساوباولو وبرازيليا وريو دي جينيروا... لكن وفور تعيين دا سيلفا في المنصب الوزاري الجديد، دعا الحزب الحاكم -بإيعاز من الأخير- أنصاره إلى الاحتشاد بكثافة في أكثر من ثلاثين مدينية برازيلية، للتأكيد على تمسك الرأي العام به.

أما ساحة المواجهة الثانية فهي القضاء، حيث علق القاضي سيرجيو مورو قرار تعيين الرئيس دا سيلفا في منصب حكومي، معتبرا أن اتخاذ الرئيسة لهذا القرار تدخل  غير ملائم ومدان، ويهدف إلى عرقلة عمل القضاء؛ لأن تعيين الرجل في منصب وزاري يمنحه حصانة من الملاحقة القضائية. ولا يمكن سوى للمحكمة الفيدرالية العليا أن تحقق معه. ومن المعروف أن معظم أعضاء هذه الهيئة موالون للحزب الحاكم.

وبغية تأجيج غضب الرأي العام على الحزب الحاكم عمد القاضي مورو إلى تسريب مكالمة هاتفية مسجلة تقول فيه الرئيسة للولا دا سيلفا «أرسلت لك قرار تعيينك حتى تستعمله إذا اقتضت الحاجة». الأمر الذي اعتبرته المعارضة احتيالا على القضاء والقانون، وإدانة واضحة لأكبر قياديين في الحزب الحاكم.

وإلى جانب الشارع والقضاء تدور مواجهة ثالثة في مجلس النواب، حيث باشر خمسة وستون من أعضائه إلى كتابة تقرير بشأن إقالة الرئيسة ديلما روسيف. ومن المقرر أن يعرض على الهيئة العمومية للمجلس. فإذا صوت الثلثان أي 342 من أصل 513 نائبا يرفع القرار إلى مجلس الشيوخ. فإذا صادق عليه أغلبية مجلس الشيوخ تقصى روسيف على الفور عن منصبها لمدة 180 يوما كحد أقصى، أما قرار عزلها النهائي فهو مرتبط بتصويت مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين أي  54 صوتا من أصل 81.

وبحسب توزع القوى في البرلمان فإن عدد النواب التابعين لائتلاف الحزب الحاكم يبلغ 314، لكن هذا العدد تراجع بعد انضمام كثير من نواب الائتلاف إلى المعارضة بسبب الأزمة الحالية. وبالرغم من ذلك، فإن الحسابات العددية والسياسية تشير إلى صعوبة إقالة روسيف في مجلس النواب.

المصدر: الميادين نت